الوضعيات الصحيحة لجسم الإنسان عند الجلوس وما يقابلها من الوضعيات الخاطئة وكيفية تصحيحها
2008 آلام أسفل الظهر
سعاد محمد الثامر
إدارة الثقافة العلمية
الوضعيات الصحيحة لجسم الإنسان عند الجلوس وضعيات الجسم الخاطئة عند الجلوس الطب
إن الجلسة المغلوطة والمقعد المغلوط هما من ألد أعداء الظهر. فالمقاعد الضخمة والوثيرة – التي لا تتوافر فيها الشروط والمقاييس الصحية المناسبة لراحة الجالس – تؤدي في النهاية إلى تعب العضلات وتقلصها، ومن ثم ظهور الألم الشديد في أسفل الظهر.
وغالباً ما يعتقد البعض أن الجلوس يريح القدمين من محمل وزن الجسم. لذا يفضل الجلوس معظم الوقت.
ولكن النتائج العلمية تدل على أن الجلوس – شأنه شأن السمنة – يزيد إلى حدٍ هائل الوزن الواقع على أسفل الظهر، وأن 80% من الألم الخامد في أسفل الظهر توقظه وتحركه الجلسة الملغوطة والمقعد المغلوط.
وتوضح الدراسات أن الإنسان عندما يجلس بدون مسند ظهري، فإن الضغوط على الأقراص الغضروفية السفلية تزداد بنسبة 40% على ما هي عليه أثناء وقوفه.
وهذه الزيادة الهائلة في الضغط تحدث لأننا عندما نجلس يتحول مركز ثقل القسم العلوي من الجسم إلى الأمام، ما يجبر عضلات الظهر على بذل مزيد من الجهد والتوتر للحيلولة دون السقوط إلى الأمام.
ويجب أن نؤكد هنا عدم مزاولة العمل بوضع واحد ثابت ومستقر فترة طويلة، إذ لا بد من التبديل باستمرار بين الوقوف الصحيح والجلوس الصحيح أثناء أداء العمل، سواء المهني أو المنزلي.
وهذا يساعد على تنشيط الدورة الدموية في الطرفين السفليين، كما يقلل من الشعور بالتعب والوقاية من الإصابة بالدوالي وألم أسفل الظهر.
وضعات الجلوس الخاطئة:
معظم الناس يجلس بصورة خاطئة أثناء العمل والدراسة أو أثناء فترات الراحة ومشاهدة التلفزيون. وهناك أمثلة كثيرة لوضعات الجلوس الخاطئة، سواء كان هذا الجلوس على كراسي جيدة أو سيئة التصميم.
ولكن أغلب هذه الوضعات شيوعاً هي تلك الجلسة المترهلة، التي تكون فيها المنطقة القطنية متحدبة والرجلن مفرودتين إلى الأمام بشدة (عدم الحفاظ على انثناء الحوض والركبتين بدرجة قائمة).
وهناك أيضاً الجلسة التي ينثني فيها العمود الفقري إلى الأمام وتتحدب منطقة أعلى الظهر، وهي الجلسة التي كثيراً ما نلاحظها في غالبية الناس.
وبخاصة أثناء انشغالهم بالأعمال الدقيقة التي تحتاج إلى تركيز أو أثناء القراءة والكتابة أو العمل بالكمبيوتر. وهنا توضيح بالصور لمثل هذه الجلسات الخاطئة.
الجلوس أثناء قيادة السيارة:
أحياناً تكون طريقة الجلوس المغلوطة أثناء قيادة السيارة السبب في ألم أسفل الظهر المتكرر، وذلك إذا كانت وضعة الجسم أثناء القيادة غير مسنودة بدرجة كافية، كما يتضح من الشكل (79).
يجب عدم التهاون في اتباع الطريقة الصحيحة للجلوس أثناء القيادة. ففي هذه الحال يجب أن يسند الظهر جيداً إلى مقعد السيارة، بحيث يكون في وضع مستقيم متجنباً الميل للأمام باتجاه المقود.
ويفضل أن يكون المقعد مزوداً بمسند للراس ليساعد على الحفاظ على استقامة الظهر أثناء إسناد الرأس للوراء فوق المسند.
كما يفضل أن يكون المقعد على درجة متوسطة من المرونة، لأن المقعد الشديد المرونة يجعل الجسم يغوص لأسفل، أما المقعد القليل المرونة أو اليابس فإنه يجعل الظهر يتعرض لاهتزازات عنيفة أثناء القيادة (الشكل 80).
