العلوم الإنسانية والإجتماعية

أهداف “اتفاق الإثبات”

1995 الحاسوب والقانون

الدكتور محمد المرسي زهرة

KFAS

اتفاق الإثبات الحاسب الالكتروني العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة

لكي نستطيع "ترسيم" حدود صحة اتفاق الإثبات ، يجب – بداءة – أن نحدد الغرض أو القصد من هذا الاتفاق. 

ويجب – من أجل ذلك –  بحث كافة الآثار الممكنة التي تترتب على مثل هذه الاتفاقات بالنسبة لإقامة الدليل بوجه عام .

ويمكن – في هذا الصدد – التفرقة بين مسائل ثلاث على قدر كبير من الأهمية في مجال الإثبات : قبول أدلة الإثبات ، عبء الإثبات ، حجية دليل الإثبات .  فقبول دليل معين في الإثبات يتوقف على تكييف محل النزاع : تصرف قانوني أو واقعة قانونية  

فإذا كان تصرفاً قانونياً مدنياً أو تجارياً ، فلا يجوز – قانوناً – إثباته إلا بالكتابة في حدود معينة .  فالدليل الكتابي إذن هو الدليل الأساسي المقبول – قانوناً – لإثبات التصرفات القانونية.  وهنا قد يكون "هدف" إتفاق الإثبات هو قبول وسائل اخرى – غير الكتابة – في إثبات التصرف محل النزاع . 

 

فالغرض من اتفاق الإثبات – هنا – هو تحديد الأدلة المقبولة في الإثبات .  سواء الكتابة فقط حتى ولو كانت قيمة التصرف أقل من خمسمائة دينار ، أو كافة وسائل الإثبات (البينة والقرائن) اياً كانت قيمة التصرف محل النزاع (حتى ولو كانت اكثر من خمسمائة دينار) .

كما أن اتفاق الإثبات يمكن أن يهدف – من ناحية أخرى – إلى تحديد "حجية" الدليل المتفق عليه وقوته في الإثبات.  فالاتفاق لا يكتفي – هنا – بتحديد الوسائل المقبول في الإثبات ، بل يتجاوز ذلك إلى تحديد "قيمة" هذا الدليل أو ذاك في الإثبات .

ونعتقد أن هذه التفرقة الجوهرية من حيث "هدف" اتفاق الإثبات تساعد على "ترسيم" حدود صحة اتفاق الإثبات .

 

أولاً : تحديد الأدلة المقبولة في الإثبات

رأينا أن القانون في مصر والكويت وفرنسا يفرق – من حيث وسائل الإثبات – بين التصرفات القانونينة والوقائع القانونية : فالاولى لا يجوز إثباتها إلا بدليل كتابي كقاعدة بالنسبة للمسائل المدنية ويجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات في المسائل التجارية .  والثانية يجوز إثباتها بالبينة والقرائن .  ولا ريب في أن طلب الإثبات بالكتابة قد يبدو غير ملائم – عملاً – في كثير من الحالات .  وقد يرى الأفراد التخلص من هذا القيد والاتفاق على مبدأ الإثبات الحر . 

أي الإثبات بكافة طرق الإثبات ، ويترك للقاضي ، بذلك ، حرية تقدير كافة عناصر الإثبات المقدمة من الخصوم .  وهكذا بدلاً من التقيد بوسيلة إثبات معينة ، يمكن بمقتضى اتفاق الإثبات – قبول كافة الوسائل في الإثبات .  وللقاضي تكوين عقيدته واقتناعه حسب تقديره للأدلة المقدمة للمحكمة .

ونعتقد أن اتفاق الإثبات يكون – في هذه الحالة صحيحاً – فالقانون قد حدد الوسائل التي يجب اللجوء إليها في الإثبات . 

 

بل ولم يُجز الإثبات إلا ببعضها في بعض الحالات.  لكنه أجاز – فيما عدا ذلك – الاتفاق بين الأطراف على اختيار بعضها دون البعض الآخر، او الاتفاق على قبولها جميعاً في الإثبات .  ولعل في نص المادة 39 إثبات يؤيد هذه الوجهة من النظر . 

