المعالم المتواجدة في السَماء
2000 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الحادي عشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
السَماء معالم السماء علوم الأرض والجيولوجيا
كَلِمَةُ «سَمَاء» (وجمعُها سَمَاوَات) تعنِي في اللُّغةِ: ما يُقَابِلُ الأَرْضَ. والسَّماءُ في اللُّغَةِ أيضًا اسمٌ لِكلِّ ما عَلانَا فأظَلَّنا من سَحَابٍ وغيرِه. وحتَّى سَقْفُ البيتِ يُسَمِّيه العَرَبُ: السَّمَاوَةَ.
والسَّماءُ التي تقابلُ الأَرْضَ تَشْتَهِرُ بينَ عامَّةِ النَّاسِ باسمِ «القُبَّةِ الزَّرْقَاءِ»، فهَلْ هِيَ قُبَّةٌ مَادِّيَّةٌ حقًّا؟ وما السِّرُّ في هذا اللَّوْنِ الأزرقِ الذي يُمَيِّزُها؟
الواقِعُ إنَّ الإشعاعَ الشَّمْسِيَّ، المكوَّنَ من موجاتٍ مختَلِفَةِ الأطْوالِ، عندما يَدْخُلُ جوَّ الأرْضِ، يعاني ما يسمَّى بظاهِرَةِ التَّشَتُّتِ أو التَّنَاثُرِ في الجَوِّ، وذلك بفِعْلِ جزيئاتِ الهواءِ وجزيئاتِ بُخَارِ الماءِ، والكثيرِ من الجُسَيْماتِ الصُّلْبَةِ الدَّقيقةِ العَالِقَةِ بالهَواء.
وظاهِرَةُ التَّشَتُّتِ هذه تَكْتَمِلُ أكثرَ ما يمكنُ علَى الإشْعاعَاتِ التي طولُ موجاتِها أصْغَرُ من أقطارِ جُزَيْئاتِ الوَسَطِ العَامِلِ علَى التَّناثُرِ. لذلِكَ نلاحِظُ أنّه كُلَّما صَغُر طولُ الموجَةِ في الإشعاعِ زادَتْ كَمِّيَّاتُها المُتَشَتِّتَةُ في الجَوِّ.
ولمَّا كانَتْ الموجاتُ الزَّرْقاءُ أَغْزَرَ الطَّاقاتِ في حُزْمَةِ الإشعاعِ الشَّمْسِيِّ وأيضًا أَقْصَرَها طُولاً، فإنها بمُجَرَّدِ دخولِها في جَوِّ الأَرْضِ تَتَشَتَّتُ في جميعِ أرجاءِ الجَوِّ وتَغْمُرُهُ بكميَّاتٍ وَفِيرَةٍ من اللَّونِ الأزْرَقِ فيبدو الجوُّ كأنَّهُ قُبَّةٌ زرقاءُ.
أمَّا الحقيقةُ الواقِعَةُ فهِيَ أنّه لا وُجُودَ لهذه القُبَّةِ في صورةِ جسمٍ مادِّيٍّ أو سَمَاءٍ متجسِّدَةٍ كما يَتَصَوَّرُ الكثيرُ من النَّاسِ.
فالسماءُ في مجموعِها لا تَعْدو كونَها ظاهِرَةً ضوئِيَّةً بالشَّكْلِ الذي شَرَحْنَاه.
فحقيقةُ أَمْرِ ما نسمِّيه بالسماءِ هي ذلِك الفضاءُ الهائِلُ اللاَّنِهَائِيُّ الاتِّسَاعِ، والذي يَحْمِلُ في أرجائِهِ المُترامِيَةِ أجرامًا فَلَكِيَّةً متعدِّدَةَ الأشْكالِ والطَّبائِعِ، كالمجرَّاتِ والنُّجومِ والكَواكِبِ والأَقْمارِ والشُّهُبِ والنَّيازِكِ والسُّدُم.
هـذا إضافةً إلـى ما يحمِلُه مـن إشعاعــاتٍ وطاقاتٍ غيرِ مادِّيَّةٍ، مثــل الأَشِعَّةِ الضَّوْئِيــة والأشِعَّةِ الكَوْنِيَّةِ ومَوْجَاتِ اللاَّسِلْكِي والرَّادْيو والرَّادَارِ، وغيرِ ذلك.
أمَّا أَهَمُّ ما يحتويه الفَضَاءُ (أَيْ السَّماءُ) من أجسامٍ مادِّيَّةٍ فهو النُّجومُ. وهذه توجد إما فُرادي أو في مجموعاتٍ من أعدادٍ قليلةٍ، إمَّا علَى هَيْئَةِ تَجَمُّعَاتٍ هَائِلَةٍ في شَكْلٍ قُرْصِيٍّ أو كُرَوِيِّ أو حَلَزونِيِّ، أو غيرِ ذلك.
وهذه التَّجَمُّعَاتُ النجميَّةُ الهائِلَةُ تسمَّى المَجَرَّاتِ، وهي الوَحَداتُ الرَّئيسِيَّةُ للكَوْنِ الّتي تبدو كأنَّها الجُزُرُ في مُحيطٍ هائِلٍ من الفَضَاءِ، ولذلكَ تسمَّى أحيانًا «الجُزُرَ الكَوْنِيَّةَ».
وقدْ كَشَفَتْ المقاريبُ (التلِسْكوباتُ) الحديثَةُ القَوِيَّةُ والسَّاتِلاتُ (الأقمارُ الصِّناعيَّةُ) الّتي ترتادُ الفضاءَ، أن المجرَّاتِ تتجمّعُ في زُمَرٍ (أي: مجموعاتٍ)، وأن الزُّمَرَ تتجمّعُ في حُشُودٍ هائِلَةٍ من المَجَرَّاتِ، عرفَ العلماءُ منها نحوَ عَشْرَةِ آلافِ حَشْدٍ.
