العلوم الإنسانية والإجتماعية

أهمية تحقيق المساواة بين الجنسين في العلم والتقانة

1998 تقرير1996 عن العلم في العالم

KFAS

تحقيق المساواة بين الجنسين العلم والتقانة العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة

لماذا ينبغي على الحكومات والأوساط العلمية العالمية أن تعالج البعد الجنساني لتطوير العلم والتقانة؟

من البديهي أن اعتبارات الإنصاف وحقوق الإنسان هي التي تحفز كبار واضعي السياسة العامة.

وهذا الالتزام الأساسي مكرس في ميثاق الأمم المتحدة للحقوق الذي وقعته الدول الأعضاء في عام 1945.

وبعد خمسين عاماً وما زالت هذه المبادئ ملزمة بالقدر نفسه.

ففي عام 1995، أصدر الفريق العامل المعني بالجنسانية التابع للجنة الأمم المتحدة المعنية بتسخير العلم والتقانة لأغراض التنمية تقريره النهائي المعنون: تسخير العلم والتقانة للتنمية البشرية المستدامة: الأبعاد الجنسانية [Science and Technology for Sustainable Human Development: The Gender Dimension (GWG-UNCSTD, 1995b) ]

 

ودعا فيه الحكومات إلى تأييد إعلان نوايا يحدد ستة أهداف لتحقيق المساواة بين الجنسين في العلم والتقانة على النحو التالي:

– ضمان التعليم الأساسي للجميع مع التأكيد بوجه خاص على محو الأمية العلمية والتقانة، حتى يمكن لكل النساء والرجال أن يستفيدوا من العلم والتقانة لتلبية حاجاتهم الأساسية.

– ضمان فرصة متساوية للرجال والنساء في الحصول على تدريب متقدم في العلم والتقانة وممارسة المهن التقانية والعلمية والهندسية.

– تحقيق العدالة الجنسانية في مؤسسات العلم والتقانة، بما في ذلك أجهزة رسم السياسات واتخاذ القرارات.

– ضمان مراعاة احتياجات وتطلعات النساء والرجال على قدم المساواة عند وضع أولويات البحث، وعند تصميم التقانات الجديدة ونقلها وتطبيقها.

– ضمان وصول جميع الرجال والنساء على قدم المساواة إلى المعلومات والمعارف، وخصوصاً المعارف العلمية والتقانية، التي يحتاجون إليها لتحسين مستوى معيشتهم ونوعية حياتهم.

– الاعتراف بمنظومات المعرفة المحلية، حيثما وجدت، وطبيعتها الجنسانية بوصفها مصدر معرفةٍ يكمِّل العلم والتقانة الحديثين، وبوصفها أيضاً مصدراً قيِّماً للتنمية البشرية المستدامة.

 

وقد تحدث <J. أولدام>، رئيس الفريق العامل المعني بالجنسانية في لجنة الأمم المتحدة المعنية بتسخير العلم والتقانة لأغراض التنمية في مؤتمر أورستوم/ يونسكو الذي عقد في الشهر 9/1994، فقال في خطابه الرئيسي:

"إن الأوساط العلمية الدولية بحاجة إلى اتخاذ موقف إزاء ما تعتبره منصفاً وعادلاً وأخلاقياً في عدد من القضايا المتصلة بالعلم والتقانة. وقد أدت Pugwash  هذا الدور بقدر محدود في السبعينات من هذا القرن ولكن منظمات غير حكومية أخرى ربما تكون في وضع أفضل للقيام بذلك في التسعينات. ومن بين القضايا التي يمكن معالجتها … الإنصاف في إتاحة فرص للنساء للحصول على وظائف في مجال العلم والتقانة" (Oldham, 1994).

وتنطوي مراعاة الإنصاف وحقوق الإنسان في العلم والتقانة على إتاحة فرص متكافئة للنساء والرجال على السواء لتعلُّم العلوم لكي يتسنى لهما على حد سواء اتخاذ قرارات عن علمٍ في الأمور العلمية والتقانية الكثيرة التي تؤثر في حياتهم اليومية.

وتنطوي أيضاً على إتاحة فرص وحقوق متكافئة للإسهام في تقدُّم العلم والتقانة، والحصول بالتساوي على الفوائد الاقتصادية والاجتماعية التي تلازم الوظائف في ميدان العلوم، واقتسام تصميم وتقويم سياسات العلم والتقانة بالتساوي أيضًا، والاستفادة بالتساوي، "كزبائن علم" من الاستثمارات في العلم والتقانة وأوجه تقدُّمها.

وهاتان القضيتان الأخيرتان من قضايا الإنصاف لهما أهمية خاصة، لأن تصميم وتقويم مشروعات العلم والتقانة لم يكونا مشمولين بصورة منهجية في التحليل الأولي والتقويم اللاحق لاختلاف أثر سياسات وبرامج العلم والتقانة في حياة الرجال عن أثرها في حياة النساء.

 

وقد أسهم هذا الإغفال في إيجاد أوضاع صيغت فيها سياسات ومشروعات وتقنيات تطوير العلم والتقانة صياغةً غير مناسبة وصُمِّمت تصميماً غير مناسب أيضًا لتلبية احتياجات النساء وتحقيق مصالحهن، وأفادت الرجال تاريخيًا أكثر مما أفادت النساء (GWG-UNCSTD, 1995b).

