المكونات الكيميائية لـ”السجائر” ومدى تأثيرها على صحة الإنسان
2002 في رحاب الكيمياء
الدكتور نزار رباح الريس , الدكتورة فايزة محمد الخرافي
KFAS
" التدخين يضر بصحتك . ننصحك بالامتناع عنه "… هذه العبارة مكتوبة على كل علبة سجائر أو لفافة تبغ تباع في الأسواق .
ولقد ظهرت العلاقات بين تدخين السجائر والإصابة بالسرطان منذ فترة طويلة . لكن هناك آلية أخرى للإصابة بالسرطان بسبب التدخين ، والمتهم الجديد في هذه الحالة هو ملوث مشع موجود في أوراق التبغ التي تصنع منه السجائر .
ولإيضاح هذه المسألة نذكر أن التربة التي تنمو فيها شجيرات التبغ يتم تسميدها بكميات كبيرة من الأسمدة الفسفاتية والتي تعتبر غنية باليورانيوم ونواتج انحلاله .
ولنأخذ واحدة من أهم الخطوات في انحلال اليورانيوم 238 وهي تحول الراديوم 226 إلى الرادون 222- وهو الغاز الوحيد الذي يتكون خلال سلسلة انحلال اليورانيوم، ويوجد هذا الغاز بتركيزات عالية في غازات التربة وفي طبقة الهواء التي تلامس سطح الأرض والتي تظللها شجيرات التبغ الخضراء.
ويتولد عن 222 كل من البولونيوم 218 والرصاص 214 اللذين يلتصقان بالسطح الداخل لأوراق التبغ . وكما هو معلوم فإن خطوات الانحلال التالية المؤدية إلى تكون الرصاص 210 تتم بسرعة كبيرة ، وهكذا يتم تكون هذا العنصر المشع ويزداد تركيزه إلى مستويات عالية .
وفي أثناء إشعال السيجارة وتدخينها تتسرب بعض الجسيمات الصغيرة غير القابلة للذوبان مع الدخان ، وتترسب على جدار القصبات الهوائية للمدخن ، أو حتى لمن يستنشق دخان السجائر . وبعدها تنتقل هذه الجسيمات إلى كل من الكبد والطحال ونخاع العظم حيث يتم اختزانها هناك.
ولقد دلت الابحاث على أن هذه الجسيمات تحتوي على نسبة عالية من الرصاص 210 المشع . ويلاحظ أن خطورة الرصاص لا تكمن في نشاطه الكيميائي والآثار المترتبة عليه بل تكمن في نشاطه الإشعاعي .
ونظراً لطول فترة عمر هذا العنصر والتي تبلغ 20.4 عاماً فإن الرصاص 210 وما يتولد عنه من البزموث 210 والبولونيوم 210 تتراكم في جسم الإنسان طوال فترة التدخين .
ولما كانت عمليات انحلال هذه العناصر المشعة داخل الجسم يرافقها إطلاق جسيمات ألفا وبيتا الضارة ، ولما كان مثل هذا الانحلال يتم في الأعضاء التي تخزن فيها هذه العناصر مثل الكبد والطحال ونخاع العظم ، ندرك أن هذه الأعضاء يتم تعرضها لتأثير مستمر من جسيمات ألفا وبيتا والذي من شأنه أن يزيد احتمال الإصابة بالسرطان عند المدخين .
ويعتبر أحادي أكسيد الكربون من المكونات الغازية الضارة بصحة الإنسان . وتصل تركيزات هذا الغاز في المدن التي تكثر فيها السيارات إلى 50 جزءاً من مليون جزء ، وقد ترتفع عند الإختناقات المرورية لتصل حوالي 140 جزءاً من مليون جزء من الهواء .
لكن اكثر مصادر احادي أكسيد الكربون خطورة هي السيجارة ، إذ يحتوي دخان السيجارة الواحدة الذي يستنشقه المدخن على حوالي 400 جزء من مليون جزء من أحدي أكسيد الكربون على حساب الهيموغلوبين الذي ينبغي أن يتحد مع الأكسجين .
وقد أجريت دراسة على مجموعة من العمال في مدينة سان فرانسيسكو ، وأظهرت العلاقة الوطيدة بين التدخين ونسبة الهيموغلوبين المتحدة بأحادي أكسيد الكربون . إذا بلغت هذه النسبة عند غير المدخنين منهم 1.3 بالمائة من الهيموغلوبين المتحد بأحادي أكسيد الكربون ، في حين بلغت عند المدخنين المعتدلين (أقل من نصف علبة في اليوم) إلى 3.0 بالمائة .
أما المدخنون العاديون فبلغت هذه النسبة لديهم 4.7 بالمائة ، ولكنها ارتفعت إلى 6.2 بالمائة عند المدخنين المفرطين (علبتان أو أكثر في اليوم) .
ولقد ثبت بالدليل القاطع أن التعرض المفرط لأحادي أكسد الكربون يؤثر في أداء الإنسان عند قيامه بعمل معين أو اختبار محدد ، لذا لا ينصح بالتدخين قبل أو أثناء هذا العمل أو الاختبار المزمع إجراؤه … وبالإضافة إلى ذلك فإن ارتفاع نسبة أحادي أكسيد الكربون في الدم يقلل من جاهزية السائقين وأداء محركات سياراتهم .
وهناك دلائل على ان السائقين الذين يتسببون في حوادث السير تكون نسبة احادي أكسيد الكربون في دمائهم أعلى من المعدل .
وارتفاع هذه النسبة تعني أن جزءاً من الهيموغلوبين قد تعطلت وظيفته ولم يعد قادراً على نقل الأكسجين إلى الأنسجة، مما يعني في المحصلة نقصاً في كمية الاكسجين التي يوصلها الدم إلى الانسجة المختلفة في الجسم .
ولتعويض هذا النقص يقوم القلب ببذل المزيد من الجهة لدفع كمية أكبر من الدم ، الامر الذي يؤدي إلى إرهاق عضلة القلب .
لذا ، هناك اعتقاد سائد بأن التعرض المزمن الحادي أكسيد الكربون يسبب أمراض القلب وقد يؤدي إلى الإصابة بالنوبات القلبية .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]