المفهوم العالمي لـ”حقوق الإنسان” والقيم المختصة بالعائلة البشرية
1996 تقنيات الطب البيولوجية وحقوق الإنسان
الدكتور يوسف يعقوب السلطان
KFAS
العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة
حقوق الإنسان كقانون لسلوك التعامل بين الأفراد
"حقوق الإنسان" كشعار، يتردد كثيراً؛ يشير غالبا إلى محتوى واحد من التشريعات أو شبه التشريعات العديدة التي تتضمن قوانين السلوك.
وكلها تبين ما هو مسموح به، وما هو متوقع وما هو غير مسموح به في التعامل بين إنسان وآخر. وكل القوانين تحدد بوضوح تحريم الاعتداء على الكيان الجماعي مثل ممارسة التعذيب، ولكنها تمتلئ بالغموض بالنسبة لمنح سلطات مطلقة أو امتيازات لشخص على آخر.
ومن الامثلة على ذلك هو أخذ الموافقة الواعية على العلاج الطبي غير التجريبي. حيث تتاح للمريض فرصة المعرفة عن مجال عادة ما يكون خفيا عليه، وسلطته في أن يرفض العلاج وبذلك يلغي أو ينسخ توصيات المعالج المهني.
أما في مجال توقعات الدعم الاقتصادي أو الاجتماعي أو الصحي أو مجال توسيع تقنيات العلاج الطبي، فيظهر نوع آخر من مصادر الغموض، هو عدم ووضح الحقوق فيما يتصل بالامتيازات والالتزامات.
وحول هذه النقطة نجد أن روح القوانين الرسمية الواضحة المحددة للسلوك تندمج في مجموعة الآراء والمعتقدات غير الرسمية فيما هو مقبول من العلاقات بين الأفراد وبين الجماعات. ويختلف كل ذلك باختلاف فترات التاريخ وبخاصة في القرن العشرين.
وباختلاف الثقافة "بما فيها الدين والهوية الثقافية"، والهوية القومية، والوضع الاقتصادي الاجتماعي، فهي تختلف بشكل واضح فيما يتعلق بالعلاقات بين أفراد الأسرة الواحدة، وشبكة الاصدقاء والجماعة، وبين من يعتبرون كأجانب.
قيم عائلية للعائلة البشرية
إن المضمون القيمي الرسمي، خلال القرن العشرين، للممارسة والبحوث الدولية في المجال الطبي هي نفسها التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أعلنته الأمم المتحدة في 10 ديسمبر 1948، وفي مقدمته وصف كل أعضاء العائلة البشرية على أن "لهم كرامة فطرية متأصلة" و "متساوون بدون تمييز في الحقوق" ومن أبرز هذه الحقوق "مستوى معيشي مناسب لصحة ورفاهية الإنسان نفسه ولأسرته".
ويعتبر هذا الحق ضمنيا وبدون لبس حق للصحة بما يتضمنه من العناية الطبية والخدمات الاجتماعية الضرورية. (المادة 25/1).
وبعد نحو عشرين سنة من هذا الإعلان أعيد تأكيده في الاتفاقية حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تنص على "أن الدول المشتركة في هذا الاتفاق تعترف بحق كل فرد في أن يتمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة الجسمية والعقلية" (الأمم المتحدة 1966 أ. المادة 12/1).
وكانت الصحة العقلية بالفعل موضوعا لإعلان صادر عن هيئات غير حكومية. ففي 21 أغسطس 1948، أي قبل إعلان الأمم المتحدة بأربعة اشهر صدر نداء بعنوان "الصحة العقلية والمواطنة العالمية" عن المؤتمر الدولية الثالث للصحة العقلية.
وذكر الاتحاد الدولي للصحة العقلية الذي ولد أثناء هذا المؤتمر إلى أن "الهدف الاسمى من الصحة العقلية هو مساعدة الناس على العيش مع ذويهم في عالم واحد".
كما قصد بعبارة "المواطن العالمي نشر فكرة" "إنسانية مشتركة"، وانتماء واع وفعال ومسئول للجنس البشري ككل.. ومجتمع عالمي مبني على الإجماع الحر وعلى احترام الاختلافات الفردية والثقافية (الاتحاد الدولي للصحة العقلية، 1948).
ويعني القبول العالمي لمفهوم عام مشترك عن حقوق الإنسان قبول الانتماء إلى الجنس البشري الذي يجمع العائلة البشرية كلها. ويمثل هذا خطوة تبتعد عن خاصية تمسك الأمم المتحدة بالسيادة القومية للدول الأعضاء، وعدم انتهاك حدودها.
ومع ذلك ونحن في أواخر القرن العشرين، وعلى الرغم من بدء جهود الأمم المتحدة في تكوين قوة حفظ السلام، تواصل الدول القومية والجماعات العرقية إصرارها على أن لها مكانتها الخاصة الرفيعة.
وعلى الرغم من الدعوى المضادة فإنهم يغلبون على مفهوم العائلة البشرية، حقوقا مخصصة لمجرد الاشتراك في أوضاع إنسانية محددة.
وبينما نجد أن لدى الكائنات البشرية شعور بالذات وارتباطا وثيقا بأسرهم الممتدة ومجتمعاتهم، نجد أنه لا يمتد تلقائيا إلى البشر الذين لا يألفونهم أو إلى الأجانب بل على العكس من ذلك فالمعتاد هو أن تحاول جماعة من الجماعات أن تحرم جماعة أخرى من حقوقها.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]