اعتناق الجاحظ مذهب المعتزلة
1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول
صبري الدمرداش
KFAS
الجاحظ مذهب المعتزلة التاريخ المخطوطات والكتب النادرة
اعتنق الجاحظ مذ حداثته مذهب المعتزلة، حيث أن شيوخها اهتموا به اهتماماً كبيراً لأنهم لاحظوا عليه سمات النبوغ.
وقد تتلمذ على شيخ المعتزلة الكبير إبراهيم ابن سيَّار النظام. وعاش في أجواء المعتزلة يحضر حلقاتهم ويستمع إلى مناظراتهم في المساجد ومجالس مويس بن عمران (246هـ).
وربما رأوا فيه النبوغ، فرعوه وحدبوا به وحنوا عليه وأدخلوه قصر الخلافة في زمن المأمون، وبوؤوه منصب الكتابة في ديوان الرسائل لأنهم كانوا مقربين إلى الخليفة وذوي الحظوة لديه.
ولما بدأ نفوذهم يضعف مذ عهد المتوكل، وبدأت الحملة تشتد على المعتزلة من خصومهم السنة والشيعة والخوارج، انبرى الجاحظ مدافعاً عن المعتزلة مؤيداً لهم ومناصراً، ساعد في ذلك عاملان. أسلوبه الأدبي الرائع الذي خلص من جفاف الأبحاث الفلسفية والكلامية وتعقيداتها، وشهرته بين الناس الذي أقبلوا على قراءته إقبالاً عظيماً.
والمعتزلة فرقةٌ محايدة بين أهل السنة والخوارج في مسألة مرتكب الكبيرة، فهم من أقوى الفرق الإسلامية التي دافعت دفاعاً مميتاً عن الدِّين ضد الكفار. وسبب تسميتها كذلك أنها اعتزلت عن الإمام علي بن أبي طالب، فلم تحاربه أو تحارب معه، ومؤسِّس هذه الفرقة، ذات الفلسفة الخاصة، هو واصل بن عطاء الذي عاش فيما بين 80و 131هـ (699-749).
وسبب تأسيسه لها أنه اختلف مع العلَّامة الحسن البصري حول مرتكب الكبيرة، مما دفعه إلى إنشاء تلك الفرقة التي كانت لها صولة في العصر العباسي وجولة.
ويُبنى مذهب المعتزلة على خمس: العدل، والتوحيد، والقول بالوعد والوعيد، والقول بالمنزلة بين المنزلين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وهو يعتمد –في جذوره- على بعض نظريات فلاسفة اليونان، وخاصة أرسطو وأفلاطون.
وأتباع هذا المذهب من أشد المؤمنين بسلطان العقل ووجوب تحكيمه في كل أمرٍ من الأمور. يقول الجاحظ، بعد أن اعتنق مذهب المعتزلة وصار من كبار أئمته: (لعمري إن العيون لتخطئ، والحواس لتكذب، وما الحكم القاطع إلا للذهن، وما استبانة الصحيح إلا للعقل).
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]