تأثير النطاق (القياس)
2014 أبجدية مهندس
هنري بيتروسكي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
تأثير النطاق (القياس) (Scale Effect). تعود الملاحظة التي تقول إنه لا يمكن تكبير قياس نماذج عمل للآلات والهياكل بطريقة لا نهائية إلى المهندس الروماني فيتروفيوس في القرن الأول قبل الميلاد، في كتابه The Ten Books on Architecture. وبحسب فيتروفيوس، فقد تم الدفاع عن مدينة رودس (Rhodes) بنجاح من قِبل مهندس مقيم فيها كان يتقدّم بحلول ملائمة في كل مرة تُهاجم فيها المدينة من جديد. ولكن، وعندما قام مهندس آخر بعرض نموذج يشبه آلة الذراع الدوارة، الذي ادّعى أنه عندما تُصنع بالقياس المناسب ستكون قادرة على الدفاع عن المدينة ضد كل الاعتداءات في المستقبل، وأقيل بذلك المهندس السابق.
شعر أهل الجزيرة بالأمان مع هذه الآلة التي تتضمّن الحل الكامل لكل الحالات، واختبرت في الحال. ومع اقتراب آلة حصار معادية بأبعاد ضخمة جداً من المدينة، طلب من أهل المدينة بناء آلة الدفاع الجديدة. وهنا اعترف المهندس الجديد أنه لا يمكن لآلته أن تبلغ مثل هذا الحجم، وأنه على المدينة أن تستسلم لمهاجميها. وفي حالة من اليأس، ترجّى أهل المدينة من المهندس السابق مساعدتهم، فقام برسم مخطط تُوجَّه بموجبه كل مياه المجاري في المدينة إلى الطريق الذي يسلكه هذا الكائن الضخم ما جعله يغرق في المستنقع نتيجة وزنه الضخم. وتلى ذلك أن أُحضرت آلة الحصار إلى داخل الأسوار ووضعت كنصب تذكاري تخليداً لعبقرية المهندس القديم، وللتذكير أيضاً بأن الأشياء التي تعمل بالحجم الصغير لا تعمل بالحجم الكبير.
تأثير النطاق (القياس) شرحه غاليليو في عمله الأساسي عام 1638، الذي ترجم إلى الإنجليزية بعنوان Dialogues Concerning Two New Sciences، قدّم فيه مقاربة منهجية لدراسة متانة المواد. وقدم موضوعه بملاحظة أن مهندسي النهضة كانوا حيارى بواقع ظهور حدود لنجاح تصاميم السفن، والمسلات، وما شابه التي يمكن زيادة قياسها الهندسي إلى حدّ معيّن لتنهار بعد ذلك. أي أن هناك تأثيراً للنطاق يتعلّق بالحد الأقصى في زيادة القياس الهندسي للهياكل ناجم عن حقيقة أنه مع زيادة قياس الهيكل فإن وزنه يزداد بمقدار مكعّب البُعد المميز، في حين أن متانته في مقاومة الإجهاد الناجم عن الوزن تتزايد بمقدار التربيع. وتأثير النطاق هذا هو الذي يحدّد حجم الحيوانات والنباتات، ويُفسر، وفقاً لغاليليو، أن النسب المختلفة للأشياء الحية هي بسبب اختلاف حجمها.
في القرن التاسع عشر، كان لتأثير النطاق دور في تطوير أول السفن البخارية. فبعض العلميين ادّعوا بأنه لا يمكن للسفينة البخارية أبداً أن تكون من الضخامة لحمل ما يكفيها من الفحم ليُحرق في مراجلها لمدة رحلة عابرة للمحيط الأطلسي. واعتقد بعض المهندسين بخلاف ذلك، ملاحظين أنه مع زيادة حجم السفينة – ومن ثم قدرتها على حمل الفحم – فإن الطاقة اللازمة لتحريكها لا تزداد تناسبياً. وبالفعل فمع زيادة حجم السفينة بمقدار مكعّب أبعادها، فإن مقاومة المياه لحركتها تزداد بمقدار التربيع. وكان إنجاز إيسامبارد كنغدوم برونل (Isambard Kingdom Brunel) لسفينة الغربية الكبيرة البخارية التي عبرت الأطلسي بطاقة البخار فقط عام 1838 مقدّمة مثلاً مضاداً عن الفرضية العلمية لا تمكن مناهضته.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]