فالمادة السابقة تنص على أنه : "في غير المواد التجارية ، إذا كان التصرف تزيد قيمته على خمسمائة دينار أو كان غير مجرد القيمة، فلا تجوز شهادة الشهود في إثبات وجوده أو انقضائه ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك".

فالنص ، بهذه الصورة ، لم يعرض إلا لتحديد وسائل إثبات التصرفات القانونية ، ووسائل إثبات – بمفهوم المخالفة – الوقائع القانونية .  ولذلك فإن إجازة الاتفاق على خلاف ذلك لا يرد إلا على الأحكام التي يتضمنها النص فقط .  والنص لم يحدد سوى الوسائل المقبولة في الإثبات .

لكن القول بصحة اتفاق الإثبات في مثل هذه الفروض لا يعني سوى قبول الوسائل المتفق عليها في إثبات الواقعة محل النزاع .  أما تحديد "حجية" هذه الوسائل وقوتها في الإثبات ، فهو أم يُترك تقديره لقاضي النزاع .  فقبول الدليل في الإثبات شيء، وحجيته شيء آخر .

 

ثانياُ:  تحديد "حجية" أدلة الإثبات

والفرض – في هذه الحالة – أن الاتفاق "يهدف" إلى تحديد حجية أدلة معينة وقوتها في الإثبات ، فليس القصد أو الغاية من وراء الاتفاق تحديد وسائل إثبات الواقعة محل النزاع ، وإنما إضفاء "حجية" معينة على هذا الدليل أو ذاك . 

كالاتفاق مثلاً على أن "مخرجات" الحاسب،  شريط ورقي مثلاً ، لها حجية قاطعة في الإثبات ، أو لها حجية "بداية" الثبوت بالكتابة .

فالاتفاق – هنا – لم يحدد فقط وسيلة الإثبات بل حدد – مقدماً – قوتها في الإثبات .  ومن هذا القبيل ما تنص عليه المادة 8 من الأحكام والشروط الخاصة بخدمات الوطني أكسبرس (بنك الكويت الوطني) : " يُقر العميل بصحة دفاتر البنك وحساباته وبأنها تعتبر دليلاً قاطعاً على ما يستحق عليه من التزامات ناشئة عن استعمال العميل أو الغير للبطاقة والرقم …". 

فالشرط السابق لم يكتفِ بتحديد أن دفاتر البنك وحساباته تُعتبر دليلاً مقبولاً في الإثبات ، وإنما أضفي عليها "حجية" مطلقة في إثبات حقوق البنك" .

 

والحقيقة أن اتفاقات الإثبات – لا تفرق – من الناحية العملية – بين قبول السوائل المتفق عليها في الإثبات ، ويين "قوة" هذه الوسائل وحجيتها في الإثبات . 

بل إن الأحكام القضائية ذاتها والتي أقرت بصحة مثل هذه الاتفاقات لم تفرق – هي الأخرى – بين "القبول" من ناحية ، "والحجية والقوة" من ناحية أخرى .

فالاتفاق على الوسائل المقبولة في الإثبات جائز وصحيح بصريح نص المادة 39 إثبات كويتي كما رأينا ، فما مدى صحة الاتفاق على "حجية" هذه الوسائل وقوتها في الإثبات ؟

تأتي الصعوبة ، بل والخطورة ، في مثل هذا الفرض إذا اتضح للقاضي أثناء نظر النزاع أن الدليل الذي أضفة عليه الاتفاق "حجية" معينة لا تتوافر فيه الشروط التي حددها القانون لهذه الحجية .  ولذلك فهو – أي القاضي – لم يطمئن إلى هذا الدليل ، ولم يقتنع – حسب ما يمليه عليه ضميره – بالحكم لمن قدم الدليل . 

 

وهنا يثور التساؤل التي : هل يحكم القاضي لصاحب الدليل بالرغم من عدم توافر شروط حجيته قانوناً ولمجرد الاتفاق بين الطرفين على حجيته ، أم يستبعد القاضي الاتفاق ، ويُعمل سلطته التقديرية في تقدير حجية الدليل المقدم وقوته في الإثبات؟

يصعب القول – في نظرنا – بإعمال حكم الاتفاق كما تم بين الطرفين بسبب النتائج الخطيرة التي تؤدي إليها . 

