الجهود المبذولة لاستئصال مرض شلل الأطفال في نيجيريا
2013 استئصال الأمراض في القرن الواحد والعشرين
والتر ر.دودل ستيفن ل.كوشي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الاستفادة من القادة التقليديين والدينين في تعبئة جماعات مقاومة من أجل استئصال شلل الأطفال
لقد كان التعاون والمشاركة مع القادة التقليديين والدينين في افريقيا ولمدة طويلة هي الاستراتيجية الهامة لإيصال التدخلات الصحية الناجحة إلى السكان المحليين.
ففي غانا وجنوب أفريقيا، كان القادة المحليون الوسيلة لإيصال الرسائل بشأن مخاطر AIDS/HIV منذ أوائل التسعينات من القرن العشرين. ففي 1996 أطلق القادة الافريقيون السياسيون والتقليديون جهوداً هائلة لتحسين صحة الأطفال عبر قارتهم واتحدوا لاستئصال شلل الأطفال من القارة إلى الأبد. وفيما بينهم تعهدت منظمة (عندئذ) الوحدة الافريقية بعزمها على جعل افريقيا خالية من مرض شلل الأطفال.
في عام 2000 كلفت منظمات الصحة العالمية اليونسف والوكالة الأميركية للتنمية الدولية وبالاشتراك مع بعضهم بإجراء دراسة في نيجيريا لفحص قنوات الاتصال التي تحظى بالأولوية من أجل تقديم خدمات المناعة الروتينية.
وأشارت الدراسة إلى أهمية العمل مع قادة الجماعات في المناطق الريفية وشبه الريفية من البلاد وأكدت على الإجراء الناشئ بإشراك القادة التقليديين في تعبئة جماعات معينة لبرنامج المناعة الوطني(WHO, UNICEF, USAID 2000). ومع ذلك احتاج الأمر إعلان حالة طوارئ وطنية واقتراب الخروج عن مبادرة استئصال شلل الأطفال العالمية لتعزيز أهمية العمل مع القادة التقليديين والدينين في نيجيريا.
الأزمة
في 2003 – 2004 هددت مقاطعة التلقيح ضد مرض الأطفال في نيجيريا الجهود الدولية لاستئصال هذا المرض. وكانت تلك المقاطعة قد فرضتها بعض الولايات الشمالية نتيجة شائعات لم تثبت صحتها بأن اللقاح كان خطيراً ويمكن أن يسبب العقم وينشر HIV.
وكانت الدوافع السياسية تكمن خلف هذه الإشاعات، لأن بعض القادة المحليين استخدموا التهديد المحتمل لاستئصال شلل الأطفال – مبادرة رفيعة من الحكومة – كوسيلة للتقدم من الحكومة المركزية بمطالب أخرى.
لذلك، فعندما صُدّقت الشائعات أصبحت متمكنة في نفسية الجماعة السكانية وأصبح لها تأثيرها الواسع في الابتعاد عن اللقاح، ومقاطعة حملات مكافحة شلل الأطفال في شمال نيجيريا لاحقاً، وأصبحت قرى بكاملها تتحدى؛ ولم يكن سكانها فاترين في رفضهم، بل مقاومين أشداء.
لما تضعضعت الثقة العامة، عبأت الحكومة النيجيرية على عجل القادة التقليديين لإنهاء المقاطعة واستعادة تأييد الجماعة السكانية للقاح شلل الأطفال.
وبعد نشر دراسات وتقارير متناقضة حول سلامة لقاح شلل الأطفال، بقي على سلطان ولاية سوكوتو، الحاجي محمد وماكيدو، الرئيس الروحي والمتكلم باسم سكان نيجيريا المسلمين، أن يعلن في أوائل عام 2004 أن "لقاح شلل الأطفال عن طريق الفم هو أمين وسليم" (Renne 2006).
إعادة بناء الثقة
في أيلول 2004، وبعد استئناف أنشطة مكافحة شلل الأطفال في أنحاء البلاد، نظمت وزارة الصحة الاتحادية في نيجيريا، بدعم من اليونسف وشركائها، اجتماعاً عبر الحدود للقادة التقليديين والدينين في مدينة كانو. والتقى أكثر من 150 شيخ وإمام وملاّ وقادة تقليديون من الكاميرون وتشاد، والنيجر، وطوغو، وبنين وبوركينافاسو، ليبادلوا الخبرات ويضعون استراتيجية دعماً للوقاية من شلل الأطفال.
وكان هذا الاجتماع خطوة أولية هامة لصياغة أدوار ومسؤوليات القادة التقليديين في البرنامج. وتدعمت مساندة القادة التقليديين في آب 2005، عندما دُشن رسمياً المنتدى النيجيري للقادة التقليديين والدينين ووسائل الإعلام حول مناعة وحياة الأطفال من قبل رئيس الجمهورية اوباسانجو (WHO 2011).
تابع المشاركون في استئصال شلل الأطفال مساعيهم مع القادة التقليديين من خلال مختلف المبادرات، إلا أن تلك المساعي كانت تفتقد قوة الاندفاع والزخم الوطني وبدت مقصرة دوماً عن إحداث الوقع الحقيقي لها. وفي شباط 2009 زار بيل غيتس (Bill Gates)، من مؤسسة بيل ومليندا غيتس، التي تدعم جهود استئصال شلل الأطفال، نيجيريا لأول مرة.
