اكتشاف “فنتر وكولنز” للجينوم البشري
2013 لمن الرأي في الحياة؟
جين ماينشين
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
كان كريغ فنتر (Craig Venter) وفرانسيس كولنز (Francis Collins) المتحدّثين الرئيسيين في اجتماع الجمعية الأميركية لتقدّم العلوم في سان فرانسيسكو في شباط/ فبراير 2001.
وكانت إصدارات الأسبوع من مجلتي ساينس ونيتشر (Nature) هناك أيضاً. لكن الجينوم أو المجموع الجيني (Genome) البشري هو الذي أدّى دور البطولة.
تعقد الجمعية الأميركية لتقدّم العلوم اجتماعها السنوي في "نهاية أسبوع يوم الرئيس"، في مكان مختلف من البلد في كل مرة بالاشتراك مع الجمعية الوطنية للكتاب العلميين. ويضمن ذلك أن يكون هناك دائماً مئات المراسلين والكتاب العلميين في الاجتماع للاطلاع على أحدث ما في العلم.
وبما أن الجمعية الأميركية لتقدّم العلوم أكبر مؤسسة علمية عامة في العالم، وتعمل بمثابة مظلة لآلاف العلماء الأفراد ومئات الجماعات العلمية، فإنها تجمع معاً مجموعة متنوّعة من الأشخاص المهتمين بنواحي العلم المختلفة وآثارهها الاجتماعية.
وكان مكتب البرامج، الذي يرأسه مايكل ستراوس (Michael Strauss) منذ عدة سنين، وهو نفسه عالم ورجل مثير للاهتمام لديه جمهور واسع من القراء، قد عمل جاهداً لجعل الاجتماع الأفضل لجميع العلماء وتقديم البرنامج العلمي الأكثر جاذبية كل سنة.
كان اجتماع 2001 جذّاباً حقاً. ففي ذلك الأسبوع اتفق فنتر وكولنز – بالعمل مع محرري ساينس ونيتشر – على نشر "مشروعهما" عن الجينوم البشري وعرض النتائج المهمة وآثارها. وقد منح ستراوس والجمعية الأميركية لتقدّم العلوم فنتر وكولنز مكانين رئيسيين في البرنامج، وشعر الجميع في الاجتماع بالإثارة والترقّب.
وكما عبّر أحد طلابي الجامعيين، "كانت الطاقة في الاجتماع مذهلة. ولم يسعني أن أصدّق أن هذين العالمين المهمين موجودان هناك في القاعة نفسها حيث أوجد ويتكلّمان عن الجينوم البشري.
هكذا ببساطة". ولاحظ آخر عمل معاوناً في إحدى جلسات الجينوم أن "الدكتور فنتر بدا شخصاً محبّاً لذاته بالتأكيد وغير مهتم جداً بتشارك الفضل. إذا كان ذلك ما يجب أن تفعله لتنجح في البيولوجيا، فإنني لا أريده".
كانت اللهفة لرؤية النتائج وسماع البطلين الرئيسيين يعلنان عما توصّلا إليه تتصاعد على مرّ العقد، ولا سيما في نصف السنة الأخيرة.
ففي يوم الاثنين 26 حزيران/ يونيو، 2000، كان العالمان معاً في البيت الأبيض. وهناك في القاعة الشرقية، أعلن الرئيس بيل كلينتون (Bill Clinton) ، مع رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير (Tony Blair) عِبر مؤتمر متلفز من لندن، عن أن السباق لحل شفرة الجينوم البشري اكتمل – أو أوشك على ذلك.
وأشار الرئيس إلى أن تحديد سلاسل الجينوم ينطوي على "تعلّم اللغة التي خلق بها الله الحياة". وتحمل المعلومات إمكانية عظيمة "للتأثير الحقيقي في حياتنا – وحياة أبنائنا. وستحدث ثورة في تشخيص معظم أمراض الإنسان، إن لم يكن جميعها، والوقاية منها وعلاجها… بل من المحتمل الآن أن يعرف أبناء أبنائنا بأن مصطلح "السرطان" لا يعني إلا كوكبة من النجوم".