ويكفي – دليلاً على ذلك – مجرد قراءة بعض شروط البطاقة الزرقاء في فرنسا ، التي تسمح للبنك – في حالة الشراء بالتليفون – أن يًضيف "الحساب" إلى مديونية صاحب البطاقة على أساس التسجيلات التي يقدمها التاجر ، حتى ولو لم توجد "فاتورة" موقعة من صاحب البطاقة . 

والمقصود – هنا – مجرد تسجيلات صوتية يمكن بسهولة التلاعب فيها .  وإذا أمكن القول بقبول التسجيلات الصوتية ، بحكم الاتفاق ، كدليل إثبات فإن حجيتها تبقى – في اعتقادنا – خاضعة لتقدير القاضي حتى ولو أضفي إليها الاتفاق حجية في الإثبات .  إذ يجب ان تبقى هذه "الحجية" خاضعة لأحكام القانون .

 

فالمشرع قد نظم "حجية" أدلة الإثبات التي كفلها ، وبيّن حدود هذه الحجية وطرق وكيفية إنكارها وإثبات عكسها .  ولذلك نص في المادة 9 إثبات كويتي على أن :

" الورقة الرسمية حجة على الكافة بما دوّن فيها من أمور قام بها محررها في حدود مهمته أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره ما لم يتبيّن تزويرها بالطرق المقررة قانوناً ".  فالورقة الرسمية حجيتها مطلقة قبل الكافة لا يجوز دحضها إلا بطريق التزوير فقط . 

ويفرق الفقه والقضاء، – في هذا الصدد – بين نوعين من البيانات التي تتمضنها الورقة : بيانات أو وقائع قام الموظف بإثباتها في حدود مهمته باعتبار أنه تولى تدقيقها بنفسه . 

وهذا النوع من البيانات لا يجوز إنكار حجيته إلا بطريق الطعن بالتزوير فقط .  أما البيانات التي يثبتها الموظف باعتبارها واردة على لسان ذوي الشان دون الإقرار بصحتها ، فيجوز لصاحب المصلحة إثبات عكسها بالكتابة أو ما يقوم مقامها .

أما بالنسبة للورقة العرفية، فقد نص المشرع الكويتي في المادة 13 إثبات على أنه: " تعتبر الورقة العرفية صادرة ممن وقعها ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة …".

 

ويترتب على ذلك أن حجية الورقة العرفية يجوز دحضها إما بإنكار التوقيع ، الشرط الأساسي لصحتها ، أو بإثبات عكسها بالكتابة او ما يقوم مقامها .  فإذا قضت المحكمة بصحة التوقيع لم يكن أمام الموقِّع ، إذا اراد إنكار حجية الورقة العرفية ، إلا أن يطعن فيه بالتزوير .

توضح النصوص السابقة الحدود التي وضعها المشرع ، في مصر والكويت ، لحجية الدليل الكتابي، سواء كان ورقة رسمية أو ورقة عرفية ، وكيفية إنكار هذه الحجية وطرق الإنكار . 

فهل يجوز الاتفاق على تغيير حدود ونطاق هذه الحجية، أو تعديل طرق إنكارها ؟ كأن يتم الاتفاق مثلاً على جواز إنكار حجية الورقة الرسمية بأي وسيلة أخرى بدلاً من الطعن بالتزوير ، أو الاتفاق على أن حجية الورقة العرفية مطلقة لا يجوز إثبات عكسها باي طريق من طرق الإنكار .

 

نبادر – بداءة – باستبعاد النوع الأول من البيانات الواردة في الورقة الرسمية السابق الإشارة إليه .  فهذا النوع من البيانات يتعلق – على سبيل الاستثناء – بالنظام العام – ومن ثم، لا يجوز الاتفاق على إثبات عدم صحة هذه البيانات بالطرق العادية ، ولا يجوز – من ثم – إنكار حجيتها إلا عن طريق الطعن بالتزوير. 

