التجربة السعودية في تثبيت الرمال في واحة الحسا
2004 الإنسياق الرملي
د.جاسم محمد العوضي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
التجربة السعودية في تثبيت الرمال في واحة الحسا واحة الحسا الرمال تثبيت الرمال علوم الأرض والجيولوجيا
تعتبر واحة الحسا، الواقعة في شرق المملكة العربية السعودية على بعد حوالي 150 كيلومتر جنوب غرب الدمام، من المراكز الزراعية المهمة، وتبلغ المساحة المروعة فيها حوالي 7000 هكتار ويقطنها الآن أكثر من 225 ألف نسمة.
وقد أصبحت الزراعة فيها تتهددها ظاهرة زحف الرمال إذ تقع الحسا على الحافة الغربية من بحرا الرمال في صحراء الجافورة، ويحميها من جهة الشمال سلسلة جبال "الشعبة" و"بريقة" الصخرية والتي يبلغ ارتفاعها حوالي 220 م ويبرز الجزء الشرقي منها كنتوء داخل بحر الرمال.
وتتسبب الرياح الشمالية السائدة في تكوين الكثبان الرملية، والتى ترتفع حوالي 25 متراً فوق السطوح الملحية، لتزحف وتغمر الأجزاء الشرقية من الواحة خاصة قري العمران والعيون والمقدام وجواثا.
وقد وصل تراكم الرمال في هذه القري إلي 20 مترا بمعدل زحف سنوي يربو علي 25 مترا (أبو الخير ،1984) ويسبب هذا الزحف بشكل مباشر فقدان واحد هكتار من الأراضي المزروعة كل عام على الأقل كما تتسبب الرمال التي تجرفها الرياح في سد قنوات الري والصرف مما يسبب نقص المياه وزيادة مشكلة الملوحة.
كما تتسبب الرياح العالية أيضاً في تدمير المحاصيل. ولقد استمرت هذه الحالة من فقدان الأراضي الزراعية الجيدة لعدة مئات من السنين مما حدا بوزارة الزراعة والماء في المملكة العربية السعودية في عام 1962 إلى وضع برنامج لتثبيت الرمال في هذه الواحة.
فقد أوضح الوليعي (1994) بأن معدل الزحف الرملي بواحة الأحساء يخضع لعدة عوامل منها سرعة الرياح، واتجاهها، ومدة هبوبها، واختلاف أقطار الحبيبات الرملية الزاحفة، ورطوبة التربة، والتباين في حجم الكثبان الرملية، وكثافة الغطاء النباتي، وكمية الرمال الموجودة في المنطقة.
ففي خلال الفترة ما بين بداية شهر فبراير وحتى نهاية شهر يونيو من عام 1980 تم رصد حركة الزحف الرملي والأنسياق الرملي في المنطقة (أبو الخير، 1984).
وقد تبين من هذا الرصد أن خطورة الأنسياق الرملي كانت أكبر من خطورة زحف الكثبان، وذلك لقابلية الرمال للأنسياق عند سرعة بطيئة نسبيا وقدرتها علي قطع مسافات أطول من تلك التي تقطعها الكثبان.
فقط بلغ معدل زحف الكثبان الرملية خلال فترة الدراسة ما بين 3 الي 4 أمتار للكثبان الرملية الكبيرة بينما بلغ معدل زحف الكثبان الصغيرة بأكثر من 26 م.
وتشير نتائج الدارسة أن ما يقارب نصف مليون طن من الرمال قد انساقت خلال فترة الدراسة عبر الطرف الشمالي للواحة الواقع بين جبال "الشعبة " و"بريقة" في الغرب و"سبخة الأصفر" في الشرق.
وأن هذه الكمية من الرمال المنساقة قد تطمر كل عام ما يعادل 7200 متر مربع من الأراضي الصالحة للإنتاج الزراعي والأستيطان البشري.
ففي السنوات الأولى من المشروع أنشأت حضانات مختبريه لتعيين وتحديد أنواع الأشجار المختلفة والمناسبة للبيئة المحلية بحيث تنتج أشجارا صغيرة يافعة.
وفعلا تم زراعة أنواع مختلفة من الأشجار وقد أوضحت التجارب بان نبات الإثل هو أنسب النباتات للأجواء المحلية، حيث أنه لا يتطلب الري والسقاية بعد ثلاثة أو اربع سنوات وذلك بسبب نظام تعمق جذوره وكثافته.
وتمثلت المرحلة الأولى لعملية تثبيت الرمال بإقامة أسوار خشبية مصنعة محلياً على طول موقع المشروع بامتداد طوله 25 كيلو مترا ليقدم الحماية ضد الرمال المتحركة، ويعمل كحاجز أولى عند البدء في زراعة الأشجار.
ونظرا لكثافة الرمال المتحركة فقد تراكمت بسرعة على جانب السياج المعاكس لتيار الرياح مما أدى أحيانا الى تدمير الأسوار خاصة خلال هبوب الرياح العاتية. وكان يتم إصلاحها بسرعة حتى لا تسبب تدميراً كبيراً للأراضي المزروعة حديثاً.
وأما منسوب الرمال المتراكمة فقد كان يتم تسويتها خلف السياج الخشبي عن طريق استخدام بلدوزرات ثم يتم رشها، حينما تكون رطبة، بطبقات السطوح الملحية المزالة من على النبات المزروعة بسبب الري بالمياه الجوفية لتشكل طبقة ملحية خارجية تعمل بصد جفافها على استقرار مبدئي للرمال المتراكمة وتمنعها من التأثر بنحت الرياح.
وبعد الاستقرار المبدئي للرمال المتراكمة تبدأ عملية زراعة الاشجار فوق سطوحها وتوصيل مياه الري إليها.
حيث تتم السقاية على مدار السنة وبمعدل حوالي 15 سنتيمتراً كل سبعة ايام في فصل الصيف وكل خمسة عشرة يوما في فصل الشتاء. وقد قدر المعدل السنوي لعملية التبخر بـ2450 مليمترا.
ولري حوالي 500 هكتار من الأراضي المزروعة بالأشجار الحديثة تطلب المشروع حرفر 57 بئرا ارتوازيا و 26 بئرا سطحيا. أما قنوات الري الرئيسية والفرعية فتم تغطية قيعانها بالمواد الأسمنتية لتقليل فقدان المياه المترسبة في التربة السامية.
وقد تم غرس الشجيرات في البداية على فواصل تبعد 1 متر عن بعضها البعض ومن ثم زيادة المسافة بين الفواصل لتصبح 4 أمتار حيث شكلت هذه الأشجار حزاماً من المصدات الحية يبعد حوالي ربع كيلو متر من الأراضي قيد التأهيل الزراعي.
بينما عملت جذور الأشجار والأوراق المتساقطة على تثبيت الرمال المتراكمة وحجز حمولة الرمال التي تحملها الرياح قبل وصولها الى الأراضي الزراعية مما أدى اليالتقليل من خطورة إعاقة قنوات الري والصرف بسبب الرمال المتحركة.
وبغض النظر عن تثبيت الرمال المتراكمة والتى كانت تهدد الواحة فإن المشروع قد العديد من المزايا والفوائد لسكانها.
فقد اصبح المشروع متنزهاً صحراوياً لأهل المنطقة. بالإضافة إلى تحسين الظروف المناخية حول الواحة خاصة بالحد من سرعة الرياح والعمل على تلطيف الجو.
وللتعرف على مزيد من المعلومات حول التجربة السعودية في تثبيت الرمال يمكن الرجوع لدراستي أبو الخير (1984) والطاهر (1996).
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]