التفسيرات الدينية حول الأجنة والإجهاض
2013 لمن الرأي في الحياة؟
جين ماينشين
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
ديانات وثقافات البيولوجيا وعلوم الحياة
في غياب الأدلة التجريبية المباشرة حول بداية الحياة، ظلت المسألة مفتوحة للتفسير من قبل الفلاسفة وعلماء اللاهوت.
وحيث لا تتوافر بيانات واضحة، يمكننا في الغالب أن نحصل على جانب كبير من الرأي السائد بالنظر في الأحكام والتفسيرات القانونية. هناك أدبيات غنية عن التفسيرات الدينية للأجنّة، لذا لا نحتاج هنا إلا إلى مدخل موجز إلى أكثر الاعتبارات المناسبة.
الشريعة اليهودية القديمة متسقة وواضحة، كما توجز لوري زولوث (Laurie Zoloth) بشكل رائع بالإشارة مباشرة إلى المناقشات الحالية عن الاستنساخ والخلايا الجذعية.
فسائل الجماع الذي سيصبح جنيناً وبالغاً يظل لمدة أربعين يوماً مفتقراً "للإنسانية"، و"شبيهاً بالماء"، ولا يشكّل "شخصاً". وتقدّم التوراة تمييزاً مهماً يمنحنا دلائل على الآراء المبكّرة عن الأجنّة وما يترتّب عليها.
في الأيام الأربعين الأولى، من يتسبّب بإجهاض امرأة يدين بالأضرار المادية فحسب؛ وبعد ذلك الوقت يحكم بأن تلك الجريمة هي جريمة قتل يعاقب عليها بالموت. غير أن ذلك، كما تشير زولوث، ليس مسألة صريحة لتمييز أخلاقي واضح لأن الشريعة اليهودية معقّدة، وذات فئات مختلفة من التحريمات والقيم الأخلاقية.
فيمكن أن يحرّم فعل على أسس لا دينية وبراغماتية، مع أنه مقبول على أسس دينية. ومع ذلك، بعد أربعين يوماً يحدث اكتساب الروح في الظاهر ويتغيّر الوضع الأخلاقي والقانوني اليهودي للجنين.
اتبع المفسّرون الكاثوليك الأوائل الروايات الأرسطية في المقام الأول. وفي حين يُستشهد بالقديس أغسطين (Augustine) على نطاق واسع، لأنه أدان الإجهاض باعتباره انتهاكاً للصلة الأخلاقية بين الجنس والتكاثر، فإنه كتب أيضاً "من ذا الذي لا يميل إلى الاعتقاد بأن الأجنّة غير المتشكّلة تهلك مثل البذور التي لم تثمر"؟
التحوّل إلى حياة بشرية يحدث عبر عملية ينتج منها إنسان لاحقاً فقط، بعد أن يبدأ الجنين بالنموّ. ومع أن الإجهاض خطيئة، فإنه ليس جريمة قتل لأن عملية التحوّل إلى إنسان لم تحدث بعد. وثمة العديد من الأحكام القانونية الفردية التي تقرّ التفسير نفسه خلال القرون الوسطى.
وافق القديس توما الأكويني (Thomas Aquinas) على ذلك. فعارض الإجهاض باعتباره يتعارض مع الزواج والواجب الأخلاقي بالتكاثر. ومع ذلك فإنه لم يرَ الإجهاض جريمة قبل أن يكتسب الجنين الروح ويصبح إنساناً.
فالجنين وفقاً للأكويني يكتسب في البداية روحاً نمائية ويبدأ في النموّ. ثم تأتي روح حيوانية وأخيراً روح عقلانية، عندما يتطوّر الجسم ويكتسب جميع أعضائه. وقد ساد هذا التفسير "للتأنسن المتأخّر" (Delayed Huminization) معظم فترة التاريخ المسيحي المبكّر.
في سنة 1588 أصدر البابا سكستوس الخامس (Sixstus V) أول إعلان بابوي في هذا الموضوع. وكان إعلانه الذي حمل عنوان "من دون قيد" (Effraenatam) يهدف إلى مواجهة تزايد البغاء في روما. رسم البابا سكستوس الخامس – مع أنه لم يعلن أن المرسوم معصوم عن الخطأ – بأن منع الحمل والإجهاض في أي مرحلة يعتبران جريمة قتل. وكلاهما يخضع لأشدّ عقوبة روحانية، الحرمان الكنسي.
لكن بعد ثلاث سنوات، توفي البابا سكستوس، ورفض خليفته البابا غريغوري الرابع عشر (Gregory XIV) التفسير والعقوبة باعتبارهما مغاليين. ورأى غريغوري على وجه الخصوص أن الحكم لا يتوافق مع الفهم اللاهوتي للتروّح [دخول الروح] (Ensoulment). وربما وجد أن حجم الحالات كبير جداً.
التفسيرات الإسلامية أكثر انفتاحاً، ومعظمها يقدّر أن الحياة البشرية تبدأ بدخول الروح بعد أربعين يوماً. ويتفق الفقه الإسلامي مع ذلك التفسير. وبالنظر إلى أن الممارسة الإسلامية شبيهة بالممارسة الكاثوليكية المبكّرة التي تسمح بوجود عدة تفاسير متعايشة ومتنافسة، فقد كانت هناك ولا تزال اختلافات في الرأي.
فبعض العلماء المسلمين يعتبر أن دخول الروح وبالتالي الحياة البشرية تبدأ بعد 120 يوماً تقريباً، في حين يرى قلّة أنها تبدأ في مراحل أبكر. ونرى ذلك ثانية في الأحكام الفقهية: التسبّب في وفاة الجنين قبل اليوم الأربعين لا يعتبر جريمة قتل، كما هو الحال بعد ذلك الوقت.
في غياب الأدلة من الاستقصاءات البيولوجية، استمرت مثل هذه الاختلافات في الرأي، لكن كان الرأي السائد أن الحياة البشرية تكتسب الروح، وبالتالي تبدأ مع التسارع [في النمو] أو حركة الجنين (Quickening) أو "الإحياء" الذي اعتُقد أنه يحدث في اليوم الأربعين تقريباً، وهو تقريباً عندما تصبح الأمهات قادرات على اكتشاف التغيّرات. لكن صعود الدراسة التجريبية بدأ يغيّر هذا الافتراض.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]