الطب

المصالح العامة العالمية

2013 استئصال الأمراض في القرن الواحد والعشرين

والتر ر.دودل ستيفن ل.كوشي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الطب

حيث يمكن نجاحها فإن استئصال الأمراض (للأمراض على اتساع العالم) يمكن أن ترى كخير عام عالمي D. Woodward and R.D. Smith (2003:25)

إن تكوين مفهوم بشأن الصحة كصالح عام عالمي لم يعد اليوم محل خلاف: ففي آداب المفكرين والعلماء نجد كثيراً من التحليلات الشاملة حول الموضوع (انظر Woodward and Smith 2003; Barrett 2007).

وكثير من المفكرين يطرحون استئصال المرض كمثل على الصالح العام العالمي. وتُعرف المصالح العامة على أنها الخيرات التي لا يمكن الاستغناء عنها أو المنافسة بينها، أي أن استهلاكها من قبل الفرد لا يمنع استهلاكها من قبل الآخرين، ولا يمكن استبعاد أحد من استهلاكها.

 وتتحلى المصالح العامة العالمية بهذه المواصفات وبالإضافة إلى ذلك فإنها تتجاوز حدود الدول (أي أنها عالمية في مجالها).

ويصف ودورد وسميث (2003) أن صفة تجاوزها حدود الدول يجب أن تشمل أكثر من أمتين أو دولتين وواحدة على الأقل من خارج المجموعة الاقليمية التقليدية. والمصالح العامة التي تشمل دولتين جارتين أو ثلاث تعتبر مصالح عامة اقليمية أو محلية.

 

ومع وجود الكثير من الأبعاد المعيارية المهمة لفكرة المصالح العامة العالمية وما تنص عليه، فسوف نختصر هنا على المضامين الأخلاقية في تعريف الاستئصال كمصلحة عامة عالمية في هذه الطريقة. وعلى الأخص نريد أن نختبر ما إذا كان استئصال مرض ما قد لا يلبي معيار "المجال العالمي" ويمكن من نواحي أخرى أن يعتبر مصلحة عامة عالمية.

في كل عام هناك /250/ مليون حالة ملاريا تقريباً تؤدي إلى مليون وفاة تقريباً – تؤثر معظمها على الأطفال. وداء الخيطية اللمفاوي (LF) هو أيضاً مرض يحمله البعوض ولكنه ليس " قاتلاً " مثل الملاريا. إلا أنه من المعروف أنه يسبب العجز الدائم لضحاياه ويتميز بانتفاخ أطراف البدن.

والمعالم الأخرى المشتركة بين هذين المرضين تشمل الآتي: يسببان معاناة إنسانية هائلة؛ ولهما وقعهما على التطور الاقتصادي للبلد لجعل ضحاياهما عاجزين؛ وكلاهما يُعتقد بإمكان استئصالهما؛ وقد لا يكونان عالميين في مجالهما في وقت ما.

وهذه الناحية الأخيرة لها صلة بموضوعنا لأنها تنزع أهلية اعتبارهما من الصالح العام العالمي، بوضعهما كصالح عام اقليمي.

ما أهمية نزع هذه الأهلية؟ لأن المصالح العامة العالمية يفترض بها أن تكون مطلوبة عالمياً (لاشققثفف 2007)، ولذلك نستطيع أن نفترض أن العالم يتابعهما. وعلى كل حال فإننا لا نستطيع أن نفترض الأمر ذاته حول المصالح العامة الاقليمية؛ مما يعني أن هذه المصالح هي مطلوبة محلياً وتجري متابعتهما. ويسأل سكوت باريت (Scott Barrett) (2007)، "لماذا نهتم إذا كانت المصالح العامة العالمية متوفرة أم لا ؟"

 

وهذا السؤال يعبر عن موضوعه ؛ فالمصالح العامة العالمية لم يكتمل توفيرها فتحتاج إلى الدافع لتزويدها. فإذا كان ذلك صحيحاً فما هي الغرابة في الإعداد لها والتي يفترض أنها غير مرغوبة عالمياً ؟ وأغلب الظن أن تأمين مثل هذه المصالح يشكل تحدياً جدياً، لأن أولئك الموجودين خارج الأقاليم المصابة عندهم القليل من الدوافع لمتابعة الحصول على هذه المصالح والتي يبدو عليهم قلة الاهتمام بها. وباختصار، فإن هذا التوصيف للمصالح يحتمل فيه التقليل من الدوافع لمتابعة استئصال الأمراض التي تصيب أولئك الذين يتواجدون في أجزاء قليلة من العالم فقط.

وفي سياق الاستئصال فإن التمييز بين المصالح على أساس جغرافي قد يشكل مشكلة من الناحية الأخلاقية. فإذا كان استئصال المرض فقط هو الذي يعتبر عالمياً في اتساعه فلن يتواجد دافع كاف من الجماعة السكانية العالمية لمتابعة استئصال أمراض محصورة اقليمياً.

وهذا سيؤدي إلى مزيد من إهمال الأمراض التي تصيب على الأخص الفقراء في البلدان ذات الدخل الضعيف والمتوسط. كما أن اختصار المصالح العامة العالمية بالجغرافيا لن يحقق استئصال الأمراض مثل الملاريا و LF أي تأثير عالمي حتى إذا لم يكونا عالميين في اتساعهما فإن مضمونهما الاقتصادي فقط سوف ينتشر إلى أبعد من حدودهما الاقليمية بمسافة كبيرة.

وأخيراً، هناك نواحي ذات علاقة أخلاقية بالاستئصال مثل دعم التماسك والعدالة الاجتماعية اللذين لهما دورهما في سائر أرجاء جماعة السكان العالمية. كما يساهم استئصال المرض " محلياً " في نشر الإنصاف والعدالة. ولذلك فمن المعقول أن نتوسع بفكرة استئصال المرض كمصلحة عامة عالمية إلى استئصال جميع الأمراض سواء كانت وطنية أو اقليمية أو عالمية.

 

استنتاج

يجب علينا أن لا نخطئ بفهم أهمية دور المناقشات الأخلاقية في اتخاذ القرارات الخاصة بالصحة العامة العالمية. فالحجج الأخلاقية يمكن أن تتساوى مع الآراء المعنوية وغير المعنوية حول منهج العمل وتبرز الوازع الأخلاقي الذي يتواجد في صميم تفكيرنا.

فواجب الإنقاذ والواجب نحو أجيال المستقبل وفكرة استئصال المرض كمصلحة عامة عالمية تقدم حججاً أخلاقية ملزمة في دعم استئصال المرض ومضمونها هو أن هذه الحجج يجب اعتبارها في مقارنة الأسباب التي تصوغ القرارات حول متابعة الاستئصال أو عدمها.

إقرار واعتراف

يشكر المؤلف جوكالين كلارك (Jocalyn Clark) والمراجع غير المسمى لملاحظتهما المفيدة حول النسخة الأولى من المسودة، كما يشكر بيتر سينغر (Peter Singer) والمشاركين في ورشة إرنست سترونغمان للمراجعة البناءة للنسخة الأصلية.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى