البحث عن حياة على المريخ
2013 أطلس الكون
مور ، السير باتريك مور
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
البحث عن حياة على المريخ
على الرغم من النتائج السلبية لبعثات الفايكنغ، إلا أن البحث عن حياة على المريخ لم يتم التخلي عنه. ولم يتوقع أحد أن يجد أي شيء متطورًا مثل خنفساء، أو حتى ورقة عشب، لكن بدا من المعقول أن نتوقع وجود كائنات دقيقة جدًا. في 2 ديسمبر 1996 تم إطلاق مسبار جديد نحو الكوكب الأحمر – باثفايندر، الذي كان يحمل على متنه مركبة جوالة صغيرة هي سوجورنر، وفي هذه المرة لم يحدث هبوط مسيطر. كانت باثفايندر مغلفة بأكياس هوائية متينة وصممت بحيث تهبط بسرعة عالية، فترتد أكثر من عشر مرات قبل أن تستقر. حالما استقرت باثفايندر وأصبحت في وضعية قائمة، ستتفتح ’ورقات‘ بدنها، لكي تتمكن سوجورنر من الخروج وتزحف إلى الأسفل على مهبط منحدر إلى السطح المريخي. لقد كان هذا مشروعًا طموحًا، وسوجورنر ذاتها كانت بحجم جهاز ميكروويف منزلي، لكنها في الحقيقة عبارة عن مسبار شديد التعقيد، وهي قادرة على إجراء تحليلات فورية على الصخور المريخية. كما يمكن أن تتحرك فيما حولها، من خلال تحكم مشغلي ناسا بها من على بعد 190 مليون كيلومتر (120 مليون ميل).
كل شيء سار كما ينبغي. وصل البث مباشرة، وكانت النتائج مثيرة للإهتمام. لقد حطت باثفايندر على مقربة من نهاية ما كان يعرف بوادي أريس. كان قد غص الوادي فيما مضى بسيل جارف من الماء، وكان من المتوقع أن يجلب أنواع متعددة من الصخور إلى أسفل أرض الفيضان – وهذا ما تبين بالفعل. فقد تم التعرف على صخور رسوبية، مما أظهر أن الموقع كان ممتلئًا بالماء، والصخور كانت بركانية وهذا بدوره لم يكن مفاجئًا. كانت سرعات الرياح خفيفة، لكن كان هناك الكثير من ’الزوبعات الترابية‘ (أعاصير مصغرة). وارتفعت درجة حرارة السطح إلى -13° مئوية عند الظهر، مع أنها تراجعت إلى -75° مئوية خلال الليل. في المحصلة، أرسلت مركبة الهبوط 16,000 صورة و تم استقبال 550 من سوجورنر قبل فقد الإتصال بها نهائيًا في أكتوبر 1997.
لاحظ أن باثفايندر وسوجورنر لم تكونا تتعمدان البحث عن الحياة، إذ أن هذه المهمة من نصيب بعثات تالية إلى الكوكب. فهدفهما الرئيسي كان اكتشاف مناطق حيث قد يتوقع وجود حياة فيها – وخصوصًا إظهار أن المريخ كان فيما مضى أشد رطوبة ودفئًا وترحابًا مما هو عليه اليوم.
لم يهمل أمر المريخ في السنوات الأخيرة من القرن العشرين والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين. فبين عامي 1996 و2006 أطلقت ناسا ست مركبات فضائية، وأوروبا واليابان واحدة لكل منهما. كانت هناك ثلاثة إخفاقات – نازومي اليابانية، التي لم تلتق مع كوكب المريخ، ومركبتي ناسا، مارس كلايميت أوربيتر و مارس بولار لاندر. فمارس كلايميت أوربيتر احترقت في الغلاف الجوي للمريخ بسبب حدوث فوضى في استخدام وحدات القياس الأمريكية والوحدات المترية ومن المرجح أن مارس بولار لاندر تحطمت على سطحه. أما البقية فأدت ما كان يتوقع منها، وقامت مارس غلوبال سرفيور، التي أطلقت في نوفمبر 1996، ببث بيانات لمدة عشر سنوات تقريبًا؛ وآخر الإشارات التي وردت منها أتت في 2 نوفمبر 2006.
المركبات الناجحة ضمت مارس غلوبال سرفيور، مارس أوديسي
(أطلقت في 7 أبريل 2001) ، مارس إكسبرس (2 يونيو 2003)، ومارس ريكونيسانس أوربيتر (12 أبريل 2005)، إضافة إلى مركبتي استكشاف المريخ الجوالتين، سبيريت و أوبورتيونيتي. كانت لمارس إكسبرس أهمية خاصة لإحتوائها على مركبة هبوط بريطانية، بيغل 2، وهي مصممة لتحط بلطف وتبحث عن أي إشارات عن الحياة، سواء قديمة أو حالية. ولم تكن قادرة على التحرك في ما حولها، لكنها احتوت على معدات أتاحت لها تحليل مواد السطح، بل وسبر أسفله لبضع إنشات. وقد تم إطلاقها من حاملتها حسب الموعد المحدد وكان ينبغي أن تحط في منطقة سهل إيسيدس المنخفض على المريخ في 02:54 بتوقيت غرينتش في يوم عيد الميلاد عام 2003، لكن للأسف لم تستقبل أي إشارة منها. إما أنها تحطمت على السطح، أو أن جهاز إرسالها تعطل لسبب أو لآخر. ويومًا ما ربما ستُكتشف هي أو حطامها.
إن تم العثور على كائنات حية على المريخ، فنحن على ثقة من أن تلك الحياة ستظهر حيثما تكون الظروف مواتية لها، وستتطور إلى حدود ما تسمح به بيئتها. وسيترتب على ذلك أن الحياة في الكون من المرجح أن تكون واسعة الانتشار. لا يزال أمام المريخ المزيد ليخبرنا به، لكن لا يسعنا أن نأمل في إدراك القصة الكاملة حتى نحصل على عينات ثم نحللها في مختبراتنا. حينها فقط سنتمكن من الإجابة عن السؤال الذي طرح مرارًا، “هل توجد حياة على المريخ؟”
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]