أنواع التعاريف التي صاغها علماء النفس لـ”الذكاء” وكيفية قياس درجته عند الإنسان
1999 موسوعة الكويت العلمية الجزء العاشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
تعاريف الذكاء كيفية قياس الذكاء عند الإنسان العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة
يشيرُ الذَّكاءُ إلى فاعليّةِ العملياتِ العقليةِ للفردِ، وخاصَّةٍ قدراتُهُ على الفهمِ والتعلُّمِ، والتَّذَكُّرِ، والتَّفكير.
ولأنّنا لا نستطيعُ أن نلاحظَ أو نقيسَ العقلَ، فإنَّنا نَستدِلُّ على ذكاءِ الفردِ من سلوكهِ في المواقفِ المختلفةِ.
وبصفةٍ عامَّةٍ يَنْظُرُ العلماءُ إلى الذَّكاءِ على أنَّهُ قُدرةُ المُخِّ الفِطريَّةِ التي تُمَيِّزُ الإنسانَ من الحيواناتِ العُليا ومن الكائناتِ البسيطةِ، والأفرادِ العباقرةِ عن الأشخاصِ العاديِّينَ.
ولقدْ حاوَلَ عُلَماءُ النَّفْسِ تعريفَ الذّكاءِ، ولكنهمْ اختلفُوا حولَ هذا التَّعريف، ولذلكَ لا يوجَدُ تعريفٌ واحدٌ للذَّكاءِ يتَّفِقُ حولَهُ عُلَماءُ النَّفْسِ.
ويمكنُ تقسيمُ التَّعريفاتِ التي صاغَها علماءُ النَّفْسِ إلى خمسةِ أنواعٍ هيَ:
1 – التَّعريفُ الذي يُرَكِّزُ على تَوافُقِ الفردِ مع البيئةٍ التي يعيشُ فيها.
2 – التعريفُ الذي يُركّز على القدرةِ على التَّعَلُّم.ِ
3 – التعريفُ الذي يركِّزُ على القدرة على التفكير.
4 – التعريفُ الذي يتضمَّنُ كثيراً من الوظائفِ السلوكيَّةِ التي يَتَّصِفُ بها السلوكُ الذَّكيُّ.
5 – أمّا النوعُ الخامِسُ من التَّعريفاتِ فهوَ تعريفٌ عَمَليٌ يُحاوِلُ تحاشي الاختلافاتِ بين العلمَاءِ حولَ تعريفِ الذكاء.
ويقول هذا التعريف إن الذَّكاءَ هو ما تقيسُهُ اختباراتُ الذكاء. وقد يكونُ هذا التعريفُ الأخيرُ أكثرُ فائدةً من الناحيةِ العمليَّةِ والعلميَّةِ.
وأوضحتْ بحوثُ علماءِ النَّفْسِ أنَّ الذَّكاءّ يتضمنُ عوامِلَ متعدِّدَةً متميَّزَةً مثل: القدرةِ اللفظيَّةِ، والمكانيَّة، والقدرةِ على التذكُّرِ، والقدرةِ على الفهم.
ويُفَضِّلُ العلماءُ بناءً على ذلكَ فهمَ الذّكاءِ على أنَّهُ مجموعُ عددٍ كبيرٍ متنوِّعٍ متكاملٍ ومتداخلٍ من المهاراتِ أو القُدراتِ وليسَ مَلَكَةً واحدة.
قياس الذَّكاءِ:
مِنْ أوائِلِ مقاييسِ الذكاءِ كانَ مقياسُ بينيه – سيمون الذي نُشِرَ في فرنسا عامَ 1908، ويتكوَّنُ من واجباتٍ قصيرةٍ تمدُّنا بعيِّنَةٍ من التفكيرِ الذَّكيِّ، ويمكنُ استخدامُهُ فرديّاً أو جمعياً.
ودرجةُ الطِّفلِ تتكوَّنُ من مستوى العمرِ العقليِّ للواجباتِ التي يُتِمُّها بنجاحٍ. والنِّسْبَةُ بينَ عمرهِ العقليِّ وعمرهِ الزمنيِّ تعطينا نسبةَ ذكائِهِ.