ويرجع ذلك إلى أن حجية هذه البيانات مستمدة مما وضعه المشرع من ثقة في الموظف العام .  وهي ثقة لا يجوز التشكيك فيها إلا بالطريق الذي حدده المشرع، وهو الطعن بالتزوير .

أما بالنسبة للنوع الثاني من البيانات ، وهي تلك التي قام الموظف بتدوينها على مسئولية ذوي الشأن وبناء على ما سمعه منهم دون أن يكون له تحري صحتها ، فحكمها لا يختلف عن حكم البيانات الواردة في الورقة العرفية من حيث حجيتها .

 

وفي اعتقادنا أن الأمر لا يجب أن يخرج عن أحد احتمالين :

الاحتمال الأول : التفرقة بين القواعد المنظمة لأدلة الإثبات والقواعد المنظمة لحجية الأدلة :

يجب – بداءة – التمييز بين القواعد الإجرائية للإثبات ، والقواعد الموضوعية .  فالنوع الأول ينظم الإجراءات التي يتعين اتباعها أمام المحاكم ، والمواجهة بالأدلة . 

وهو بذلك جزء من نظام التقاضي يتعلق بتسيير أعمال السلطة القضائية .  ومن ثم لا يملك الخصوم تغييره لتعلقه بالنظم العام . 

 

أما بالنسبة للقواعد الموضوعية ، فيجب – في نظرنا – التفرقة بين القواعد التي تتعلق بأدلة الإثبات وقبولها ، والقواعد التي تتعلق بحجية الأدلة في الإثبات وحدود هذه الحجية وطرق إنكارها ، وإثبات عكسها . 

ونعتقد أن النوع الثاني من القواعد يجب اعتباره من النظام العام .  فالحجية لا تتعلق بمصالح الأفراد الخاصة ، وإنما ترتبط بحسن أداء القضاء لوظيفته . 

القاضي لا يجب – بأي حال من الأحوال – أن يحكم لصالح هذا الخصم او ذاك إلا إذا اطمأن إلى الدليل المقدم في الإثبات ، بحيث إذا لم يطمئن ضميره إليه ، وجب عليه أن يرفض هذا الأطراف – مثلاً – على قبول الشهادة في إثبات واقعة معينة ، وأن شهادة الشاهد (زيد من الناس مثلاً) دليل قاطع في الإثبات . 

فإذا ما تبيّن القاضي كذب الشاهد ؛ هل يأخذ بشهادته – رغم ذلك – لمجرد الاتفاق على حجية شهادته ؟ أعتقد أن الإجابة بالإيجاب ستؤدي – بالضرورة – إلى زعزعة الثقة في القضاء ، بل والتشكيك في نزاهته . 

 

فهناك مصلحة عامة في أن يقوم الجهاز القضائي بوظيفته على أحسن وجه بإظهار الحقيقة وكشفها للجمهور – وبذلك – يثق الخصوم في قضائهم ، وتؤدي العدالة وظيفتها على أحسن وجه .

ويترتب على هذا التحليل ، إذا ما صح ، أنه لا يجوز الاتفاق على خلاف القواعد المنظمة لحجية أدلة الإثبات .  فحجية الدليل يجب – في كل الأحوال – أن تترك لتقدير القاضي ومدى اقتناعه به في تكوين عقيدته . 

ولا يُعقل ان يفرض عليه حجية دليل معين لمجرد أن الأفراد قد اتفقوا على حجيته ، دون أن يطمئن إليه ضميره .

 

الاحتمال الثاني : الاتفاق لا يسلب القاضي سلطته التقديرية .

اما إذا كان لا بد من القول باعتبار القواعد الموضوعية للإثبات لا تتعلق ، كقاعدة – بالنظام العام – ومن ثم يجوز الاتفاق على خلاف حكمها ، فإن هذا الاتفاق لا يجب – إذا ما صح – أن يسلب القاضي سلطته التقديرية في تقدير الدليل المتفق عليه في الإثبات . 

