التكنولوجيا والعلوم التطبيقية

آلية تطور السفن الشراعية عبر الزمن

2016 علوم العصور الوسطى المتأخرة وعصر النهضة

جون كلارك مع مايكل ألابي وإيمي جان بيير

KFAS

التكنولوجيا والعلوم التطبيقية

يعود ظهور أول مركب شراعي إلى عصور ما قبل التاريخ المدون، ولذلك فمن المستحيل تحديد مخترعه أو مكان اختراعه بدقة.

لكن من المؤكد أن الأشرعة رفعت على قوارب نهرية على شكل بوارج في بلاد ما بين الرافدين ومصر في حوالي عام 3500 ق.م.

ظهرت أولى الأشرعة على هيئة ملاءة مربعة أو رباعية الشكل مصنوعة من الكتان تعلو صارية واحدة واستخدمت هذه الأشرعة بالإضافة إلى المجاديف لدفع القوارب إلى الإمام لكن استخدامها اقتصر على الإبحار في اتجاه الريح نفسه أو قريباً من ذلك الاتجاه على أبعد تقدير.

بحلول القرن الثالث الميلادي استبدل العرب الأشرعة الرباعية بأشرعة مثلثة الشكل، والتي كانت أكثر قدرة على المساعدة في الإبحار باتجاه أكثر قرباً من اتجاه الرياح.

كانت السفن المشيدة في الشرق الأقصى أكثر السفن تطوراً في ذلك العصر. ففي القرن السادس الميلادي مخرت السفن الصينية الأنهار الواسعة في البلاد والتي تميزت بوجود عددٍ من الصواري «اليِنًك» تحمل أشرعة مربعة الشكل في الأسفل وأخرى مثلثة الشكل في أعلى الصارية.

 

قاد الفايكنج تكنولوجيا صناعة السفن في أوروبا. تزودت سفن الفايكنج الطويلة، الكنور، بطاقة حركتها من المجاديف والأشرعة على حدٍ سواء، واستخدمت في غزو أوروبا ويحتمل وصولهم أيضاً خلال القرن الحادي عشر إلى أمريكا الشمالية.

كانت كل السفن التي صنعت في أوروبا خلال القرن الخامس عشر متراكبة الألواح (ويعني ذلك أن بدنها يحتوي ألواحا خشبية متداخلة). كما أن أشرعتها اتخذت التصميم الرباعي – الذي وفر قدرة كبيرة عند الإبحار مع اتجاه الريح فقط – وضمت أيضاً دفة تحكم مثبته من جانب واحد بمفاصل تعليق.

أما السفن التي كانت تبنى في منطقة الشرق الأوسط فكانت مختلفة تماماً، إذ أن أبدان السفن الأخيرة مصممة على شكل الكرفل (العوارض الخشبية مقطعة على هيئة مربعات، – انظر الإطار إلى اليمين). كما أن صناع هذه السفن هجروا صناعة الأشرعة الرباعية مستخدمين عوضاً عن ذلك الأشرعة المثلثة المصنوعة من الكتان وتعرف باللاتين.

ونظراً لصغر مساحة الشراع المثلث مقارنة بالشراع المربع توفر الرياح قدرة أقل لسفن اللاتين، لكن في مقابل ذلك توفر أشرعة اللاتين إمكانية أكبر للإبحار قريباً من اتجاه الريح مما يساعد على الحركة (في مسار متعرج) بكفاءة أكبر ويؤدي إلى إنقاص المسافة الكلية التي تقطعها السفينة عند إبحارها في مواجهة اتجاه الرياح السائدة.

 

بحلول عام ١٢٠٠ شيدت سفن البحر الأبيض المتوسط لتحتوي على صاريتين وشراعين وسميت سفن الكارفل. ورغم أن الكارفل أسرع من السفن ذات الأبدان المتراكبة المستخدمة في الشمال لكنه أقل متانة منها. وخلال هذا العصر أضحت السفن بنوعيها أطول من سابقاتها. كما شيدت منصات للمعارك سميت قصوراً في صدر (مقدمة) وعجزها (المؤخرة).

من خلال الخبرات التي توافرت أخذ صناع السفن في غرب أوروبا في القرن الخامس عشر الميلادي بتصميم سفن تشمل ميزات كل تقانات النوعين السابقين. فبعض أنواع سفن الكارفل حولت أشرعتها من شكل المثلث إلى الشكل الرباعي، ومن أبرزها سفينة قيادة الرحالة كريستوفر كولومبوس (١٤٥١ – ١٥٠٦) سانتا ماريا.

لكن السفينة المخصصة للإستكشافات كانت دون ريب من نوع القُرقور – سفينة ذات بدن من نوع الكرفل مزود بدفة قيادة مفصلية التثبيت. تضمن التعديل أيضاً بناء قلعة واسعة كبيرة في المؤخرة الدائرية وصارية رئيسية تحمل شراعاً مربعا وصارية «مزينية» تعلو القلعة (أي أقرب إلى مؤخرة السفينة) تحمل شراعاً مثلث الشكل.

وفي وقت لاحق أضيفت صارية ثالثة عند صدر السفينة. علا الصارية الثالثة شراع مثلث الشكل استخدم في البداية كدفة تحكم، لكن في النماذج المتأخرة للقُرقور زيدت مساحة الشراع لزيادة سرعة السفينة بشكل كبير.

 

تتناسب سرعة السفن طردياً مع مساحة أشرعتها، ولذلك حملت القراقير المبنية في نهايات القرن الخامس عشر أشرعة إضافية فوق الصارية الرئيسية في الصدر والعجز، كما أن يعضها حمل شراعا ثالثا منصوباً على الدقل، فوق الشراع الرئيسي الثاني.

وأضيفت صارية رابعة، «البونافنتشر»، للقراقير الأكبر حجماً خلال القرن السادس عشر. تعتبر القراقير بكامل أشرعتها المنصوبة أماكن خطيرة للغاية، إذ أن الحبال المتشابكة مثل خيوط العنكبوت المتدلية تقع تحت تأثير توتر عال ناتج عن ثقل المساحة الهائلة للأشرعة الكتانية. ولذلك استخدمت القراقير بشكل واسع في الرحلات الاستكشافية وفي الحروب.

بحلول القرن السادس عشر شيدت قراقير كبيرة ومتينة بما يؤهلها لحمل المدافع وتحمل قوة ارتدادها (عزم أو كمية حركة الارتداد) عند إطلاقها.

 

وتعتبر السفينة ماري روز أكثر القراقير التي بنيت تطوراً، إذ كانت آلة حربية تجاري في نواحيها المختلفة سنام تكنولوجيا عصرها وجوهرة القيادة في أسطول الملك هنري الثامن (حكم خلال ١٥٠٩ – ٤٧)، وتم إغراقها عام ١٥٤٥.

تطورت سفن الغليون من القراقير. تميز الغليون ببدن أطول ودفة تحكم مسطحة ضيقة وتثبيت مجداف أمامي مستدق طرفه باتجاه تمثال في مقدمة السفينة مثبت تحت صارية أمامية مدببة (الدقل).

أدت هذه التعديلات على التصميم الأصلي للقرقور إلى تشييد سفينة أعلى سرعة وأكثر ثباتاً وأقل احتمالاً من أن تدفعها الرياح العاتية عن مسارها.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى