المضمون الثقافي للحقوق والالتزامات الفردية والجماعية في المجتمعات المختلفة
1996 تقنيات الطب البيولوجية وحقوق الإنسان
الدكتور يوسف يعقوب السلطان
KFAS
العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة
على عكس ما هو سائد في الغرب المسيحي اليهودي بمجتمعاته المركبة حيث التركيز على الاستقلال الذاتي للفرد، والمسئولية الشخصية، نجد أنه للاشخاص، في الثقافات الأخرى خلاف الثقافة الغربية، وكذلك في المناطق الأقل تصنيعا ومناطق الزراعة التقليدية في كثير في أجزاء العالم، وجهة نظر مختلفة عن حقوق الإنسان والامتيازات والالتزامات.
وغالباً ما تكون القيم الاجتماعية لديهم والتي تضيف أهمية للمسئولية الاسرية والعلاقات المتبادلة والقرابة غالبا ما يكون ذلك أكثر أهمية.
وينطبق هذا بدرجة كبيرة على المجتمعات التقليدية في العالم الاقل نموا، وبالنسبة لدول الشرق مثل اليابان والحكومات الدينية وبخاصة الإسلامية حيث يوجد التصنيع جنبا إلى جنب مع استمرار تواجد الحياة الزراعية والتقليدية.
وكثيرا ما لوحظ مثلا عند كل من الشعوب التي تعيش في مرحلة ما قبل التصنيع وكذلك في اليابان المتقدمة تكنولوجيا، أنه بخلاف وجهة النظر الغربية عن الاستقلال الذاتي والاستقلالية والإرادة الذاتية كحق، ترتبط القيم لدى تلك الشعوب بالاعتماد المتبادل وبالأخلاقيات والعواطف، والتلاؤم مع المعايير والاحتياجات المنظورة للاسرة والمجتمع.
وينبني على ذلك اعتماد مسئولية الفرد بدرجة اقل على المستويات السلوكية المكتسبة، ووجود قوى أكبر للسيطرة على سلوك الفرد المحددة في البنيان المجتمعي.
ويرى ترياندس Triandis (1990) على سبيل المثال وجود تركيز نسبي على الفردية والجماعية، على اعتبار أنهما أهم ابعاد الاختلافات الثقافية في السلوك الاجتماعي فيلاحظ في المجتمعات الجماعية أن العمل السليم يتطلب مسايرة رغبات الشخصيات القائمة على السلطة، بينما في المجتمعات الفردية يعتبر العمل الإبداعي التجديدي المعتمد على الذات المستقلة هو المرغوب فيه.
وقد تؤدي التعقيدات الثقافية المتزايدة مع وجود اقتصاديات مبنية على التخصص الوظيفي الذي يأتي بأنماط مختلفة للحياة، ومعايير وآراء متضاربة جديدة على العالم، قد يؤدي كل ذلك إلى تشجيع التحرك الثقافي نحو الفردية (ترياندس، 1990، ص44).
وفي ظل هذه الظروف يجب أن تؤخذ القرارات الشخصية على أساس أنها عوامل فردية وغالبا ما تكون موضوعية في طابعها بدلا من اعتمادها على معايير جماعية خاصة متوازنة منذ العهود التاريخية.
وفي هذا الوضع مثلا نجد أن الاستقلال الذاتي والاستقلالية المتاحة للبالغين لها القيمة الكبيرة كالتي لها في الولايات المتحدة.
بيد أن النظرة الجماعية في الغرب قد واصلت ظهورها بأشكال مختلفة. ولذا ففيما يتعلق بالرعاية الصحية تؤكد فلسفة الجماعية أهمية الاهداف الموجهة للمجتمع والتي قد تتطلب إخضاع رغبات الفرد للمفهوم الواسع الذي يعني ما هو الاصلح للجماعة.
ويقدم لنا إيمانويل بمفهومه لمذهب الجماعية التحررية (1991) منظوراً لكيفية توصل المجتمعات الصغيرة إلى مفهوم مشترك لها هو أفضل لصالح كل أفراد الجماعة، وتنظيم خطط المجتمع الصحية بحيث تقدم الرعاية الطبية وفقا لهذا المفهوم.
وليس المقصود هو أن يكون المنظور المشترك لأي مجتمع صغير قابلا للتطبيق على نطاق عام. بيد أنه ليس بإمكان المجتمعات المتواجدة في إطار ثقافات شديدة الاختلاف حتى مع حصولها على الموارد والحريات من السلطات الحاكمة، أن تنظم على النطاق المحلي خططا صحية مقبولة تكون جزئيا أو كليا مسايرة للاعتبارات المتصلة بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]