وتمكَّنَ العلماءُ أخيرًا من استقبالِ الأشعَّةِ السِّينيّةِ فكشَفوا عن مفاجَأة؛ وهي أنّ حَشْدَ المجرَّاتِ يضمُّ أيضًا مقاديرَ هائِلَةً من غازٍ خفيفٍ (قليلِ الكثافَةِ)، لكنَّه مرتَفِعُ الحرارَةِ جدًّا، إذ تتجاوَزُ درجةُ حرارَتِهِ 25 مليونَ درجَةٍ سيلْزيَّة !
إن أرضَنا وشَمْسَنا ومجموعَتَنا الشَّمْسِيَّةَ كُلُّها تَقَعُ في إحدى هذه المجرَّاتِ بالقُربِ من حافَتِها؛ لذلك نَحْنُ إذا تطلَّعْنا إلى السماءِ في ليلةٍ غير مُقمِرَةٍ رأينا شريطًا هائِلاً من النُّجومِ يمتدُّ من الأُفُقِ إلى الأُفُقِ. ذلك الشريطُ هو جزءٌ من حَافَّةِ مجرَّتِنا
أمّا أكثرُ ما نلاحظُ من معالِمِ السَّماءِ غيرِ المجموعَةِ الشمسِيَّةِ ودَرْبِ التبَّانَةِ، فبعضُ المجرَّاتِ الأخرَى البعيدةِ جدًّا عَنَّا، وبعضُ النُّجومِ المُتَناثِرَةِ التي تَتْبَعُ مَجَرَّتَنا، وكذلك الشُّهُبُ وبَعْضُ المُذنَّبات.
والشُّهُبُ أجسامٌ سماوِيَّةٌ صَخْرِيَّةٌ أو حديديَّةٌ غالبًا، صغيرةٌ أو كبيرةٌ نوعًا، تَهيمُ في الفَضاءِ وأحيانًا ما تدخلُ جَوَّ الأرْضِ فتشدُّها الجاذبيَّةُ نَحْوَها بقوَّةِ هائِلَةٍ فتحترقُ نتيجةَ احتكاكِها الشَّديدِ بالجَوِّ.
وقد تتلاشَى هذه الشهبُ في الجوِّ تمامًا، أو يَبْقَى منها كُتَلٌ صَغِيرَةٌ أو كَبيرَةٌ نوعًا تسقُطُ على أديمِ الأرْضِ فتؤثِّرُ فيه تأثيراتٍ مختلِفَةٍ، وتسمَّى هذه الكتلُ بالنيازِك.
ومن معالِمِ السماءِ الأخرَى ما يسمَّى بالمُذَنَّبات. وهي أجرامٌ سماوِيَّةٌ متوسِّطَةُ الحجمِ نسبيًّا، وتتكوَّنُ أساسًا من خليطٍ من الجليدِ والغُبَارِ، وهي أكثرُ دَوامًا في السماءِ من الشُّهُبِ، إذ تُشْبِهُ الكواكِبَ في أنَّها تدورُ في مداراتٍ مُعَيَّنةٍ حَوْلَ الشَّمْسِ إلا أنَّ مداراتِها مستطيلةٌ جدا.
ولهذا يوجَدُ المذنَّبُ حِينًا من الدَّهْرِ في أعماقِ الفَضاءِ فلا نراهُ، وفي وقتٍ آخَرَ يقتربُ جدًا من الشَّمْسِ فنراهُ بوضوحٍ.
ومثالُ ذلك المذنَّبُ المعروفُ باسمِ «مُذنّبِ هالِي»، وهو الذي يظهرُ في سماءِ الأرضِ مَرَّةً كُلَّ 76 عاماً. وقد ظهر مُذَنَّبْ هالي منذُ عِدَّةِ سنواتٍ بعد أن احْتَجَبَ لمدة 76 عاماً بالفِعْلِ.
ويثيرُ ظهورُه الخوفَ والقَلَقَ بين النَّاسِ، ويسميه العَامَّةُ «النَّجْمَةَ أمَّ ذَيْلٍ». وأغلبُ «ذَيْلِ» المُذَنَّبِ من الغازاتِ المُتَوَهِّجَةِ.
وهناك مَعْلَمٌ من معالِمِ السماءِ مختلِفٌ جدًّا عن كلَّ ما سبق، وهذا ما يسمَّى السَّديمَ (الجمع: سُدُم).
والسُّدُمُ بُقَعٌ من الضَّوءِ في السَّماءِ مُتَّسِعَةٌ نوعاً وذاتُ أشكالٍ مختلِفَةٍ. وقد أوضحَ البحثُ والتَّدْقيقُ بالمقاريبِ (التِلِسْكوباتِ) أنّ كثيرًا مما كانَ يسمَّى بالسُّدم ليس إلا مَجَرَّاتٍ أخرَى خارجَ مَجَرَّةِ دَرْبِ التَّبَّانَةِ.
ومِنْ أَمْثِلَتِهَا مَجَرَّةَ أَنْدُرُومِيدَا التي ما زالَتْ تُعْرَفُ حتَّى الآنَ باسمِ: «سَديمِ أَنْدُروميدا» حتَّى عندَ العلماءِ.
وهناكَ سُدُمٌ أخرَى أَثْبَتَ البحثُ أنَّها سُحُبٌ هائِلَةٌ من الغَازَاتِ المُتَوَهِّجَةِ توجدُ في داخلِ مجرَّتِنا. ويعتقدُ العلماءُ أنَّ هذه السُّدُمَ الغازِيَّةَ مواقعُ لنشوءِ النُّجومِ.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]