انجازات ابن سينا في مجال الطب
1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول
صبري الدمرداش
KFAS
ابن سينا الطب التاريخ المخطوطات والكتب النادرة
كان ابن سينا في مجال الطب بمثابة الطبيب الأشهر ذو القدح المعلَّى والنصيب الأوفى والنتاج الأسميىة والإسهام الأبقى.
بدأ يدرس الطب وهو في السادسة عشرة بعدما درس الفلسفة والطبيبعات والرياضيَّات والشريعة وأتقنها.
ولَمَّا بلغ الثامنة عشرة فإذا هو من الطلائع العبقرية في الطب، وظل كذلك، طوال ألف سنةٍ أو تزيد يتمتَّع بشهرته الفائقة كواحد من أعظم من أنجبت البشرية في هذا الميدان، فضلاً عن أنه واحدٌ من أعظم مَن أنجبت الحضارة الإسلامية في الطب على الإطلاق وهم: أبو بكر الرَّازي، وابن سينا، والزهراوي.
ويبين شكل رقم (8) صورة على الطراز الفارسي لابن سينا الطبيب يحيط به تلاميذه.
كان له منهجه الخاص في التشخيص ومعالجته لمرضاه على غرار الطريقة الحديثة المتبعة الآن وهي الاستدلال بأشياءٍ معينة كالبول والبراز والنبض.
كما كان يُولي الحالة النفسية للمريض واضطراباته العصبية عناية خاصة، لإيمانه بالتلازم المتبادل بين النفس والبدن.
ومن إنجازاته في الطب، نذكر مجالاتٍ ثلاثة رئيسة: الطب العام والجراحة، والطب النفسي، والتأليف الطبي.
الطب العام والجراحة
كان لابن سينا في هذا المجال إنجازاتٌ كثيرة، منها: وصفه الدقيق للالتهاب السحائي، وتمييزه بين الشلل الناتج عن سببٍ داخلي في الدماغ وذلك الناشئ عن سببٍ خارجي.
ووصفه السكتة المخيَّة (الدِّماغيَّة) الناتجة عن كثرة الدم مخالفاً بذلك الوصف اليوناني لها، والذي كان سائداً آنذاك، ومعرفته لإمكانية انتقال بعض الأمراض عن طريق وسيط، كالماء أو التربة.
ودراسته أمراض الجهاز الهضمي دراسة متعمِّقة مُبيناً تأثير أحوال النفس فيه، وتشخيصاته الدقيقة لبعض الأمراض التي كانت سائدةً على عهده، مثل داء الجنب وخُرَّاج الكبد وحصى المثانة، وقوله إن مركز البصر ليس في الجسم البلوري كما ظن من هم قبله وإنما هي العصب البصري.
ووصفه الدقيق لبعض أمراض النساء، كالعقم وانسداد المهبل وحُمَّى النِّفاس، وبيانه أن النُّفَسَاء عرضة لأمراض كثيرة كالنَّزف واحتباس الدم، كما أن تعفُّن الرحم قد ينشأ عن عسر الولادة أو موت الجنين، ولم يكن أبقراط او جالينوس قد عرفا هذه الأسباب من قبل.
وإذا كان أول من اهتم بالجراحة من العلماء العرب هو أبو بكرٍ الرَّازي، ثم علي بن عبَّاس المجوسي، فإن ابن سينا شرح كثيراً من العمليات الجراحية التي ذكرها الأطباء السُّريان ولكنهم لم يجروها، كما كان الزهراوي فخراً للجراحة العربية.
الطب النفسي
درس ابن سينا مؤلَّفات الرَّازي خاصة موضوع الاضطرابات العصبية وتأثير الحالة النفسية على المريض.
وعرف من مؤلَّفات الرَّازي بعض الحقائق النفسية، وأن من العوامل النفسية والعقلية الحزن والخوف والقلق والفرح وغيرها. وقد اهتم بالأساليب النفسية في علاج مرضاه، ولعل في قصة (الأمير العاشق) المتقدِّم ذكرها خير دليلٍ على ذلك.
فقد اعتمد في علاج الأمير بالعوارض النفسية المؤثرة في النبض، الذي تعمَّق في دراستته حتى جعل منه علماً خاصاً ذاكراً حالته في كل مرض. يقول: (إن الغضب يجعل النبض عظيماً متواتراً لا يقع فيه اختلاف، لأن الإنفعال متشابه إلا أن يُخالطه خوفٌ أو خجلٌ أو منازعة.
وأما النبض في السرور فإنه قد يعظم في الأكثر مع لين ويكون من إبطاء وتفاوت. وأما الفزع المفاجئ فيجعل النبض سريعاً مرتعداً مختلاً غير منتظم).
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]