آلية تطور الأسلحة النارية والبارود وبدايات استخدامهما عبر الزمن
2016 علوم العصور الوسطى المتأخرة وعصر النهضة
جون كلارك مع مايكل ألابي وإيمي جان بيير
KFAS
ابتكر الصينيون البارود خلال القرن الحادي عشر كما أدعى أوروبي أو اثنان اختراعهم له. ويبدو أنهم إما أعادا اختراعه أو تعلما سر صناعته من الرحالين الذين جابوا الصين.
وبغض النظر عن كيفية وصول البارود إلى أوروبا فمن المؤكد أن اختراعه واختراع الأسلحة النارية التي تستخدمه غيرا مسار التاريخ.
يكتنف مصدر البارود الكثير من الغموض، وبخاصة أن مخترعيه عمدوا إلى إبقائه طي الكتمان.
جاء أول ذكر للبارود في مؤلفات الكاتب الصيني تسنغ كونغ ليانغ عام ١٠٤٤ الذي وصف تركيباً لما أسماه « دواء النار». يتكون البارود من مزيج من الفحم النباتي والكبريت والملح الصخري (نيترات البوتاسيوم).
تمزج هذه المركبات بنسب صحيحة فينتج مركب سريع الاشتعال تتكون ٤٠ في المئة من مخلفاته من مواد غازية والبقية مواد صلبة على هيئة أدخنة. وإذا تم الاشتعال داخل حاوية فإن تمدد الغازات الحارة الناتجة يؤدي إلى انفجار الحاوية وصدور فرقعة عالية.
أما إذا تم الاشتعال عند الطرف المغلق من أنبوب مفتوح من طرفه الآخر تدفع الغازات المتمددة ما يعترض طريقها من كرات أو رصاص، ويمثل هذا مبدأ عمل المدفع والأسلحة النارية بعامة.
مع اختراع البارود في بدايات القرن الثاني عشر في الصين ازدهرت الألعاب النارية. وتصف وثيقة تعود إلى حوالي عام ١١٠٠ «الضجيج شبيه البرق»، لكن الألعاب النارية اتخذت في الغالب شكل خيوط من المفرقعات النارية.
أما قنابل البارود فهي بالطبع أكثر خطورة من ذلك. في حوالي عام ١٢٢٠ صنعت الحربية الصينية قنابل ذات أغلفة خارجية قابلة للتبعثر عند انفجارها، وبذلك اخترع الشربنل أو قنابل الشظايا التي يمكنها قتل الأعداء أو تعطيلهم على أقل تقدير.
تبين مطبوعة يابانية تعود لعام ١٢٩٢ انفجار قنبلة، مما يدل على معرفة اليابانيين بالبارود آنذاك. وخلال معركة كيفنغ استخدم الجنود الصينيون القنابل اليدوية وكذلك «السهام النارية» للدفاع عن المدينة.
ويبدو أن السهام النارية لم تكن إلا صواريخ مصنوعة من بارود مكبوس داخل ماسورة من قصب أشجار البامبو. وحتى لا ينفجر الصاروخ داخل الماسورة عند إشعال الفتيل فمن المؤكد أن البارود كان رخو التوزيع. انتشرت معارف صناعة الصواريخ خارج الصين وهناك إشارة إلى الملح الصخري والصواريخ عام ١٢٨٠ في كتاب عن الحروب للكاتب السوري الحسن الرماح.
كان أول ظهور للمدافع البارودية في نهايات الثمانينيات من القرن الثالث عشر عندما استخدمت الحربية الصينية ما سمته «المفجر أو نافث الحمم»، وذلك لإطلاق الصخور على الأعداء.
وفي حوالي عام ١٣٠٠ صنع التقانيون العرب مواسير المدافع من أنابيب البامبو بلف شريط حديدي عليها. أما مواسير المدافع الحديدية فقد كانت تصنع من قضبان من الحديد المطاوع تربط مع بعضها بشريط من الحديد، تشبه الماسورة بذلك البراميل الخشبية.
وخلال حصار كاليه عام ١٣٤٦ استخدم الإنجليز مدافع ذات مواسير مصنوعة من الحديد المطاوع ضد الفرنسيين وأطلقوا عليها مسمى القاذفات، وبعد سنة أنتج صناع البنادق الأوروبيون مدافع تطلق السهام. كما أن أول ماسورة مدفع صبت كقالبٍ من البرونز صنعها الألمان ويعود تاريخها إلى عام ١٣٧٨.
أصبح البرونز المعدن المفضل لصنع مواسير المدافع، وبخاصة للمدافع البحرية ، نظراً لبطئ معدل تصدئه مقارنة مع الحديد. لم يكن بالإمكان في البداية صب قوالب حديد الزهرللمواسير نظراً لتصدع هذه القوالب عند استخدامها في الراجمات، مما يؤدي إلى حدوث انفجارات كارثية عند إطلاق المدافع، إذ يتناثر قالب الحديد المصبوب أجزاء مثل قنبلة.
أما إخفاق المدافع البرونزية فلا ينتج عنه إلا تمزق المواسير وتحطمها وهي نتيجة أقل كارثية. الفرنسيون من جانبهم استخدموا الحديد لصنع قذائف المدافع بدءاً من عام ١٤٩٥، كما تمكن الإنجليز من تصنيع قوالب مواسير حديدية آمنة عام ١٥٤٣.
سميت «الأسلحة الصغيرة»، مقابل المدافع، مسميات عدة في بداية ظهورها من مثل القربينة والهركوبة. اخترعت الأسلحة الصغيرة في إسبانيا خلال أواسط القرن الخامس عشر وكان يتم إطلاق النار بإسناد ماسورة السلاح على الكتف. كما يتم شحن السلاح بالبارود والكرات من خلال فوهة الماسورة ومن ثم إشعال الشحنة بواسطة فتيل في الطرف الأخر منها.
كان نظام الإشعال، بهذه الصفة، يعتمد على فتيلٍ طويلٍ ملفوف على رافعة ويتوهج عند إشعاله على شكل حرف S. لم يكن السلاح دقيق التصويب ولم يتعد مداه ٢٠٠ قدم (١٨٠ م) .
خلال مئة سنة التالية إحتل المسكيت مكان القربينة، كما احتل الزناد ومن بعده الزناد الصواني محل فتيل الإشعال. مثل الزناد الصواني تطوراً هاماً، إذ يمكن الاعتماد على نجاح إشعال البارود بصورة أكبر حتى في الحالات الممطرة.
لقدح الزناد الصواني يقوم المستخدم بصب شحنة البارود في فوهة المسكيت ويتبع ذلك إدخال كرات رصاصية ومن يعدها السِطام الذي يحشر داخل المسكيت لإبقاء الشحنة والكرات في الداخل (المترجم: السِطام قطعة من الليباد أو الورق المقوي توضع فوق البارود وكرات الرصاص لتثبيتها في موضعها من الخرطوشة أو البندقية).
بعدها يقوم المستخدم برش خزان البارود الموجود على جانب آله التفجير بالبارود الناعم ويقدح الشحنة بسحب الزناد إلى الخلف ليصطدم بقطعة صوانٍ في نهاية مساره. نتيجة للاصطدام تتحرك قطعة الصوان إلى الأمام لتصطدم بدورها بقطعة من الفولاذ فتنتج شرارة تشعل البارود في الخزان.
نتيجة لكل ذلك يمتد الإشتعال إلى الشحنة الرئيسية وإطلاق المسكيت. وفي حال عدم اشتعال الشحنة الرئيسية، تسفر العملية عن صدور «وميض» في الخزان ليس إلا.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]