كيف نجلس بصورة صحيحة؟
وضعة الجلوس التي يكون فيها الانحناء القطني بوضعه الطبيعي هي الجلسة المثالية التي نؤكدها ويجب أن نحققها في كل وضعات الجلوس، حيث تكون جميع الفقرات القطنية فوق بعضها بشكل طبيعي ومنسجم.
بحيث تتعاون العضلات والأربطة بين الفقرات تعاوناً متوازناً لا يدع مجالاً للشد والضغط، ومن ثم لا يدع مجالاً لظهور الألم.
كيف تتدرب على الأسلوب الصحي للجلوس؟
لتعديل وضعية الجلوس الخاطئ، يجب على الجالس في بادئ الأمر أن يكون واعياً لطريقة جلوسه.
وببساطة يمكنه أن يتحقق أثناء جلوسه من تنفيذ الخطوات التالية ويتدرب عليها إلى أن يعتاد على الجلوس الصحيح دون وعي أو تكلف:
الخطوة الأولى: اجعل منطقة أسفل الظهر بوضعها الطبيعي المعتدل، وذلك بفرد وإسناد الظهر بالكامل إلى مسند الكرسي، وسحب الذقن إلى الداخل (Chin in).
إذ تعد هذه الحركة بمثابة المفتاح لتعديل وضعية العمود الفقري ككل، وذلك للارتباط الوثيق بين مناطق العمود الفقري (الرقبية، الصدرية، القطنية، العجزية) وعملها كوحدة واحدة وتأثير كل منها في الأخرى. كما يمكن استخدام الوسادة الأسطوانية الإسفنجية لهذا الغرض.
الخطوة الثانية: اسحب لوحي الكتفين للاسفل وللداخل حتى تشعر بتقارب حافتي لوحي الكتفين إحداهما من الأخرى ونزول الكتفين إلى المستوى الطبيعي.
الخطوة الثالثة: ادفع الصدر للأمام وللأعلى واسحب الكتفين إلى الخلف لتحافظ على استقامة الظهر ولتتجنب ترهل الكتفين إلى الأمام.
الخطوة الرابعة: اسحب الرأس للخلف وذلك بسحب الذقن للداخل (Chin in). وبنفس الوقت ارفع مؤخر الرأس للأعلى وكأنك تحاول أن تطيل الرقبة.
اختيار الكرسي المناسب :
هناك طريقة مهمة أخرى للتخفيف من الضغط الذي يسببه الجلوس الطويل، وهي طريقة اختيار الكرسي المناسب واتخاذ الوضع السليم أثناء الجلوس، حيث إن الهدف الرئيس عند اختيار الكرسي المناسب في حالتي الصحة والمرض معاً هو مقدار تهيئته لراحة الجالس عليه.
وربما كانت الطريقة المثلى لاختيار الكرسي المريح المناسب هي طريقة التجربة وتصويب الخطأ.
وعلى الإنسان ان يأخذ في الاعتبار كذلك التأثير الذي يحدثه الكرسي في الأجزاء الأخرى من الجسم.
مواصفات الكرسي الجيد:
1- مسند الظهر:
إن الزيادة الكبرى في الضغط على المنطقة القطنية العجزية من العمود الفقري – وهو الضغط الناتج عن الجلوس فترة طويلة على مقعد بدون مسند – يستطيع الإنسان تخفيفها إلى حد كبير عن طريق إسناد وزن القسم العلوي من الجسم إلى مسند الظهر، بحيث يكون هذا المسند عالياً إلى حد يضمن راحة الظهر.
كما يجب أن يكون مسند الظهر هذا مائلاً إلى الخلف قليلاً لتوفير أكبر قدر من الراحة.
وينصح هنا باستعمال وسادة للظهر ذات شكل أسطواني مصنوعة من الإسفنج المضغوط، تسمى (الوسادة الأسطوانية الإسفنجية)، وذلك لإسناد الانحناء الطبيعي في أسفل الظهر بربط هذه الوسادة بمسند الكرسي في المستوى المقابل للانحناء القطني.
2- مسند الذراعين:
إن وضع بعض وزن الجسم على ذراعي المقعد يساعد أيضاً على تقليل الوزن الزائد الواقع على المنطقة القطنية العجزية من العمود الفقري بسبب الجلوس الطويل. كما يفيد في ذلك إسناد اليدين إلى نهايتي مسندي الذراعين.
3- ارتفاع الكرسي:
إن الجلوس على كرسي مرتفع جداً يجعل الساقين متدليتين، وهذا وضع متعب، لأن الجالس يكون في هذه الحالة مضطراً إلى بذل المزيد من الجهد العضلي للحيلولة دون سقوطه عن الكرسي.
