العلوم الإنسانية والإجتماعية

الخلافات الفعلية والمحتملة حول أهداف الوقاية من الأمراض في الولايات المتحدة

1996 تقنيات الطب البيولوجية وحقوق الإنسان

الدكتور يوسف يعقوب السلطان

KFAS

العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة

تميل البحوث التي تهدف إلى الوقاية من الأمراض او الإعاقة وبخاصة بالنسبة للأطفال إلى أن تعتبر في جميع الثقافات نفعا لا جدال فيه.

بيد أن هذه القيمة المشتركة قد لا يكون لها ما يقابلها من الموارد المدرجة للبحوث الوقائية أو التنموية.  مثال ذلك بحوث التغذية، فإنها تتعلق مباشرة بحق التحرر من الجوع وبالتنمية الشاملة. 

ولكن تطبيق المعلومات المتاحة حاليا قد يتعارض مع أهداف المصادر الحصينة للقوة السياسية والاقتصادية.  واحتمال هذا التعارض متوقع من المحلات المعدة للعمل المثمر فيما يتعلق بالجوع.

 

فالموقع الظاهر يتمثل في العلاقة الاقتصادية غير المتكافئة بين الشمال والجنوب، تلك العلاقة التي تتضمن تحويل راس المال من الجنوب وتغيير مسار الزراعة في الدول النامية بصرفه عن إنتاج الغذاء لسد الاحتياجات المحلية.

ووضع حواجز مثيرة للنزاع في تجارة المواد الغذائية، وخفض اسعار المنتجات الغذائية، وغالبا ما تشجع استثمار رؤوس الأموال التي تسيء إلى بدلا من أن تساعد على تحسين طرق الاستعمال القابلة والمحتاجة للمساندة والدعم في الزراعة والموارد (إعلان بللاجيو Bellagio Declaration، 1989).

ولقد كان هدف برامج الولايات المتحدة الرئيسية هو التعرف على والتخلص من عنصر الرصاص الموجود في الطلاء القديم للمساكن التي يسكنها فقراء المدن مما يساعد على التقليل من احتمال ابتلاع الأطفال الذين ينشئون في هذه المساكن للرصاص وبالتالي التقليل من تلف الجهاز العصبي المركزي أثناء نموه بسبب الرصاص. 

 

والمثل يقال عن البحوث المستمرة للتعرف على المخاطر الصحية غير المعروفة، السابق التعرض لها، في المنزل أو في المدرسة أو في أمكن العمل.  وكمثال لذلك الأسبست. 

فكل هذه المعرفة تدعم حق الحياة في بيئة صحية.  بيد أنه من المؤكد ولو أنه ما زال هناك جدال حول هذا الموضوع لان محتوى هواء المنازل من أنسجة الاسبست في المساكن التي تحتوي على أسبستوس هو في الاساس مساو لما يوجد في الهواء الخارجي، ولذا فهي لا تشكل خطرا حتى تبدأ عوامل التعرية في نحت أنسجة الألواح. 

وفي التشريع الفيدرالي والتعليمات الخاصة بالمعاد المتباينة جمعت بعض المواد الخطرة وغير الخطرة كما توضحها بيانات وبائية غير ثابتة كلها تحت عنوان “Asbestos” (آبلسون Abelson. 1990).

 

ومما أثار المزيد من المشاكل ما قد تؤدي إليه بعض عناصر البحوث الوقائية من تهديدات غير متعمدة لحقوق فئات معينة من الشعب وبخاصة الأقليات والنساء فمثلا يتضمن قرار تمييز الحوامل، الصادر سنة 1978 في الولايات المتحدة، تمييزا مبنيا على "الحمل وولادة الأطفال أو الأحوال الطبية المرتبطة بهما" بين من لا يجب استخدام التمييز على أساس الجنس ضدهم. 

بيد أن التحقق من وجود تهديدات لسلامة الأجنة في أماكن العمل قد اتخذه بعض أصحاب العمل الأمريكيين كمبرر لإبعاد النساء في سن الإنجاب عن العمل ومن شغل الوظائف تجنبا للدعاوي القضائية المستقبلية في حالة القضاء على الأجنة.

ولقد لفت هذا النوع من الفحص الشامل قبل الالتحاق بالعمل لاكتشاف الحساسية للمخاطر الصحية المحتملة لمكان العمل أنظار بعض دعاة الحقوق المدنية على أنه تدخل في حق العمل. 

 

ومن ثم لقى معارضة من جانب بعض دعاة الحقوق المدنية على أنه تدخل في حق العمل.  ومن ثم لقى معارضة من جانب بعض دعاة الحقوق المدنية والجماعات النسائية  على أنه تمييز على أساس الجنس فيه انتهاك لتشريع فيدرالي في الولايات المتحدة ينطبق على التوظيف.

أما عن مراجعة البيانات المتوافرة بما فيها تأثر الخصوبة بالنسبة لكل من الرجال والنساء بالتعرض لعدد من العوامل الكيميائية والطبيعية، فإنها لم تؤيد التفريق في المعاملة بين العمال على اساس الذكورة والأنوثة فيما يتعلق بوظيفة الإنجاب بصفة عامة، أو بالنسبة للمخاطر التي حددت في سياسة وقاية الجنين، التي يتبعها أصحاب الأعمال (بيكر، Becker 1990). 

 

ورغم هذه النتيجة العلمية التي أمكن التوصل إليها فيبدو ان القضاة وكذا أصحاب الأعمال وغيرهم من صناع القرار (وغالبيتهم من الرجال) يتصرفون في أول الأمر بناء على الأنماط الثقافية والقيم السائد، وهم يدركون أن الدور التقليدي والمرغوب فيه للمرأة هو ان تكون هي منجبة المولود، مع إنكار الدور البيولوجي للرجل كذريعة اقتصادية. 

ويبدو أنهم في ذلك أكثر تاثرا بمفهوم الجنين المبني على أساس تقني على أنه مريض ثانوي (انظر الفصل 4)، وينسون بذلك الحقوق الأولى للمرأة الحامل التي يعتمد الجنين في وجوده عليها بيد أن تشريعات الولايات المتحدة الحاكمة في هذه الحالات لم تؤيد أصحاب الأعمال في تمييزهم للعاملين على اساس الجنس. 

ومع التمسك بأهمية الاستقلالية الشخصية واتخاذ القرارات ذاتيا، فإن المحتمل أن الحلول الشخصية والعملية لهذه المسائل سوف يتم تقريرها بمعرفة الأشخاص المعنيين.  وفي ظل هذه الظروف سوف تظل دعوى الإضرار بالجنين قضية غير واضحة.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى