العلاج والرعاية اللذان يضمنان حقوق المرضى المصابين بأمراض عقلية
1996 تقنيات الطب البيولوجية وحقوق الإنسان
الدكتور يوسف يعقوب السلطان
KFAS
العلوم الإنسانية والإجتماعية البيولوجيا وعلوم الحياة
بينما تعتبر إتاحة العلاج المناسب من حقوق الإنسان نجد ان تحديد ما هو مناسب ما زال يخضع لتقدير الطبيب أو أي مهني آخر.
ومن الواضح أن تحديد العلاج اللازم قد يعكس الاحتياجات الخاصة بالمهنيين للمال، والنفوذ والشهرة العيادية أو الإثارة الاكلينيكية، فإذا كان هؤلاء المهنيون من موظفي الحكومة تكون تلك الاحتياجات الخاصة هي الالتزام برغبات الحكومة التي تحق لهم الأمان والمكانة.
وفي نفس الوقت يبدو أن هذا أفضل لهم من اتخاذ قرارات اكلينيكية صريحة واضحة ومن خيارات يتحكم فيها ويحددها خارج المستشفى اشخاص غير مدربين اكلينيكيا مثل المحامين والمشرعين والقضاة.
ولقد أدى التقدم السريع في العقاقير النفسية مع ظهور حركات المستهلكين إلى تركيز الاهتمام بالتحديات البشرية العامة: كيف نرعى ونحافظ على كرامة الفرد وحريته، وحقوق المريض في الاستقلال وتحكمه في ذاته، بينما نحافظ في نفس الوقت على النسيج الاجتماعي.
وفي هذا الإطار نجد تحديا خاصا يواجه الطبيب النفساني وغيره ممن يعملون في مهن تتصل بالصحة العقلية، والمدافعين عنها والحكومات، وهذا التحدي هو: كيف يتحقق التوازن بين الحقوق المدنية للأشخاص الذين تثبت إصابتهم بأمراض عقلية وبين المتطلبات الاكلينيكية بضرورة الحد من حريتهم لصالح العلاج (برودي Brody، 1985، 1988/ب).
وهنا نطرح سؤالا بسيطا : هل هناك حالات يكون فيها الحفاظ على حق المريض المجرد لتقرير المصير مدمرا له، ولأسرته وللمجتمع أحيانا؟
في هذا الشأن لا بد لنا أن نتذكر أن الحقوق المدنية قد وضعت على المستوى المحلي والوطني والعالمي ليس فقط لتتضمن إتاحة العلاج المناسب بل أيضا لتوفير الحماية اللازمة للإبقاء على حياة الفرد حينما تكون قدراته عاجزة.
فلا يمكن أن ينظر إلى ترك المرضى الذين يقاومون وتسليمهم إلى الموت أو زيادة حالات انتحار المرضى، أو التعرض للإرهاق البدني أو الإيذاء المزمن للغير، لا يمكن أن ينظر إلى كل ذلك على أنه حماية لحقوقهم.
وقد يؤدي الحد من إتاحة الفرصة للمصاب بمرض عقلي أن يستفيد من الموارد النادرة كاستجابة لمقاومته او مقاومتها، إلى تأخير استعادة قوته المفقودة على تحديد المصير.
بل وحتى في المستشفيات قد يؤدي الفشل في تقديم العلاج إلى زيادة احتمال التدهور العقلي واللجوء إلى العزل وتأخير الخروج من المستشفى.
ومن جهة أخرى لا تؤيد أو تدعم البيانات المتوافرة حاليا الرغبة العامة في العلاج السريع، وكما سبق أن ذكرنا، فإن البيانات توضح أن فوائد العقاقير النفسية المضادة للذهان يجب أن تدرس بعناية ويقارن بينها وبين مساوئ أو تكاليف الأعراض الجانبية التي تسببها مثل الاختلال الحركي المتأخر.
ويحتاج تقدير فاعلية العقاقير بالمقابلة أو المقارنة مع أنواع العلاج النفسية الأخرى أو بالنسبة للجمع بينهما إلى تقويم تشخيصي دقيق.
ولقد اصبح المعالج أو الطبيب النفسي والإنسان الجيد التدريب والذي يقدر قمية المشاركة الوجدانية أو حتى الشخص المليء بالمشاعر الإنسانية الذي يعمل في المستشفى، حتى لو كان غير مدرب، هو أندر مصدر للتشخيص والعلاج بالنسبة للمصابين بأمراض عقلية، أو المصابين باضطرابات عاطفية.
وهو في نفس الوقت أيضا ودائما من الموارد النادرة وقد اصبح أكثر ندرة منذ أن أدى تقدم العقاقير النفسية إلى جعل العلاج النفسي أقل حاذبية للأطباء.
وفي غياب الوقت الكافي والاهتمام بالعلاج النفسي أقل جاذبية للأطباء. وفي غياب الوقت الكافي والاهتمام بالعلاج النفسي تستخدم العقاقير كبدائل للاتصالات الشخصية المباشرة مع المرضى.
ويعود جزء من مشكلة تحقيق التوافق بين الاستقلالية الذاتية والرعاية الأبوية العطوفة، بمعنى اتخاذ القرار للمريض طبقا لما يعتبره صانع القرار الأفضل لصالح المريض يعود إلى ويكمن في خاصية عدم اليقين في الممارسة الطبية، فغالبا ما تكون هناك ضرورة ملحة لإصدار أحكام سريعة على اساس معلومات محدودة في مواقف الأزمات.
ولذلك لوحظ في قرارات المحاكم في عديد من الولايات الامريكية أن الأخطار (مثل الخلل الحركي المتأخر) التي تنجم عن العلاج بالعقاقير المضادة للذهان يتطلب الحصول على الموافقة الواعية من المريض على إجراء العلاج، ولكنها استثنت (ظروف الطوارئ) كما في حالة التهديد بالانتحار، وهي ظاهرة تسمح بالكثير من التفسيرات.
وبخلاف قرارات الطوارئ فستظل مسألة الموافقة الواعية، التي تبدو غير قابلة للجدل كفكرة تجريدية ستظل مشكلة كبرى تواجه الممارسة الفعلية.
ومع المرضى غير المصابين بأمرا نفسية نجد أن الآثار السيئة والمعوقة للكشف التام عن المضاعفات المرضية المحتملة والعواقب غير المرغوب فيها لتعاطي الدواء معروفة تماما.
والكثير بل والغالبية من المرضى الذين يعانون من الألم والقلق أو التوتر الذين يتهددهم الموت أو الإعاقة يرغبون فقط في أن يضعوا أنفسهم في أيدي أطباء أكفاء يرعونهم ويقومون باتخاذ القرار بالنسبة لهم.
أما المرضى النفسيون ذوو القدرات الإدراكية والمعرفية المعوقة إما بالتوتر أو القلق أو حالات الذهان فسيكون من الصعب عليهم فهم الموقف بدرجة كافية لإعطاء الموافقة التي تكون يحق عن وعي، أو ربما يتشككون كثيرا في الأطباء وفي الأدوية مما يجعلهم غير قادرين على الوصول إلى أي قرار.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]