فإذا اعتبرنا الاتفاق صحيحاً ، سواء تعلق بقبول الدليل أم بحجيته ، فإن هذا الاتفاق لا يجب أن يقف عقبة أمام ممارسة القاضي لسلطته التقديرية لتقدير حجية الدليل المقدم في الإثبات ، ومدى توافر شروط هذه الحجية . 

 

وتبدو أهمية الاعتراف للقاضي بمثلهذه السلطة التقديرية خصوصاً في مجال التعامل بالحاسب الإلكتروني .  فالحاسب يخضع – في استعماله – لسلطته من يستعمله .  ومن ثم فإن إمكانية التلاعب – رغم صعوبتها – تظل قائمة . 

ولذلك فإن إعطاء القاضي سلطة تقديرية – حتى مع وجود اتفاق الإثبات – سيُمكّنه من التحقق من عدم وقوع أي تلاعب في مراحل استعمال الحاسب . 

ومن ثم يُمكنه استبعاد الدليل الذي لا يطمئن إليه إذا شك في وقوع أي تلاعب ، حتى ياتي حكمه – في النهاية – قائماً على عقيدة واقتناع ، ومتفقاً مع الحقيقة .

 

ثالثاً: تحديد عبء الإثبات

رأينا من قبل أن عبء الإثبات يقع على عاتق منيدعي خلاف الظاهر اصلاً او فرضاً أو عرضاً .  وهي القاعدة التي يُعبر عنها المشرع الكويتي في المادة الأولى بقوله : "على الدائن إثبات الالتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه".

والمسلم بغير خلاف ، فقهاً وقضاء، ان هذه القاعدة – وإن كانت تضع أصلاً من أصول التقاضي – لا تتعلق بالنظام العام .  فهي تحدد مراكز المتقاضين في كل قضية ، وهي مصلحة خاصة يجوز من ثم الاتفاق على خلاف حكمها .

وقد جرت العادة ، بالنسبة لغالبية اتفاقات الإثبات ، على اعتبار دليل أو أدلة معينة حجة في الإثبات ما لم يثبت العكس . 

لا يمكن القول – في نظرنا – ببطلان مثل هذا الاتفاق .  فهو من ناحية لم يحرم القاضي من سلطته في تقدير أدلة الإثبات المقدمة ، سواء الدليل المتفق عليه ، أو الدليل العكسي . 

 

كما أنه – من ناحية أخرى – لم يُحرم أحد الطرفين من حقه في الإثبات كلية . فما زال أمامه إمكانية إثبات عكس الدليل المتفق عليه ، أو التشكيك – على الاقل – في حجيته .

لكن مثل هذا الاتفاق يُقيم بذلك قرينة لصالح أحد الطرفين .  فهل يجوز إنشاء قرينة اتفاقية ؟ من المسلم أن القرائن نوعان : نوع يستنبطه قاضي الموضوع من وقائع الدعوى المعروضة أمامه ، ونوع يستنبطه المشرع نفسه مما يغلب وقوعه في الحياة العملية ، وينص عليه صراحة.

وإذا قيل بصعوبة إنشاء قرينة اتفاقية في ظل هذا التقسيم للقرائن ، فإنه يمكن تفسير الاتفاق السابق على أنه قلب لعبء الإثبات ، وهو اتفاق جائز قانوناً .  فالعمليات التي تتم ، في فرنسا ، بالبطاقة الزرقاء يُفترض – حسب الاتفاق – انها صحيحة . 

 

ويقع عبء إثبات العكس على حامل البطاقة .  كأن يثبت مثلاً أن العملية تمت بوساطة شخص آخر وأنه ليس هو الذي استخدم البطاقة . 

والواقعة محل الإثبات – هنا – هي واقعة سلبية fait négative.  وإثباتها لا يتم بطريقة مباشرة ، وإنما عن طريق إثبات نقيضها الإيجابي. 

وإن كان البعض يرى أن إثبات مثل هذا الأمر ليس دائماً متيسيراً من الناحية العملية – فليس هناك – بالنسبة لبطاقات الائتمان نقيض إيجابي "مباشر وكامل".  وقد يجد صاحب البطاقة صعوبة بالغة في إثبات أنه ليس صاحب "أمر" السحب أو الوفاء .

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى