التأثيرات البشرية على الصحارى
2013 دليل الصحارى
السير باتريك مور
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
طوال قرون عديدة تمكنت المجتمعات من البقاء والازدهار في الصحارى، على الرغم من فترات جفاف ومجاعات دورية. وقد اعتمد نجاحها على سُبُل ادارة الموارد التي تم تعديلها مع البيئة، أو كانت ذات كثافة متدنية للغاية.
وتمكنت تلك المجتمعات عادة من البقاء من دون تدمير أو تقليص خطير للموارد الطبيعية التي كانت تعتمد عليها. ثم بدأت الأوضاع بالتغيّر في العقود الحديثة نتيجة النمو في عدد السكان والضغوط الاقتصادية والتغيرات السياسية والاجتماعية.
– النمو السكاني
يواجه العديد من أقاليم الصحراء اليوم نمواً سريعاً في عدد السكان. ويرجع هذا بشكل جزئي الى تحسن نجاح الخدمات الطبية الحديثة،التي خفّضت معدلات وفيات الأطفال وحسّنت صحة الأمهات. وهو أيضاً نتيجة استمرار القيم التقليدية التي تعتبر الأطفال اشارة على القوة الاقتصادية ومصدرأمان في الكبر. وتُعتبر الثروة الناجمة عن النفط عاملاً آخر مهماً.
ويرجع النمو السكاني في العديد من الصحارى الى الهجرة. وفي بعض الحالات، وخاصة في الولايات المتحدة وأجزاء من الشرق الأوسط، ينتقل المهاجرون الى بلدات طُوّرت من أجل دعم التنمية الصناعية والمعدنية.
ويزيد النمو السكاني السريع في بعض الصحارى، وخاصة في الدول النامية، من الطلب على الموارد الطبيعية في تلك المناطق، ويُفضي هذا في الغالب الى التراجع والتردي وذلك في ضوء الإمكانية المحدودة لزيادة الانتاج. وتضع التنمية الاقتصادية ذاتها ضغوطاً بيئية على بيئة الصحراء.
كما أن الكثير من هذه الضغوط يأتي من خلال البحث عن دخل أفضل من جانب الأفراد مع تزايد الطموحات. ويتعزز هذا عبر مطالب الضرائب وانخفاض الأسعار الحقيقية للمنتجات الزراعية، والذي يرغم المزارعين على زيادة انتاجهم واستخدام الموارد الطبيعية بصورة أكبر بُغية المحافظة على دُخولهم.
واضافةً الى ذلك فإن العديد من الحكومات غالباً ما تشجع على انتاج المحاصيل من أجل التصدير حتى تتمكن من تمويل الاستيراد أو تسديد ديونها الخارجية.
ويوجد عدد من المشاكل البيئية التي تواجهها الصحارى بسبب الطرق التي تستخدمها الحكومات في معاملة السكان الأصليين.
وقد عانى الأميركيون الأصليون والسكان الأصليون في أستراليا والرعاة البدو في آسيا الوسطى والصحراء الكبرى من تصرفات حكوماتهم. وكان أن تعرضت حقوقهم للإهمال وجردوا من أراضيهم وعادة يتم ذلك لأجل مشاريع تنمية يَنْدُر أن يستفيدوا منها.
– نزاعات الموارد وتعرية التربة
يعتمد الرعاة على مواشيهم بحيث يُفضي النمو السكاني الى زيادة في عدد الحيوانات كي لا تنخفض مستويات المعيشة. وهم يواجهون أيضاً مشكلة اضافية تتمثل في تعرض المجتمعات الزراعية المجاورة الى ضغوط تدفعهم الى استثناء الرعي في مناطق أكبر وأكبر.
واستخدام الأرض للزراعة المرويّة يُقلّص كذلك من مساحة المراعي. وتحدث هذه القيود في أغلب الأحيان على أرض مهمة بالنسبة الى الرعي في الموسم الجاف، والمراعي الرطبة على مقربة من الأنهار.
– الحفاظ على المراعي
في العديد من الأقاليم أفضى التغير الإجتماعي الى انهيار اتفاقات ادارة المراعي التقليدية التي منعت في الماضي عمليات الرعي المفرط. وتؤثر مثل تلك التغيرات الاجتماعية على المجتمع التقليدي وتُقلّص من فاعلية القيود التي يفرضها.
وثمة منافسة متزايدة على الموارد مع نمو عدد السكان، كما تتعرض بُنية المجتمع الى اضطراب نتيجة تدخّل الدولة، ويسبب غياب أصحاب المواشي مزيداً من المشاكل لأنهم يميلون الى إرهاق مراعيهم.
وتختلف حلول هذه المشاكل. ويتمثل أحد الأساليب في الاعتراف بحق مجتمعات الرعي على الرغم من افتقارها الى القوة السياسية، وضمان عدم التعدي على أراضيها التقليدية. وثمة حاجة الى اسلوب متكامل مع إيلاء اهتمام الى التنوع الاقتصادي، وتخفيف الفقر وزيادة الأمن الاقتصادي.
واضافة الى ذلك يتعين على مجتمعات الرعي إعادة تأسيس أنظمة ادارة المراعي التي استطاعت في الماضي وتستطيع اليوم من جديد ضمان استخدام مُستدامٍ للموارد الحالية.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]