اكتشاف “اللقاح الكوبي” المضاد لفيروس المكورة السحائية
1995 نساء مخترعات
الأستاذ فرج موسى
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
اللقاح الكوبي فيروس المكورة السحائية شخصيّات الطب
لقد تخرجت السيدة ((كونسبسيون)) من كلية الصيدلة في عام 1974، ثم انتظرت 12 عاما قبل البدء في رسالة الدكتوراة، والتي كان موضوعها بالطبع هو ((اللقاحات المضادة للمكورات السحائية)).
هذا الموضوع – الذي كان هو كل حياتها – قد جلب لها العديد من الجوائز داخل بلدها. ففي عام 1988، اعترفت ((الأكاديمية الكوبية للعلوم)) باختراعها كأفضل عمل بحثي في ذلك العام، في مجال العلوم والتكنولوجيا.
وفي 11 ديسمبر عام 1989، وفي احتفال بمدينة ((هافانا))، حضره الرئيس ((فيدل كاسترو))، وعدد من الوزراء، ورئيسة اتحاد المرأة، سلم المدير العام لمنظمة (ويبو WIPO) التابعة للأمم المتحدة شخصيا الميدالية الذهبية للمنظمة عن أفضل اختراع في كوبا في ذلك العام للسيدة ((كونسبسيون)).
وكما هي العادة في ذلك البلد، لم تبدأ الاحتفالات بتسليم الجوائز إلا عند منتصف الليل، حيث ارتدت السيدة ((كونسبسيون)) رداء أحمر متوهجا، مثل شخصيتها. ويصفها الجميع بأنها سيدة ذات شخصية متحمسة، ومتفائلة، ومفعمة بالقوة والنشاط.
وكان بجوارها السيد ((جوستافو سييرا جونزاليس Gustavo Sierra Gonzalez)) زميلها في اختراع اللقاح، الذي منح أيضا ميدالية منظمة (ويبو) الذهبية.
كما تم في هذا الاحتفال منح شهادة لكل من الرجال الأربعة، والنساء الثلاثة الذين شاركوا في العمل البحثي لهذا ((اللقاح الكوبي)).
والسيدة ((كونسبسيون)) على علم بما تدين به لمعاونيها الذين أحبوا هذا العمل، وكرسوا كل وقتهم له: ((لقد كان عملنا شديد الصرامة، كما كانت حساباتنا في غاية الدقة، ذلك لأن هذا اللقاح كان يجهز من أجل الأطفال الضعاف بطبيعتهم.
فلم أستطع يوما أن أرى طفلا وهو يموت دون أن ينكسر قلبي. ولقد تقاسمت – في أثناء العمل- مع فريقي كل شيء؛ فكنا نحزن معا عندما تسوء الأمور، وكنا نسعد معا عندما تسير الأمور على ما يرام)).
وقبل اكتشاف هذا ((اللقاح الكوبي))، كان قد تم تطوير اللقاحات ضد التهاب السحايا في عدد من البلاد، غير أنها – أي تلك اللقاحات- كانت مقصورة على التحصين ضد المجموعات «A,C,Y&W-135» من فيروس ((المكورة السحائية)).
أما ((اللقاح الكوبي)) فمفعوله للتحصين ضد المجموعة (B) ، الواسعة الانتشار في معظم البلاد، والتي لا تزال هناك صعوبة في التعرف عليها، على الرغم من أن حدوثها بكثرة كاثرة في معظم البلاد.
ولقد أثبت اللقاح الذي قامت بتطويره السيدة ((كونسبسيون)) فعالية مناعية واسعة، تغطي الأنماط الأساسية من فيروسات المجموعة (B).
هذا بالإضافة إلى ميزة تحمل الأطفال الصغار له، حيث تم تجريبه واختبار نتائجه – في فبراير عام 1987- على نحو 180,000 كوبيّ تتراوح أعمارهم ما بين 6 شهور، و 24 سنة، حيث وصلت نسبة النجاح في تحمل هذا اللقاح إلى 94% من إجمالي العينة ، وكان 99% من نجاح العينة ينطبق على الأطفال الصغار جدا.
وعقب هذه التجربة الناجحة، بدأت حملة تطعيم في جميع أنحاء كوبا في عام 1988. ولنا أن نتخيل ملايين الجرعات من اللقاحات التي قام المركز – الذي تديره السيدة ((كونسبسيون)) – بإنتاجها، إذا علمنا أن كل فرد كان يعطى له جرعتان من هذا اللقاح. و
كانت هذه هي البداية فقط، حيث جاء الطلب أيضا على اللقاح من دولة ((البرازيل)). ففي عام 1989، تم إرسال 2 مليون جرعة من ((اللقاح الكوبي)) إلى ((البرازيل)) الدولة الشاسعة المساحة، حيث تحدث الأوبئة كثيرا.
ومع أن السيدة ((كونسبسيون)) كتبت نحو 67 دراسة علمية، الا أن الندوات الدولية كان لها أهمية ثانوية عندها.
وقد زارت الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد السوفيتى (سابقا)، والبرازيل، واثنتين أو ثلاثا من دول أوروبا الغربية، لكنها، على عكس المتخصصين الآخرين الذين يترددون على الغرف المخصصة للمؤتمرات المكيفة الهواء، كان للعمل الميداني الأهمية الأولى عندها.
إن أبواق الشهرة من خلال النشر في المجلات العلمية، سوف تأتي بعد. أما الآن، فإن الأكثر أهمية في نظرها، هو حملتها ضد المرض والموت.
ومن أجل نجاح هذه الحملة، ليس من الضروري فقط إنتاج هذا اللقاح على نطاق واسع، لكن متابعة الأشخاص الذين تم تلقيحهم بانتظام.
إن هذا أمر ضروري من أجل إثبات خلو هذا اللقاح من الضرر تماما، وفاعليته على المدى البعيد.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]