واستحضر كليتنون خريطة ميريويذر لويس (Meriwether Lewis) للحدود الغربية الأميركية العظيمة، التي بسطها توماس جفرسون (Thomas Jefferson) في القاعة نفسها، وقال إن خريطة الجينوم "أعظم أهمية". وتابع الرئيس متحمّساً، "إنها من دون شك أهم وأعجب خريطة أنتجتها البشرية على الإطلاق".
تصافح فنتر وكولنز، يحيط بهما العلماء البارزون والمسؤولون الحكوميون، وظهرا أمام العالم أنهما يتعاونان في مشروع عظيم للبشر. ولم يعارض أحد في ذلك اليوم من حزيران/ يونيو ادّعاءات الرئيس المبالغ فيها.
بل إن العلماء الذين يعرفون أكثر تلقّوا المديح تحت وهج التعاون على المنصة وعبر البحار. حصل البريطانيون على التمويل من مؤسسة ولكم ترست (Welcome Trust) إلى حدّ كبير، والأميركيون من الكونغرس من خلال معاهد الصحة الأميركية ومن رأسمال المشاريع الخاصة المستثمر في شركة فنتر، سيليرا (Celera).
فاز الجميع بالسباق: الشعب الأميركي، والشعب البريطاني، والسياسيون الذين كانت لديهم الرؤية لتوفير التمويل وبدء المشروع، ومستقبل أبناء أبنائنا، وسواهم.
فاز الجميع وسيحصل الجميع على جوائز، مثلما اكتشفت أليس (Alice) عندما سقطت في حفرة الأرنب إلى أرض العجائب (Wonderland). بعد أن ركضت الحيوانات وأليس حول المكان لتجفّ في أعقاب السباحة ثم توقّفت، وأعلن الدودو أن السباق قد انتهى. وعندما سأل العدّاؤون، "لكن من فاز؟" جاء الجواب أن "الجميع فازوا، ويجب أن يحصل الجميع على جوائز". عندئذ فقط تكتشف أليس أنه كان عليها أن تقدّم الجوائز. مدّت يدها إلى جيبها واكتشفت علبة ملبّس وزعتها على الجميع.
على غرار أليس، سرعان ما اكتشف الرئيس والجمهور أنه كان يتوقّع أن يقدّموا هم أيضاً الجوائز التي كان الآخرون متلهّفون جداً لعرضها. عاد السؤال عمن يجب أن يدفع للعلم مع بعض التطوّرات الجديدة عندما نعرف عن أرباح كبيرة يحقّقها الأفراد الذين يمتلكون حقوق بعض المعرفة التي حظيت بدعم حكومي حتى الآن.
من المهم أن نقدّر كيف تطوّرت هذه القصة، باعتبارها قضية علمية متشابكة بطرق معقّدة مع المجتمع ومع توقّعات المجتمع، في وجه سياسة علمية غير كافية، وتزايد اهتمام شركات التكنولوجيا الحيوية في الأرباح، وانتشار الأمية العلمية على نطاق واسع، والادّعاءات المتنافسة بالمعرفة والخبرة.
ماذا تضمّنت طبعات ساينس ونيتشر في شهر شباط/ فبراير 2001؟ ما هو مشروع الجينوم البشري، وكيف تم استثمار أموال طائلة فيه؟ هل كان الاستثمار في هذا المشروع "البيولوجي الكبير" يقدّم في الغالب من قبل مؤيّديه باعتباره بحثاً عن الكأس المقدّسة، وأنه "شيء جيد"، ومن يقرّر، وعلى أي أساس؟ وما هي الآثار المترتبة على "الخريطة" الناتجة؟ الجينات البشرية، بل حتى الجينوم بأكمله، تختلف قليلاً جداً عن جينات الأنواع الأخرى. كيف حظي علم الجينوم بمثل هذا الحضور الشعبي الهائل؟
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]