ولكنْ عندنا الآن عددٌ من مقاييس الذَّكاءِ الأخرى. ويحصلُ الفردُ متوسِّطُ الذَّكاءِ على درحة 100، أمّا ضِعافُ العقولِ فيمكنُ أن يحصلوا على درجاتٍ مُنْخَفِضَةٍ قدْ تصلُ إلى 40 وأقلّ، أما مُرْتَفعو الذّكاءِ فيمكنُ أن يَحصْلوا على 140 أو أعلى.
وقد أُجْرِيَتْ دراساتٌ متعددةٌ لتحديدِ دَوْرِ الوِراثَةِ ودَوْرِ البيئةِ في الذَّكاءِ، أيْ هلْ يرثُ الإنسانُ الذكاءَ أم يكتسبُهُ بعد الولادَةِ.
ويبدو من نتائجِ هذهِ الدراساتِ، على وجهٍ عامٍ، أنَّ الوِراثَةَ تقومُ بالدورِ الأكبرِ في تحديدِ درجةِ ذَكاءِ الفردِ، وأنَّ الفروقَ الكبيرةَ بين الأفرادِ في الذكاءِ ترجِعُ إلى الوراثَةِ أكثرَ مِمَّا ترجعُ إلى البيئةِ، وهذا يعني أنَّ للبيئةِ دوراً أيضاً في تحديدِ ذَكاءِ الأفراد.
ويرى عُلَماءُ النفسِ أنَّ هناكَ فُروقاً بينَ الأفرادِ في الذكاءِ، مثلَ الفروقِ التي بينهمْ في الطولِ والوزْنِ، فيكونُ معظمُ الناسِ متوسطينَ في الذكاءِ، ويقلُّ عددُ الأفرادِ تدريجيًّا كلَّما ابتعدنا عن المتوسِّطِ.
فنجدُ عند الطرفِ الأعلى من المُنحنَى عدداً قليلاً منَ الأفرادِ على مستوىً عالٍ جدًّا في الذكاء، وعند الطرفِ الأدنَى من المُنحنَى عدداً قليلاً من الأفرادِ على مستوىً ضعيفٍ جدًّا من الذكاء.
أمَّا عن نُموِّ الذكاءِ أو القدرةِ العقليةِ في الفردِ، فمنَ الواضحِ علميًّا أنَّ الذكاءَ ينمو بتقدُّم السنِّ، فالمستوَى العقليُّ للطفلِ يرتفعُ كُلَّمَا تقدمَ في السنِّ. فالطفلُ الأكبرُ سنًّا أقدرُ على الفهم والتعلُّمِ وحلِّ المشكلاتِ من الطفلِ الأصغرِ سنا.
وأوضحت الدراساتُ المختلفةُ أيضًا أنَّ نُمُوَّ القُدْرَةِ العقليَّةِ يكونُ – مثلَ جوانبِ النموِّ الأُخرى في الفردِ – سريعًا في السنواتِ الأولى من حياةِ الفردِ، ثم يَبْطُؤُ نموُّها عندما يقتربُ الفردُ من سنِّ العشرينَ. وتصلُ هذه القدرةُ العقليةُ إلى أقصى نُمُوٍّ فيما بينَ سنِّ العشرينَ والثلاثينَ.
ولكنْ.. هل الطفلُ الذكيُّ سيكونُ راشداً ذكيًّا؟ بمعنى آخر هل نسبةُ الذكاءِ ثابتَةٌ طوالَ عمرِ الفردِ؟
لقد أُجريَتْ دراساتٌ عديدةٌ حولَ هذا الموضوعِ، ويمكنُ الخروجُ منها بنتيجةٍ عامَّةٍ تقولُ إنَّ الشخصَ العاديَّ يصلُ إلى نسبةِ ذكاءِ ثابتةٍ تقريباً تُحَدِّدُ درجةَ ذكائِهِ بالنسبةِ لأقرانِهِ ابتداءً من سنِّ الخامسَةِ وحتى حوالي سنِّ الأربعينَ.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]