الاهتمام بمشكلة الأثير واكتشاف “انكماش فيتزجرالد”
1997 قطوف من سير العلماء الجزء الثاني
صبري الدمرداش
KFAS
انكماش فيتزجرالد مشكلة الاثير الفيزياء
مشكلة الأثير … أُولى الاهتمامات الكبرى
كان فيتزجرالد عالماً نظريا في المقام الأول. أُولى اهتماماته الكبرى كانت بمشكلة الأثير.
وكان يقبل رأي نيوتن الشهير: " أعتقد أن افتراض احتمال تأثير جسم في آخر يبعد عنه مسافة دون أن يكون بينهما وسطٌ ما، بل مجرد الفراغ ، لأمر مضحك وغير مقبول، بحيث لا يمكن أن يخطر على بال شخص لديه ملكة التفكير المتزن في الأمور الفلسفية " .
وكان فيتزجرالد، مثل ديكارت، مقتنعاً بأن الفضاء حتى الذي بين الكواكب يحتله وسط يمكن أن ينقل القوى وأن يؤثر على الأجسام المادية المغمورة فيه.
بالرغم من أن حواسنا لا تستطيع أن تدرك وجود ذلك الوسط. ولا بد أن يكون لهذا الوسط، الأثير، خصائص ميكانيكية .
انكماش … فيتزجرالد !
رغم كل الاهتمامات المتقدمة، فإن اسم فيتزجرالد سيظل مرتبطاً دائماً بكشفٍ واحدٍ، هوكشفه المعروف "إنكماش فيتزجرالد".
وهو افتراضٌ قدَّمه لتفسير النتيجة الغريبة التي توصَّل إليها عالما الفيزيقا الأمريكيَّان مايكلسون ومورلي وهما يحاولان قياس سرعة الأرض بالنسبة للأثير.
لقد استخدما مدخالاً (جهازاً لقياس الحيِّز الطيفي) لمقارنة الزمن الذي يستغرقه الضوء ليقطع مسافة معيَّنة في اتجاه حركة الأرض وفي الاتجاه المتعامد على اتجاه حركتها.
وكان المنتظر أن يختلف الطول الضوئي في الحالين، غير أن العالِمين لم يُلاحظا أي فرقٍ على الإطلاق!.
وقد أدَّت هذه النتيجة إلى ظهور الرأي القائل بأن الأرض في سيرها تحمل الأثير معها. إلا أنه من الصعب بمكان التوفيق بين هذا الافتراض وبعض الحقائق والنظريات المعروفة ومنها نظرية الزيغ الفلكي.
ما الحل؟ …
بينما كان فيتزجرالد يتناقش وزميل له، أوليفر لودج، حول هذه المشكلة إذ به يقول فجأة: إن المشكلة يمكن حلها إذا ما افترضنا أن الجهاز قد تقلَّص بشكلٍ آلي في اتجاه حركة الأرض. وتتبَّع عالمنا هذه الفكرة حتى توصَّل إلى معادلة تحكم هذا التقلص أو الإنكماش .
وقد أشار عالم الرياضيات الإيرلندي "جوزيف لارمور" بناءً على ذلك، إلى أن الساعات والقضبان لا بد أن تتأثر بالحركة . بمعنى أن الساعة تتحرك بسرعة ستبطئ في سيرها بنفس النسبة التي يتقلَّص بها قضيب بنفس السرعة.
وكان هذا الكشف، كشف أن طول القضيب أو سير الساعة ليسا خواص مطلقة فيهما وإنما هما خاصتان تعتمدان على حركة كل منهما، كان الأساس في تفسير فشل كل التجارب التي أُجريت بهدف تحديد سرعة الأرض بالنسبة للأثير.
وقد أدَّى هذا الكشف المهم إلى وضع نظرية النسبية الحديثة التي يمكن أن يقال أنها بدأت بكشف "انكماش فيتزجرالد" الذي توصَّل إليه عام 1892.
ومما يؤسف له أن صاحب الكشف نفسه مات في عام 1901، فلم يتيسَّر له أن يشهد الثورة التي بدأها في فلسفة علم الفيزيقا.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]