تعريف “الحديث الشريف”
1997 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثامن
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الحديث الشريف إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة
إن الله سبحانه وتعالى يختارُ رُسلَهُ من البشر، ممن تجتمع فيهم خِصال الخير، ويتصفونَ بالصفاتِ الحميدةِ، والأخلاقِ الكريمةِ على أقوامِهِم بحُسنِ خُلُقهم، وكرمِ طَبْعِهم، وسماحةِ نُفوسهم، وشرفِ أحسابِهم.
فاختار اللهُ عزّ وجلّ مُحمداً، صلّى اللّه عليه وسلّم، ليكونَ رسولاً إلى قومهِ، وإلى الناسِ جميعاً.
فكان النبيّ، صلّى اللّه عليه وسلم، في المرتبة العالية من كرم الطبع، وحُسن الخُلُق، وكان المسلمون من حوله يحبونه، ويحترمونه، ويطيعونَ أوامرَهُ، ويلازمونَهُ في إقامَتِهِ، وفي غزْواتِهِ وأسفاره، ويسمعون أقواله، ويشاهدون أفعاله، فيحفظون كلّ ما يصدر عنه من الأقوال والأفعال، ثم بعدَ ذلك ينقُلونَ ما حَفظوه إلى مَنْ جاءِ بعدهم.
فالحديثَ الشريفُ هو كل ما نُقلَ عن النبيّ ، صلّى اللّه عليه وسلّم، من أقوالِهِ وأفعالِهِ وتقريراتِهِ وصفاتِهِ.
فمثالُ القول: حديث «إنّ اللهَ رفيقٌ يُحبُّ الرفقَ في الأمر كله» مُتفقٌ عليه.
ومثال الفعل: الأفعال التي يؤديها النبي، صلى الله عليه وسلم، في الصلاةِ والوضوءِ والحجِ وغير ذلك.
ومثال التقرير: أكل شخص ضبّاً أمام الرسول، صلى الله عليه وسلم، فسكتَ، فعدم إنكاره تقريرٌ على جوازِ أكلِ الضبّ.
ومثال الصفة:
1- صفة خِلْقِيّة: ما نقله الواصفون من أن الرسولَ، صلّى اللّه عليه وسلّم، معتدل القامة، ليس بالطويلِ ولا بالقصيرِ، وأن لونَهُ أبيضُ مشرَبٌ بِحمرةٍ. وأن أسنانَهُ بيضاء لها بريق، إلى غير ذلك.
2- صفة خُلُقية: ما نقلهُ الناسُ عن أمانته، وصدقِهِ، وأنه كان أشجع الناس، وأكرم الناسِ، وأتقى الناس.
ولعلماء الحديث نهجٌ علميٌ دقيق في معرفة الأحاديثِ وترتيبها، وتقسيمها، وبيان الحُكم عليها، من حيثِ القُبول والردّ، وهُم يقبلون الحديث الصحيح والحسن، لأن رُواتهما يتصفون بالعدالةِ والحفظِ، ويردون الحديثَ الضعيفَ،لأن رواتَه لا يتصفون بالعدالة أو الحفظ.
والحديث الشريفُ هو المصدرُ الثاني للتشريع، بعد القرآن العزيز، فالقرآن جاء بالقواعد العامة، والأصول الثابتة، فمثلا هو يأمرُ بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاةِ من غير ذكرِ التفاصيل، والأحاديثُ موافقةٌ للقرآنِ، فهي تُفسّرُ آياته.
وتُوضح ما فيها من الأحكام والعبادات، فهي تشرحُ التفاصيلَ المتعلقةَ بأحكام الصلاة ومواقيتها، وعدد ركعاتها، وكيفيتها وشروطها وأركانها، وكذلك الزكاة جاء تفصيلها في الأحاديث الشريفة. ويُؤخذ من الأحاديث الأحكامُ في العقائد والعبادات والمعاملات والمعاشرات.
والأحاديثُ تشتملُ على فضائل الأعمال والأخلاق، وعلى التوجيهات والإرشاداتِ والنصائح، والعِبر والعِظات، والقِصص والأمثال، وأخبار عن الماضي، وأنباء عن المستقبل.
وهناك ستةُ كُتُب للحديث، مُرتبة بحسب ابواب الفقه، وهي من أشهر كتب الحديث، وأكثرها تداولاً في العالم الإسلامي؛ وأصحّها كتابُ الجامع الصحيح للإمام البُخاري، وهو الكتاب الذي قالَ فيه العلماءُ: «إنه أصحُّ كتابٍ بعدَ كتابِ اللهِ تعالى». ثم يأتي بعده مباشرةً كتابُ الجامع الصحيح للإمام مُسلم
وهذان الكتابان: صحيحُ البخاري وصحيحُ مسلم أعلى كتب الحديث درجةً في الصِّحة. ثمّ يأتي بعدهُما كُتُب السُّنن الأربعة: لأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
وهذه الكتب لم تصلْ إلى ما وصل إليه الصحيحان، ولكنها مع ذلك نالت شهرةَ ومكانةً عندَ العلماء.
وقد حثّ النبيّ، صلّى اللّه عليه وسلّم، على نَشْر عِلم الحديث، والعناية بِهِ، والتثبّت والتدقيق في نقلِ الأحاديث. فقال، صلّى اللّه عليه وسلّم،: «نَضَّر اللهُ أمرءاً سمع منا شيئاً فبلّغهُ كما سَمِعَهُ، فَرُبّ مبلِّغٍ أوعى من سامع».
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]