أهمية وجود “الحدائق النباتية” في حياة الفرد وأنواع الأطرزة المتبعة في تصميمها
1997 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثامن
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الحدائق النباتية النباتات والزراعة الزراعة
الحدائقُ النباتيةُ رباطٌ قويٌ بين الإنسان، وما يحيطُ به من عالم يعيش فيه.
فالإنسان قد شعرَ منذُ بدءِ الخليقةِ بحاجتهِ الشديدةِ إلى مكان تهدأ فيه نفسُهُ ، وتطمئنُّ إليه أحساسيسُهُ.
ويستريحُ فيه بالتطلّع إلى جمالِهِ، ويُعوّضُهَ الكثير عمّا يُصادفُهُ من تعبٍ ومشكلاتٍ في عملِهِ وفي حياتِهِ.. هذا المكان هو الحديقةُ النباتيّة.
والحدائقُ النباتيةُ في بلادنا العربية قليلٌة. وطِبقاً لإحصائيات الأممَ المتّحدة لعام 1980م، فإنّ المواطِنَ في المملكة المُتحدة يخصُّهُ مساحةٌ خضراء قدرها 24م2، أي أن كلَّ مواطن له حديقة نباتية مساحتها قدرها 24م2.
والمواطن في الدول التي كانت تُسمّى الاتحاد السوفييتي له حديقة نباتية مساحتها 20م2. والمواطن في الولايات المتحدّة الأمريكية له حديقة نباتية مساحتُها 18م2.
أمّا المواطن في مصر فلا تزيدُ مساحةُ حديقته عن 2سم2 !! …هذا إذا افترضنا أنّ مجموع مساحة الحدائق النباتية في البلد الواحدِ سوف يقسّم بالتساوي على جميعِ أهلِ هذا البلد.
والحدائقُ النباتيةُ بخضرتها الدائمة تحافظُ على البيئةِ من التلوّثِ، لأنَّ نباتاتها تمتصّ الغازات السامّة الموجودة في الجوَّ. وهي تُوفر الظلّ، وترفع رطوبة الجوّ في الأماكنَ الجافّةِ، وتقّللُ من الضوضاء، وتعَدَّل درجةَ الحرارة.
وللحدائقِ النباتية وظائف تخطيطيةٌ، فهي تعمل على تحديد المدن والمناطق السكينة، والفصلِ بينَ المرافقِ المخُتلفةِ داخل المدنِ، وتجميل الميادين والساحات وأماكن الراحةِ والمصحات الطبية وغيرّ ذلك.
والحدائقُ النباتيةُ تعدُّ وسائل للتعبير الفنيِّ الرفيع، فهي مثل اللوحات الفنيةِ، أو القطع الأثرية التي تُسعدُ النفسِ، وتبتهجُ العينُ حين تراها.
وهي مقياس للتقدّم الحضاريّ والاقتصاديّ للشعوب، وأصبحت ضرورةَ من ضرورات الحياةِ في العصرِ الحديث، لذلك أصبح فَنُّ إنشاء وتنسيق الحدائقِ النباتيةِ علماً قائماً بذاته. وتختلف الحدائقُ النباتيةُ في طرازِها بالنسبةِ للعصر التاريخيّ، والبلد الموجودة فيه .
فهناك الطّراز الفرعونيّ، وكان موجوداً منذ ألفيّ سنة قبل الميلاد، وكان الغرض الأساسيُّ من إنشاء الحديقةِ هو غرضٌ دينيّ، أو عقائديّ، حينما أراد قدماء المصريين تجميل معابدهم، وتجميل قُصور الملوك والأثرياء.
والطراز الآشوريّ والبابليُّ ظهر في بداية القرن السابع قبل الميلاد في منطقةِ ما بينَ النهرين (نهريّ دجلة والفرات) بسوريا والعراق، وكان هذا الطرازُ تقليداً للطراز الفرعونيّ بعد أن تمَّ الغزوُ البابلي لمصر.
وظهرَ الطرازُ الهنديُ في القرنين الثالث والثاني قبل الميلاد، وامتازَ هذا الطراز بالاهتمامات الروحانية خصوصاً بتعاليم بوذا، وتعاليم بعض الديانات الأخرى.
وكان الطرازُ الرومانيّ والإغريقيّ موجوداً في القرنين الثاني والأول قبلَ الميلادِ، وظهر بعد غزوات الاسكندر الأكبر لبلاد الشرق.. وعندَ عودة الإسكندر الأكبر إلى بلادهِ أخذ معهُ تصميمات الحدائق التي رآها في بلاد الشرقِ.