إضافةً إلى ما يسببه هذا الكرسي من ضغط مزعج على الأعصاب والأوعية الدموية تحت فخذي الجالس، وبناء عليه، فإن استعمال مسند للقدمين يساعد الجالس على التغلب على هذه المشكلة.
ومن ناحية أخرى فإن الجلوس على كرسي منخفض جداً صعب على كثير من كبار السن، وكذلك على الأشخاص المصابين بألم أسفل الظهر.
فهذه النوعية من الكراسي كثيراً ما تجعل الجالس يضطر إلى مدّ رجليه إلى الأمام. وهو وضع قد لا يتحمله المصاب بعرق النسا (ألم العصب الوركي)، لأنه يؤدي إلى شدّ العصب المصاب.
الكرسي الجيد عادةً هو ما كان ارتفاع مقعده إلى الحد الذي يتيح للجالس عليه وضع قدميه منبسطتين على الأرض مع ثني الركبتين، حيث تكون الفخذان متوازيتين والساقان عموديتين بالنسبة للأرض.
4- عمق الكرسي :
إن الكرسي ذو المقعد الشديد العمق يرغم الجالس إما على تقويس أسفل ظهره وهو وضع مزعج لكثير من الناس، أو على الجلوس في مقدمة الكرسي بدون أن يسند ظهره على مسند الكرسي. أما الكرسي القليل العمق فإنه متعب لأنه لا يهيئ سنداً كافياً للفخذين.
5- حجم الكرسي:
ما من إنسان يستطيع الجلوس في وضع واحد فترة طويلة بدون أن يبدل وضع جلوسه، لذلك فإن الكرسي يكون أكثر راحة إذا كان اتساعه كافياً بما يسمح للجالس أن يغير وضعه من حين لآخر.
أمثلة لأنواع الكراسي الجيدة والسيئة التصميم
هناك بعض الأمثلة لأنواع الكراسي والمقاعد المستخدمة في المنزل والمكاتب وأماكن العمل والتي تُبين لنا ما هو صحيح لنتبعه وما هو مغلوط لنتجنبه.
– المثال الأول – الكرسي المكتبي المثالي :
يبين لنا المثال الأول الكرسي المثالي للعمل الوظيفي في مكتب، الذي يمكن التحكم في رفعه وخفضه ودورانه في كل الاتجاهات بواسطة عجلات مركبة في أسفل قواعده.
وأثناء الجلوس عليه يكون الفخذان بشكل أفقي وتشكلان مع الساقين زاوية قائمة.
أما مسند الكرسي فيستحسن أن يكون الجزء السفلي منه بارزاً قليلاً إلى الأمام، حيث تستند إليه المنطقة القطنية بكاملها.
وقد يكون مسند أعلى الظهر منخفضاً إلى مستوى الكتفين لإتاحة المجال للذراعين بحرية الحركة إلى الخلف، أو أن يكون مسند الظهر عالياً ومزوداً بمسند الرأس.
كما يجب أن يكون الكرسي المكتبي المثالي مزوداً بمسندي الذراعين، بحيث تُشكل الذراعان زاوية قائمة بين العضد والساعد عند العمل المكتبي أو العمل بالكمبيوتر.
التعديلات الممكنة إضافتها إلى الكرسي:
من المعروف أن توافر المواصفات الجيدة في الكرسي المكتبي لا يعني بالضرورة ملاءمة هذا الكرسي لجميع مستخدميه، وذلك يرجع لاختلاف بنية جسم الجالس وطوله.
لذا فإنه إذا تبين للموظف عدم ملاءمة الكرسي الذي يستخدمه، فيمكنه في هذه الحالة أن يضيف بعض التعديلات التي يراها مناسبة والتي تحقق له الراحة التامة أثناء عمله.
فمثلاً إذا لم يشعر بالإسناد الكافي للمنطقة القطنية من ظهره فيمكنه في هذه الحالة أن يضيف ما يسند أسفل ظهره بقطعة إسفنجية أسطوانية الشكل أو بما هو متوفر في الصيدليات من أشكال إسفنجية لإسناد هذه المنطقة من الظهر كما هو موضح بالصورة.
كما يمكن تعديل مستوى مقعد الكرسي، سواء بالرفع أو الخفض، ليتلاءم مع طول الجالس؛ بحيث يحفظ مفاصل رجليه بزوايا قائمة عند كل من الورك والركبة والكاحلين.
فإن لم يستطع تحقيق هذا الوضع عن طريق تعديل الكرسي فبإمكانه استخدام مداس (دواسة) خاص أو مقعد صغير ليسند قدميه منبسطتين على الأرض.