وأثناء زيارته التقى بممثلي الدولة والقادة الوطنيين، وكذلك صاحب المقام الرفيع سعدو أبو بكر، سلطان سوكوتو ليشجعه على زيادة مشاركته في البرنامج. فامتثل السلطان وسرعان ما خاطب القادة التقليديين من الشمال طالباً إليهم بذل أقصى ما يستطيعون لدعم استئصال شلل الأطفال.
وتجاوب هؤلاء القادة بافتتاحهم منتدى القادة الدينين والتقليديين في الشمال للعناية الصحية الأولية واستئصال شلل الأطفال.
ويضم هذا المنتدى أمراء من عشرين ولاية شمالية بما فيها منطقة العاصمة الاتحادية، وله ثلاثة أهداف أولية:
1- تحسين التغطية الوقائية وضمان توقف عدوى فيروس شلل الأطفال الوحشي في نيجيريا.
2- دعم تقوية المناعة الروتينية في شمال نيجيريا، و
3- المساهمة في تطوير منظومة عناية صحية أولية فعالة في شمال نيجيريا.
وبالرغم من أن الاستراتيجيات التقنية والعملانية، فقد كان لتبني السياسيين لبرنامج مكافحة شلل الأطفال من قبل الحكومة النيجيرية على كافة المستويات له دوره من دون شك في تدني حالات شلل الأطفال في 2010 بشكل ملحوظ.
فإن تحول انغماس القيادة التقليدية في نيجيريا يبرز كدور محوري في نجاحها. وكانت الوسيلة لتعبئة السكان المستبعدين الذين يعتبرون حاسمين في إحراز تغطية الوقاية عالمياً. فالاستفادة من القادة المحليين والوطنيين في تكرار رسائل ثابتة المضمون حول سلامة التلقيح عن طريق الفم لشلل الأطفال ساعدت في إعادة الثقة العامة بالخدمات الوقائية، خاصة في شمال البلاد، وإحداث تبني محلي والتزام ببرنامج استئصال شلل الأطفال.
في آذار 2010، أقرت لجنة المراجعة الخبيرة (الهيئة التقنية الاستشارية الوطنية المسؤولة عن الإشراف على جهود استئصال شلل الأطفال في نيجيريا) خاصة بمساهمة القادة التقليديين والدينين التي قدموها في تقدم البلاد الفوري نحو الاستئصال، مع ملاحظة أن "التدني الدراماتيكي في تفشي فيروس شلل الأطفال" قد تحقق بالدرجة الأولى من زيادة التغطية، والتي بدورها أصبحت ممكنة من خلال " ترسيخ انغماس القادة التقليديين والدينين في استئصال شلل الأطفال في نيجيريا".
وزادت لجنة المراجعة الخبيرة في التعبير عن اعتقادها بأن "شلل الأطفال يمكن استئصاله من نيجيريا في 2010، إذا تم الحفاظ على الالتزام السياسي، والحكومة، والقادة التقليديين، وتمت تقويته…" (Tomori et al. 2010).
عملياً كان القادة التقليديون في شمال نيجيريا منغمسين في كل عيد وقاية حسنة (Immunization Plus Day IPD، أو حملة مكافحة شلل الأطفال) منذ تشرين أول 2009. وباحترامهم كآباء ملكيين، أدلى بعض الأمراء بإعلانات عامة محددة بأن استئصال شلل الأطفال هو أولوية صحية عامة لدى جميع النيجيريين (الشكل 18 . 2).
أصبح رؤساء المقاطعات والقرى والأحياء، الذين يمثلون الأمراء، الآن يشاهَدون يمشون في شوارع شمال نيجيريا المغبرة، ويعملون على إيصال فرق مكافحة شلل الأطفال إلى كل بيت في مناطق جماعاتهم، كما يساعدون الأسر على التفهم والوثوق وقبول اللقاح بتسهيل الحوار بين أفراد الجماعات السكانية وفي اللقاءات العامة. وفي الأمسيات يحضر كثير من القادة التقليديون اجتماعات استخلاص المعلومات في المنشآت الصحية المحلية، الأمر الذي كانوا يرفضونه علنياً قبل بضع سنوات فقط.
المؤثرات
هذه المقاربة التي تنطوي على انغماس الجماعة السكانية – والمترافقة مع تحسين الاستراتيجيات العملانية لضمان إيصال اللقاح إلى المجموعات البعيدة – قد أدت إلى نتائج لا بأس بها في نيجيريا.
ومنذ تدشين اللجنة في آب 2009، تضاءل عدد الأسر غير المستجيبة التي جرت مراقبتها خلال الحملات بسرعة. ونتيجة لذلك فإن مستويات الأطفال القليلي المناعة يجري انخفاضها، خاصة في الولايات الشمالية، كانو، وكاتسنا، وسوكوتو، حيث النظام التقليدي هو الأقوى.
وبدءاً من تشرين الثاني/ نوفمبر2010، حصلت في نيجيريا إحدى عشرة حالة مثبتة فقط من فيروس شلل الأطفال الوحشي (ستة (Wpv1) وخمسة (WPV3)) مقارنة مع 383 حالة خلال نفس الفترة في 2009.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]