والطرازُ اليابانيٌ بدأ في عصر الامبراطور «سويكو» حوالي 600 سنة قبل الميلاد، وهو طراز قائم بذاتِهِ، ولم يكن اقتباساً أو تقليدا لأيّ من الطُّرُز الأخرى.
والطرازُ الإسلاميُّ والأندلسي ظهر حوالي سنة 700م، وكانت تصميمات الحدائق في العصر الإسلامي تتبع عادات وتقاليد موروثة.
وكانت البدايةُ عبارة عن بعض أشجار النخيلِ حولَ منابع المياه في الباديةِ. وبعد توسع الفتوحات الإسلامية زادت الرُقعة ومساحات المياه، خُصوصا في بلاد الأندلس بعد فَتْحِها ، وكذلك بعد فتح مصر.
والحدائق النباتيةُ التي أقيمت على هذا الطراز الإسلاميّ والأندلسيّ قد نالت – شأنها شأن سائر الفنون الإسلامية والأندلسية – إعجابِ كلَّ من شاهَدَها وتمتّعَ بجمالِها واشتهرت في العالم كلِهِ بذلك.
وهناك أيضاً طُرُز أوروبية كثيرة، منها الطرازُ الإيطالي والفرنسيُّ الذي ظَهرَ في عصر الملكِ لويس الرابع عشر حوالي سنة 1200م، والطّرازُ الإنجليزيّ الذي ظهر في عهد الملك هنري الثامن.
وأيّاً كان طراز الحديقةِ النباتيةِ، فهناك أساسيات لتصميمها وتنسيقها، فعند التصميم يُراعى مساحة الأرض المُراد تحويلُها إلى حديقةٍ، وطبيعةِ موقِعِها، وتحديد الطرق والمماشي بها، وتحديد أماكن زراعةِ النباتاتِ المُختلفةِ، وأماكن الجلوس، وتركيب شبكة المياهِ، وتجهيزُ أحواض الزهورِ، وأشياء أخرى كثيرة.
وأنواعُ الحدائقِ النباتيةِ كثيرةٌ وتُقسمُ تِبعاً للملكية وحقَّ الارتياد، فهناك الحدائقُ المنزليةُ حول المنازل.
وهي ذات مساحات محدودة، وهناك حدائق ذات صبغةٍ خاصةٍ تُوجدُ حولَ المؤسسات والمنشآت بقصد تجميلها، أو عزلها، والترفيه عن المترددين عليها، أو العاملين بها، أو المقيمين فيها ، مثل حدائق أسطح المنازل، وحدائق الأطفال، والحدائق البُستانية.
وحدائقِ المُجمّعات السكنية وحدائق المستشفياتِ، والحدائق الساحلية القريبة من الشواطئ، والحدائقِ المائيةِ التي تُزرعُ النباتاتُ بها في أحواض وبِرك مائية، والحدائق الصخرية التي تُحاط النباتاتُ فيها بالأحجار والصخور والمَدَرِ ( الحَصى ) والرَّمال.
ويوجد من الحدائق النباتيةِ نوعٌ عالي التخصص، يُنشأ لأغراض عِلميةٍ بحْتةٍ. ويحتوي هذا النوع على أكبر عددٍ من الأنواع النباتية المحليةِ، أو التي تمّ إدخالُها من أماكن مختلفة في العالم، وتُقام هذه الحدائقُ أساساً لخدمة العِلم ( علْم النبات) ويقصدها الدارسون لتعرُّفِ أنواعِها. ومعرفة صفاتها وطبائعها، وأسمائها العلميةِ باللغة اللاتينية.
ويُوجد في هذا النوع من الحدائق مختبراتٌ علميةٌ مجهّزة بالمعدات اللازمة لإجراء البحوث، وفيها مكتبتها العلمية المتخصصة، إضافة إلى منشآتٍ وتجهيزاتٍ كثيرةٍ لمساعدة الدارسين والباحثين.
ولذلك فهي تُعتبرُ مؤسسات علميةٍ بحدّ ذاتها. ويصل عددُ الحدائقُ النباتية من هذا النوعِ إلى حوالي 800 حديقةٍ مسجلة بالفهارس في مختلف أنحاء العالم.
ومن أمثلة هذه الحدائق الشهيرة، حديقة جامعة اكسفورد بإنجلترا، التي تمّ إنشاؤها سنة 1921م، وحديقة جامعة كمبريدج (انجلترا – سنة 1927م)، وحديقة جامعة موسكو (روسيا – 1707م)، وحديقة جامعة مدريد (إسبانيا – 1755م).
وحديقة بودابست (المجر – 1771م)، وحديقة كلكتا (الهند – 1787م)، وحديقة كيو (انجلترا-1841م)، وحديقة نيويورك (1872م).
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]