المثال الثاني – الكراسي والمقاعد في أماكن العمل :
– المقاعد: يؤدي وضع مقعد منخفض له مسند بعيد جداً إلى مد الساقين واستقامتهما، ومن ثم إلى مد وشد العضلات الخلفية للفخذين، وكذلك استدارة المنطقة القطنية للخلف، وزيادة شد الأجزاء المرنة في هذه المنطقة من عضلات وأربطة.
– الكراسي: إن كرسياً ذا مسند مستقيم (ليس فيه ما تستند الفقرات القطنية إليه) يجعل الجلوس أمراً شاقاً ومتعباً، لما يسببه هذا الكرسي من استدارة المنطقة القطنية والظهر عموماً.
– كراسي أصحاب المهن الفنية: إن لكل مهنة وما تتطلبه من طبيعة العمل ما يناسبها من كراسي تمكن الشخص من تأدية عمله بشكل مريح بدون الشعور بالألم في أسفل الظهر.
وهذا يعتمد على توفر المواصفات الجيدة للكراسي المستخدمة والتي تتفق وطبيعة عمل كل مهنة.
فأصحاب المهن الفنية (مثل فنيي المختبرات) يحتاجون إلى نوع خاص من الكراسي تشمل الأساسيات التالية:
كرسي قابل للارتفاع والانخفاض ليتناسب مع سطح طاولة العمل، مع ضرورة تزويد قوائم الكرسي بعجلات لتسهيل الحركة في كل الاتجاهات، مع وجود ما يسند القدمين إلى الكرسي.
كما يجب أن يكون المقعد مريحاً مع ميلانه بدرجة بسيطة جداً إلى الأسفل، هذا إضافةً إلى وجود ما يسند المنطقة القطنية من الظهر.
وبناء عليه يستحسن أن يكون مسند الظهر قابلاً للارتفاع والانخفاض لكي يتمكن الشخص من تحديد وضع المسند مقابل منطقة أسفل ظهره.
ويفضل ألا يكون مسند الظهر عالياً لكي يتيح المجال لحرية حركة الكتفين والذراعين.
أما بالنسبة للرسامين والمهندسين فيفضل أن يتميز الكرسي المستخدم بالميلان للأسفل، وبذلك فهو يمنع دوران الحوض للأعلى، ما يسهل الاحتفاظ بانحناء المنطقة القطنية بشكل معتدل.
كما أن ارتفاع سطح طاولة العمل وميلانها للأسفل يجعلان الجذع منتصباً مع عدم ثني الرأس للأمام والأسفل وهو ما يجب أن يكون عليه وضع الرسامين والمهندسين أثناء عملهم.
المثال الثالث – المقاعد غير الصحية في المنزل :
– مقعد منخفض الارتفاع كالمقاعد الجلدية المحشية بالقطن أو أي مقعد مشابه بدون مسند للظهر يجعل انحناء المنطقة القطنية الطبيعي مستديراً بسبب عدم توافر ما يُستند إليه، وهذا يؤدي إلى ظهور ألم في أسفل الظهر.
كما أن هناك مقاعد طويلة تصمم لأكثر من شخص وتكون ممتلئة ووفيرة وضخمة ومبالغاً في مقاييسها من حيث العمق والحجم والارتفاع ومسند الظهر، حيث ينغمس الجالس فيها ويجد صعوبة في تعديل وضعه بسبب عدم توافر المقاييس السليمة للجلسة.
إن ما تم ذكره ووصفه في طريقة الجلوس ونوعية الكراسي يمكن تلخيصه في المواصفات التالية:
1– إن كل الجلسات والوضعات وحتى الحركات التي تجبر المنطقة القطنية على أن تكون مستقيمة أو مستديرة هي جلسات مغلوطة وضارة، لما قد تسببه من عمليات تمزق متكررة وضغط على الأعصاب وتقلص شديد في العضلات القطنية، وهذا يؤدي بالنتيجة غلى ظهور التعب والألم في أسفل الظهر، لذا يجب الابتعاد عنها.
2- كل الجلسات التي يكون فيها الانحناء القطني طبيعياً بدون استقامة أو استدارة للخلف هي جلسات مثالية يجب اتباعها والحفاظ عليها.
3- إن الجلوس مدة زمنية طويلة يرهق عضلات الظهر ويتعبها، لذا فإنه من المفيد جداً ترك المقعد بين الحين والآخر قرابة خمس دقائق، نؤدي خلالها بعض حركات الاسترخاء والتنفس العميق أو السير في الغرفة.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]