تفسير ظاهرة “الضوء يسير في خط مستقيم”
1997 عجائب الضوء والمادة تجريباً وتأويلاً
KFAS
الضوء يسير في خط مستقيم الفيزياء
ولهذا السبب، وكمثال آخر ، سأبين لكم، بجمع الأسهم، كيف يتضح أن الضوء يسير في خط مستقيم. ليكن إذن المنبع S والمضاعف الفوتوني P (شكل 32) .
ولنفحص كل الخيارات المتاحة للضوء كي يذهب من المنبع إلى الكاشف، أقول فعلاً كل الخيارات، بما فيها أغربها . ولما كنا قد تعلمنا درسنا جيداً، نعلم وجوب أن نرسم كل الأسهم المتعلقة بكل تلك الخيارات.
فمن أجل كل طريق متعرج، مثل A، نستطيع إيجاد طريق مجاور جداً له يكون مباشراً أكثر بقليل، وبالتالي ذا زمن أقصر. لكن الزمن على طريق شبه مباشر، مثل ، لا يختلف إلا قليلاً جداً عن طريق أكثر مباشرة منه. ففي هذه المنطقة إذن نحصل على الأسهم الأكثر جدوى لدى جمعها، وفيها إذن يقع المسار الذي يسلكه الضوء.
يجب أن نعرف هنا أن السهم الوحيد المتعلق بالطريق المستقيم، على طول D (شكل 32)، لا يكفي وحده لحساب احتمال ذهاب الضوء من المنبع إلى الكاشف. ذلك أن الطرق المجاورة له، مثل C و E، تسهم هي الأخرى إسهاماً كبيراً في قيمة هذا الاحتمال.
وهذا معناه أن الضوء، في الحقيقة، لا يسير في خط مستقيم فقط، بل أنه، بتعبير مجازي ((يشتم)) الطرق المجاورة، إنه يحتاج إلى منطقة صغيرة من الفضاء تحيط ((كأنبوب)) ضيق، بالطريق المستقيم.
وكذلك الحال أيضاً في الانعكاس؛ فلكي ينعكس الضوء يجب أن تكون المرآة ذات مساحة معقولة؛ إذ لو كان سطحها صغيراً جداً، أصغر من مقطع الأنبوب الذي تحتله الطرق المتجاورة مباشرة، لتناثر الضوء في كل الاتجاهات، مهما كان الموقع الذي نضع فيه المرآة.
سأفحص الآن عن كثب بنية هذا ((الأنبوب)) الضيق. ولأجل ذلك أضع، بين المنبع S والكاشـف P ، لبنتين غير شفافتين وظيفتهما أن تمنعا الضوء من أن يذهب ((للنزهة)) في مكان بعيد (شكل 33) ، ثم أضع كاشفاً آخر Q وأفترض، لتبسيط الأمور أيضاً، أن الضوء لا يستطيع الذهاب من S إلى Q إلا على طرق يتألف كل منها من قطعتين مستقيمتين فقط.
فماذا يحدث عندئذ ؟ إليكم الجواب: عندما تكون الفتحة بين اللبنتين واسعة بما يكفي لاحتواء طرق كثيرة ذاهبة من S إلى P أو من S إلى Q، نجد أن الأسهم المتعلقة بالطرق المنتهية في P يسهم كل واحد منها إسهاماً فعالاً في عملية جمعها بالطريقة المعهودة (ذلك أن هذه الطرق تستغرق أزمنة شبه متساوية) ، في حين أن الأسهم المتعلقة بالطرق المنتهية في Q يلغي بعضها بعضاً في عملية الجمع (لأن أزمنة الطرق المتعلقة بها متفاوتة كثيرا) . والنتيجة: أن المضاعف الفوتوني Q لا يصدر ((تكات)).
لكن إذا قرَّبنا اللبنتين، إحداهما من الأخرى، سيأتي وقت يأخذ فيه الكاشف Q بإصدار ((تكات))، لماذا؟ لأن ضيق الفتحة لم يعد يتسع إلا لعدد قليل من الطرق الذاهبة إلى Q، وتكون متجاورة جداً لدرجة أن تستغرق أزمنة شبه متساوية، فتصبح الأسهم المتعلقة بها فعالة في عملية الجمع المعهود (شكل 34).
وواضح، في هذه الحالة، أن قلة عدد الطرق النافدة من الفتحة، سواء إلى P أو إلى Q ، تجعل عدد الأسهم لكل من الكاشفين قليلاً فنحصل على سهمين حاصلين صغيرين كليهما (احتمالين صغيرين)، أي على ضوئين ضعيفين في الكاشفين؛ لكن هذا لا يمنع أن عدد التكات الصادرة عن Q شبه مساو لما يصدر عن P . وخلاصة القول : إننا، عندما نحاول الحصول على حزمة ضوء ضيقة، يرفض الضوء أن يتعاون معنا فيتشتت في كل اتجاه.
وهكذا ترون أن فكرة انتشار الضوء في خط مستقيم ليست سوى تقريب سهل يتيح شرح ما حدث في عالمنا هذا، إنه من قبيل التقريب الذي يدعو إلى القول، في حال الإنعكاس عن مرآة ، بأن زاوية ورود الضوء تساوي زاوية انعكاسه.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]