المريخ: فوبوس و ديموس
2013 أطلس الكون
مور ، السير باتريك مور
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
المريخ: فوبوس و ديموس
لكوكب المريخ قمرين تابعين، هما فوبوس و ديموس، اللذين اكتُشفا معا في عام 1877 على يد أساف هال (Asaph Hall)، باستخدام مقراب كاسر كبير الحجم في مرصد جبل واشنطن، وقد باءت عمليات البحث السابقة- من قبل ويليام هيرشيل وهينريتش داريست
(Heinrich D’Arrest)- جميعها بالفشل. وكلاهما تابعان صغيران جدًا، وليس رصدهما بالأمر السهل، لأنهما قريبان جدًا من المريخ. ومن المثير للاهتمام أن نتذكر أن جوناثان سويفت، في ’رحلة إلى لابوتوا‘ (إحدى رحلات جاليفر)، قد وصف كيف اكتشف علماء الفلك في الجزيرة الطائرة الغريبة وجود قمرين تابعين للمريخ، أحدهما يدور حول الكوكب في زمن أقل من دوران الكوكب حول محوره – مثلما يفعل فوبوس بالفعل. إلا أن تبرير سويفت لم يكن علميًا تمامًا – فإذا كان للأرض قمر واحد وللمشتري أربعة، فكيف يمكن أن يتأقلم المريخ مع أقل من اثنين؟
يتحرك فوبوس على مسافة أقل من 6000 كيلومتر (3700 ميل) فوق سطح الكوكب، وتبلغ مدة دورانه 7 ساعات و39 دقيقة فقط، لذلك بالنسبة للمراقب على سطح المريخ، يشرق فوبوس من الغرب ويغرب في الشرق بعد 4 ساعة، ويمر خلال ذلك الوقت بأكثر من نصف دورة أطواره من الجديد إلى الكامل؛ والفاصل الزمني بين الإشراقات المتتابعة لن يزيد عن 11 ساعة. لكن فوبوس قليل الفائدة كمصدر للإنارة أثناء الليل، فمن المريخ سيكون له قطر ظاهر يقل عن نصف قطر قمرنا الذي نراه من الأرض، ولن يشع سوى مقدار من الضوء يزيد قليلاً عما يرسله إلينا كوكب الزهرة؛ فمراقبٌ على خط عرض لا يزيد عن 69° لن يراه أبدًا، وسيحجبه ظل المريخ لفترات طويلة. سيعبر أمام الشمس 1300 مرة في كل عام مريخي، وسيستغرق 19 ثانية ليعبر القرص الشمسي.
فوبوس جسم مظلم غير منتظم الشكل، يبلغ أطول قطر له 27 كيلومتر (17 ميل). يحيط بسطحه طبقة ’مغبرة‘ من الحتات، وقد بينت الصور التي التقطتها المركبات الفضائية أنه يحتوي على فوهات؛ أكبر تلك الفوهات يبلغ عرضها 10 كيلومتر (6 ميل)، وتسمى ستيكني. وهناك فوهات أخرى، سميت إحداها بإسم هال، يبلغ عرضها 5 كيلومتر (3 ميل)؛ كما توجد فيه سلاسل، وتلال، وأخاديد متوازية غريبة تميل نحو خط الاستواء بدرجة 30°. ويتراوح عرض هذه الأخاديد من 100 إلى 200 متر (330 إلى 660 قدم)، وعمقها من 10 إلى 20 متر (33 إلى 66 قدم). وتم التوصل إلى حسابات تشير إلى أن فوبوس يدور بشكل حلزوني إلى الأسفل ببطء بمعدل 18 متر (60 قدم) تقريبًا في كل قرن، وهو في هذه الحالة قد يصطدم بالمريخ بعد 40 مليون سنة من الآن.
في يوليو 1988 أطلق الإتحاد السوفييتي مسبارين نحو المريخ، كان هدفهما الرئيسي هو الهبوط على سطح فوبوس وفحص سطحه
)في الحقيقة، قوة الجاذبية لهذا القمر الصغير بسيطة للغاية بحيث أن لقاءه سيكون أشبه بعملية إرساء). وللأسف، كلتا المهمتين أخفقتا. فقد ضاعت فوبوس1 خلال رحلة الذهاب بسبب أمرٍ خاطئٍ من قبل المشغلين. وكان من المقرر لفوبوس 2 أن تحط على فوبوس، و’تتشبث‘ بالسطح ثم تستعمل آلية عبقرية للقفز على سطح القمر، إلا أن الاتصال انقطع قبل بلوغ القمر بالرغم من الحصول على بعض الصور.
ديموس أصغر حجمًا من فوبوس، ولا يزيد أكبر قطر له عن 15 كيلومتر (9 ميل). وطبقة الحتات فيه أشد عمقا، لذلك يبدو السطح أقل بروزًا؛ وتكون الفوهات والحفر مرئية. القطر الظاهر لديموس، كما يرى من المريخ، سيكون حوالي ضعف أقصى قطر ظاهر لكوكب الزهرة كما يرى من الأرض، وستكون رؤية أطواره بالعين المجردة أمرًا شاقًا. يظل ديموس فوق الأفق المريخي لمدة اثنين ونصف ’sols‘ (يوم مريخي) متتابعين؛ وسيمر أمام الشمس حوالي 130 مرة في السنة المريخية، وسيستغرق كل مرور 1 دقيقة و48 ثانية، وبالطبع سيحجب ديموس في ظل المريخ كثيرًا. ولن يرى لمراقب على سطح المريخ على خط عرض أعلى من 82°. أما مداره، فعلى النقيض من فوبوس، يبدو ثابتًا.
الأقمار المريخية تختلف تمامًا عن قمرنا الضخم، ومن المحتمل جدًا أن تكون عبارة عن كويكبات سابقة اصطادها المريخ قبل وقت طويل. ويدعم هذه الفكرة حقيقة أن أول كويكبين تم مسحهما من مدى قريب باستخدام مركبة فضائية (وهما غاسبرا وإيدا) يبدو أنهما يشبهان فوبوس في المظهر وهما من نفس الحجم تقريبًا. وتظهر الصور تشابهًا في الأشكال غير المنتظمة والسطح ذو الفوهات. وبشكل عام، فوبوس وديموس جسمان صغيران مثيران للإهتمام – ولا شك أنه في يوم ما سيحتاج إليهما ليكونا محطات فضائية طبيعية.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]