حالة نموذجية لمريض بـ”فقدان الشهية العصبي”
1997 فقدان الشهية العصبي
الدكتور أحمد محمد عبدالخالق
KFAS
حتى تتكون في ذهن القارئ صورة شبه واقعية عن الحالات النموذجية أي النمطية لاضطراب فقدان الشهية العصبي، نعرض فيما يلي وصفاً واقعيا لصورة إكلينيكية لمريضة تعاني من فقدان الشهية العصبي أوردها "هيرزوج" وصحبة.
"مي" فتاة صغيرة في الرابعة عشرة من عمرها، كانت في طفولتها خجولة دائماً، تتصرف تصرفات مناسبة، تعمل بجد للمحافظة على أعلى تقدير في المدرسة، وكان بقية الطلاب يعاكسونها ويعيرونها بأنها منغلقة على الكتب (دودة كتب) منكبة عليها، ولا تعرف غيرها.
ولكنها أعلنت أن سخافاتهم لا تضايقها، ومع ذلك كانت شديدة الحساسية لتعليقات زملائها في الفصل المدرسي بالنسبة إلى جسمها، حيث كان جسمها ينمو بشكل أسرع كثيراً من معظم البنات الأخريات.
وقد قررت "مي" أنها لكي تتجنب إغاظة زملائها لها فيجب عليها أن تستمر في نظام غذائي صارم، وتفقد خمسة كيلو جرامات من وزنها.
وفي البداية كانت مجهوداتها متواضعة، وكانت تأكل نصف وجبة الغذاء فقط، وتذكر لوالديها أن بطنها أصبحت ممتلئة جداً، وأنها لا تستطيع تكملة وجبة الغذاء. وفي خلال شهرين فقدت "مي" ثلاثة كيلو جرامات ونصف من وزنها.
وبدأ نظام "الرجيم" الغذائي لخفض الوزن الذي اتبعته "مي" يؤتي ثماره. ولكنها قررت أن تفقد مزيداً من وزنها، وبدأت في إلغاء وجبة العشاء، وقررت أن تأكل أقل ما يمكن في الغذاء.
وكانت "مي" في كل صباح تزن نفسها على الميزان، وتفحص جسمها أمام مرآة بالحجم الطبيعي، وعلى الرغم من أنها كانت مسرورة من أن ثدييها قد أصبحا أصغر، فقد رغبت في أن يصبح فخذاها وصدرها وبطنها مسطحة تماماً.
وبدأ والد "مي" في القلق على انخفاض وزنها وعاداتها في الأكل، ولكنهما عندما نجحا في جعلها تأكل، فقد كانت تحسب بدقة عدد السعرات التي تتناولها، وتحاول أن تحرقها عن طريق التمارين العنيفة.
وأمام إصرار والديها ذهبت "مي" إلى طبيب أطفال، فقد انخفض وزنها من 53 كيلو جراماً إلى 39 كيلو جراماً، وهو وزن أقل بشكل خطير بالقياس إلى طولها. واتضحت عليها علامات سوء التغذية الشديدة، وانخفضت درجة حرارة جسمها (69ْ ف)، ونقص نبضها ووصل إلى 43 دقة في الدقيقة في حين أن المعدل الطبيعي 73.
ثم التحقت "مي" بجلسات علاج نفسي فردي، ولم تكن تندمج في البداية في أي حديث تلقائي في هذه الجلسات، ومع ذلك فقد أصبح من الواضح أن "مي" خلال الجلسات العائلية يُنظر إليها على أنها الطفلة المثالية في أسرة تقدر الإنجاز والنجاح والتفوق وليس المشاعر، ولم تشعر أبداً أن أحداً يفهمها.
ثم أصبحب الأسرة بالتدريج قادرة على الاعتراف بجوانب القوة والضعف في كل فرد منها، وطورت "مي" أساليب صحية لمساعدتها على الانفصال عن والديها.
إن ما عرضنا في الفقرة السابقة يعد صورة نموذجية واقعية لحالة فقدان الشهية العصبي، تعبر عن ظروف محيطة بالفتاة "مي" دفعتها إلى خفض وزنها، وبالتالي تطورت لديها أعراض فقدان الشهية العصبين اي أن الظروف الاجتماعية والأسرية غالباً ما يكون لها دور في ظهور هذا الاضطراب. وفضلاً عن ذلك فيجب ألا ننسى ضرورة توافر الاستعداد لدى الفرد لنمو هذه الأعراض وتطويرها.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]