أدوات وإنجازات سكان الصحراء
2013 دليل الصحارى
السير باتريك مور
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
التاريخ علوم الأرض والجيولوجيا
يعيش سكان الصحراء في البعض من أشد بيئات العالم قسوة. ويتعين على اولئك الذين يعيشون في الصحارى الشرق أوسطية التكيف مع درجات حرارة لافحة خلال النهار يعقبها ليل قارس البرودة. وتتباين الظروف بشكل دراماتيكي في المناطق شبه الجافة من شمالي آسيا خلال عام واحد.
وفي صحراء غوبي (Gobi) يمكن أن تنخفض درجات الحرارة في فصل الشتاء الى 40 درجة مئوية تحت الصفر، وأن ترتفع في فصل الصيف حتى 45 مئوية. واضافة الى ذلك تكون نوعية تربة الصحراء ضعيفة جداً وفي بعض الأحيان، كما هو الحال في أنحاء من صحراء غوبي، لا توجد تربة.
وعدم وجود تربة، حتى اذا توافر الماء. يجعل من المستحيل زراعة النبات أو رعي المواشي. والمشكلة الرئيسة العامة لدى كل شعوب الصحراء هي بالطبع نُدرة الماء.
الإنتقال بأحمال خفيفة
إن قلة النباتات والتغيرات الموسمية الحادة تحتم استراتيجيات تجمعات الصيد والبداوة الزراعية والرعوية باعتبارها السبل القديمة الوحيدة الممكنة من أجل البقاء. وبالنسبة الى البدو يتعين أن تكون كافة الممتلكات والمقتنيات سهلة الحمل.
ولا يدفع ذلك البدو الى عدم تكديس مقتنيات في المقام الأول فقط، بل انه يضمن أيضاً أن تكون تلك الأشياء خفيفة أو يمكن الإستغناء عنها. والأروميون (Aborigines) الأستراليون في المناطق الجافة، وربما من بين كل شعوب الصحارى، يحملون في تنقلاتهم المقتنيات الأقل.
وهم يتنقلون عادة في مجموعات عائلية صغيرة فقط، ويحتاجون الى مأوى صغير. ومن أجل حماية أنفسهم من الريح الشديدة التي تجتاح الصحارى الاسترالية، قام الأروميون بصنع وقاء من الريح من شجيرات مغطاة بأغصان مقطوعة أو لحاء الشجر.
وإذا أصبح الطقس بارداً بصورة مفاجئة فإنهم يخلدون الى النوم على مقربة من كلابهم طلباً للدفء. وعند السفر يحمل الرجال أسلحة بسيطة من أجل الصيد، مثل الرماح أو البمرنغ (Boomerangs) (قطعة خشبية معقوفة) فيما تحمل النساء أوعية خشبية عميقة لجمع الفواكه وثمار العليق (التوت).
وفي بعض المناطق يتم حمل سلال مصنوعة من اللحاء المطلي أو المجدول لجمع الفواكه، كما تستخدم أكياس الماء المصنوعة من جلد الكنغر في المناطق شديدة الجفاف.
وبالنسبة الى «سان» (San) أو رجال الأدغال (Bushmen) في كالاهاري، يتم استخدام عصا طويلة حادة من أحد طرفيها من أجل انتزاع الجذور والدرنات، والتي تُشكل مع التوت والفواكه، الجزء الأكبر من طعامهم. وفيما كانت النساء مسؤولة عن جمع الثمار والجذور انهمك الرجال في الصيد. وكانوا يستخدمون لهذه الغاية قوساً خفيفاً وسهماً مسموم الرأس من أجل قتل الظبيان وصغار ثدييات الصحراء.
قبائل البدو في الشرق الأوسط وآسيا، مقارنة بالأورميين الاستراليين أو «سان» في كالاهاري، ترتحل في مجموعات أكبر وتكون في حاجة الى حماية أكثر من عناصر الطبيعة. وعلى أية حال فإن ندرة، أو عدم وجود، حياة نباتية في المناطق شبه الجافة في الشرق الأوسط وآسيا توفر قلة من المواد الخام لتلبية متطلبات سكانها.
وفي معظم تلك الصحارى، على سبيل المثال، يندر وجود الخشب إلا في جذوع أشجار النخيل، وحتى ذلك الخشب يتمتع بالقليل من خصائص الأخشاب المعتدلة أو الإستوائية. ويتوافر العشب والقصب (Reeds) بكثرة في وديان الأنهار، ولكن ذلك يمكن بلوغه من قبل عدد محدود من سكان تلك الصحارى.
وتنمو أنواع قليلة من العشب المقاوم للجفاف في أطراف الصحراء وهي متوافرة لأعداد أكبر كثيراً من سكان الصحراء. وتستعمل هذه المواد في بعض الأحيان من أجل صنع وسائل لتخزين وحمل الطعام.
وعلى الرغم من أن بعضاً من الشجيرات المقاومة للجفاف تنمو وتستخدم لبناء مأوى فإن الأكثر شيوعاً يتمثل في توفير الإبل والماعز والياك (Yaks) «نوع من الثيران» والغنم مصادر ألياف وجلود يستخدمها سكان الصحراء لبناء خيامهم.
تغير الأساليب والوسائل
الأنظمة الاقتصادية الحديثة، وأنظمة البناء والنقل المرتبطة بها كانت لها أيضاً تأثيراتها القوية جداً على حياة الأشخاص الذين يعيشون في صحارى أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط. وقد انخفضت بصورة جذرية نسب الناس الذين يحصلون على القوت عبر ممارسات بدوية وذلك منذ الخمسينات من القرن الماضي.
وفي ذلك الوقت، وفي العديد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مثل المملكة العربية السعودية ودولة الامارات وليبيا كان أكثر من 20 في المئة من السكان يعيشون البداوة. وبحلول عام 1990 وصلت النسبة الى أقل من 3 في المئة كما استمر العدد في التراجع.
والأماكن التي تمكنت فيها الحِرَف والتقاليد المبدعة من البقاء كانت حيث لم تؤثر عائدات النفط بقوة على الاقتصادات المحلية. وفي اليمن وايران وفي بعض أنحاء تركيا، وفي أفغانستان وصحارى آسيا الوسطى لا تزال تشاهد طرق الحياة التقليدية وصناعات شعوب الصحراء بدرجة كبيرة وبارزة.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]