لقد أخذت الحكومات أيضاً تنظر بصورة متزايدة إلى إنصاف الجنسين في سياق الميزة الاستراتيجية الوطنية في السوق العالمية. فهناك مصلحة ملحة لكثير من البلدان في زيادة الطاقة الإبداعية والخلاقة لكل فرد في العلم والتقانة إلى الحد الأقصى بغية زيادة النمو الاقتصادي لتحقيق حياة ذات نوعية جيدة للجميع.

ولا يعقل أبداً تهميش نصف مواهب الأمة. وفي عام 1993، اعترفت لجنة المملكة المتحدة المعنية بدور المرأة في العلم والهندسة والتقانة، في تقريرها المقدم إلى وزارة العلم والتقانة بعنوان: المد العالي The Rising Tide, (United Kingdom, 1993b) بأن النساء هن أقل موارد البلد استغلالاً.

وفي كندا، دعت الهيئة الاستشارية الوطنية لرئيس الوزراء المعنية بالعلم والتقانة NABST، في تقريرها لعام 1993 المعنون: الفوز مع النساء في المهن والتقانة والعلم والهندسة Winning with Women in Trades, Technology, Science and Engineering إلى المساواة بين الجنسين في العلم والتقانة في إطار وضع البلد في موضع يستطيع معه المنافسة على صعيد عالمي:

"في مناخ تجري فيه إعادة تشكيل الاقتصاد الوطني والعالمي على نطاق واسع … من الأهمية بمكان أن تبلغ القوى العاملة في الأمة حالة من الاستعداد التقاني والعلمي تمكّنها من الازدهار في الاقتصاد العالمي، وأن تحافظ على هذه الحالة. ولضمان تحقُّق هذا الاستعداد، من الضروري استغلال طاقات كل قطاعات السكان استغلالاً تامًا.

 

لقد كان الإسهام الممكن للنساء وما زال غير مقدَّر حق قدره وغير مستغَلٌ بالقدر الكافي. وإن الاعتراف بهذه الحقيقة، وعلى وجه الخصوص بأنه ما زالت ثمة عوائق أمام مشاركة المرأة مشاركة تامة في الميادين العلمية والتقانية، يقتضي وضع استراتيجيات لإزالة هذه العوائق في جميع مراحل تطوير المرأة تعليميًا ووظيفيًا" (Canada, 1993:3).

وفي البلدان النامية، حيث يشكِّل العلم والتقانة أدوات تَحوُّلٍ مهمة لتحقيق التنمية المستدامة، يمكن أن يكون في الاستفادة من مواهب النساء مصلحة استراتيجية للبلدان (Approtech, 1993).

وعلق البنك الدولي على الفجوة بين الجنسين في تعليم الذكور والإناث في البلدان النامية، في نشرته المعنونة: تعليم البنات والنساء: استثمار في التنمية Educating Girls and Women: Investing in Development، فأشار إلى التكلفة الإنمائية الباهظة – المتمثلة في إضاعة فرصٍ لرفع مستوى الإنتاجية والدخل وكذلك نوعية الحياة – حين تقصِّر الحكومات والمجتمع في معالجة قضايا عدم المساواة بين الجنسين في توفير التعليم.

إن المشتغلين بالبحوث مدعوون إلى العمل تحقيقاً لمصالحهم الذاتية، وبذل جهود واعية "للاندماج بالمجتمع الأكبر "بحيث يشكِّلون فيما بينهم انعكاساً للتركيبة الديموغرافية للسكان (Neal Lane، مدير المؤسسة العلمية الوطنية، استشهد به في 1994, Etzkowitz).

 

فالعزلة والتفرُّد لا يضعفان فقط التأييد الممنوح للأوساط العلمية، ولكنهما أيضاً يحرمانها من مساهمات يمكن أن يقدمها جميع المستفيدين النهائيين، ويقللان حدوث تفاعلات مهمة من شأنها أن تساعد على ضمان كون سياساتها ومشروعاتها مفيدة لأفراد المجتمع جميعهم.

إضافة إلى ذلك، تقوم الأوساط العلمية بدراسة فوائد اجتذاب العالمات والمهندسات والاحتفاظ بهن، وتتمثل هذه الفوائد في زيادة وجهات النظر والأولويات وأساليبِ العمل المختلفة، وفي توفير قوة عملٍ لديها تنوُّع أكبر في المهارات.

وإن الأوساط العلمية والتقانية التي فهمت الأهمية التاريخية لهذه الشمولية أصبحت أكثر فعالية في تحقيق التنمية الاجتماعية. فالمسألة ليست مسألة ما إذا كانت النساء ينتجن "علماً مختلفاً" بقدر ما هي مسألة مبدأ إنتاج علم له صلة باحتياجات المجتمع ويعكس جميع مصالحه.

ومن ثم، ليست اعتبارات الإنصاف وحقوق الإنسان فقط، وإنما أنواع متباينة من المصلحة الذاتية أيضاً، هي التي تعطي الحكومات والوكالات الإنمائية وأوساط العلم والتقانة أسبابًا وجيهة لضمان توفير التعليم والوظائف العلمية والتقانية للنساء على قدم المساواة مع الرجال، وإشراكهن بشكل تام في هياكل اتخاذ القرارات العلمية والتقانية على جميع المستويات.

وسوف تستفيد الأوساط العلمية وجميع أفراد المجتمع من مشاركة المرأة مشاركة تامة في عملية اتخاذ القرارات بشأن الأولويات التي تعطى لكل مشروع من المشروعات العلمية والتقانية، وتصوُّر هذه المشروعات وتنفيذها، وتصنيف الأدلة والرصود وتقويم النتائج وتعميمها.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى