خصائص وأنواع عنصر “الهيدروجين”
2002 في رحاب الكيمياء
الدكتور نزار رباح الريس , الدكتورة فايزة محمد الخرافي
KFAS
كان الفيزيائي الإنجليزي هنري كافندش H. Cavendish هو أول من اكتشف الهيدروجين .
وكان اصدقاء هذا العالم يصفونه بأنه أغنى المتعلمين وأعلم الأغنياء .. وكان يتميز بدقته الشديدة حتى في امور حياته العادية واستغراقه الكامل في البحث والدراسة ، وهذا ما مكنه من اكتشاف هذا العنصر العجيب عام 1766 .
وبعد ذلك باقل من عقدين من الزمان وبالتحديد عام 1783 تمكن العالم الفرنسي شارلز من إطلاق أول بالون مليء بالهيدروجين .
ويعتبر العلماء الهيدروجين بأنه نقطة الانطلاق في سلسلة تحولات نوى الذرات ، هذه السلسلة التي نجم عنها تكون كل العناصر الكيميائية .
ولا يخفى ان شمسنا وكل النجوم تتلألأ بسبب التفاعلات النووية الحرارية التي تحدث فيها ، بما في ذلك تحول الهيدروجين إلى الهيليوم وانطلاق كميات وافرة من الطاقة .
ومن خواص الهيدروجين اللافتة للنظر أن ذراته تطلق إشعاعات يبلغ طول موجتها 21 سنتيمتراً . ويعتبر هذا الرقم طثابتاً كونياً (عالمياً)" لأن له نفس القيمة في كل أرجاء الكون .
وقد استخدم العلماء موجة الهيدروجين في تنظيم الاتصالات الراديوية بالكواكب الأخرى ، فإذا كانت هذه الكواكب مأهولة بمخلوقات ذرية فلا بد وأن يكون لديها فكرة عن هذه الموجة وعن الرقم 21
ونتساءل .. هل هناك نوع واحد من الهيدروجين في عالمنا ؟ ونستطيع القول بأن المعلومات المتوافرة كانت تشير إلى وجود نوع واحد من الهيدروجين وزنه الذري واحد ويسمى البروتيوم ويرمز له بالرمز H1 إلى أن اكتشف العلماء فيما بعد أن هناك نظيراً آخر للهيدروجين له ضعف الوزن المعروف للهيدروجين ، أي أنه أثقل منه مرتين ووزنه الذري 2 .
ويسمى ديوتيريوم ويرمز له بالرمز D2 أو H2، ونتيجة هذا الاكتشاف المهم والمثير منح هؤلاء العلماء جائزة نوبل عام 1932. ويشكل البروتيوم الأغلبية العظمى من الهيدروجين الموجود في عالمنا وتصل نسبته إلى %99 من الهيدروجين الكلي .
إلى جانب هذين النوعين من الهيدروجين اكتشف نوع ثالث من التريتيوم ويرمز له بالرمز T3 أو H3. ويتكون هذا النوع في الكون باستمرار وذلك بفضل الأشعة الكونية ، ولكنه لا يلبث أن يختفي مرة أخرى بعد تكونه ، وذلك لانه نظير مشع يؤدي اضمحلاله إلى تكون نظير للهيليوم (هيليوم (3.
ويلاحظ أن التريتيوم عنصر شديد الندرة وأن كميته في المحيط الجوي للكرة الأرضية لا يتعدى 6 غرامات ، وهناك ذرة واحدة من التريتيوم في كل 10 سنتيمترات مكعبة من الهواء الجوي .
ولا ينفرد الهيدروجين بين العناصر بوجود نظائر له ، فالعديد من العناصر الأخرى لها نظائر أيضاً . ولكن ما يميز الهيدروجين هو الاختلاف الكبير في الخواص بينه وبين نظائره الأخرى وخاصة الاختلاف في الخواص الفيزيائية ، في حين يصعب تمييز العناصر الاخرى عن نظائرها .
ويتميز كل نوع من أنواع الهيدروجين بشخصية مستقلة وسلوك مختلف في تفاعلاته الكيميائية ، ومثال ذلك أن البروتيوم يتفوق في نشاطه الكيميائي على الديوتيريوم .
وقد يتساءل المرء … ما هو الفرق بين نظائر الهيدروجين ؟ ونجيب بشكل مبسط بأن نواة الهيدروجين العادي أو البروتيون تتكون من بروتون واحد فقط ، وهي بذلك نواة الذرة الوحيدة التي لا تحتوي على نيوترونات والتي تنفرد بهذه الصفة بين نوى سائر العناصر الأخرى .
وإذا أضفنا إلى نواة البروتيوم نيوترونا واحداً نجم عن ذلك النظير الأول وهو الديوتيريوم أو الهيدروجين الثقيل.
أما إذا أضفنا نيوترونين تكون التريتيوم وهو النظير الثاني للهيدروجين العادي . ولقد تمخضت دراسة العلماء لنظائر الهيدروجين عن فتح باب جديد من أبواب الكيمياء يعرف بكيمياء النظائر، هذا الذي امتد إلى دراسة نظائر سائر العناصر الأخرى .
ويعتبر الهيدروجين وقوداً جذاباً لما يولده من طاقة عالية عند احتراقه ولأنه لا ييسبب تلوثاً في الجو . ذلك أن احتراق الهيدروجين يؤدي إلى تكون الماء ، وانطلاق بخار الماء في الجو لا يسبب أية مشكلات بيئية .
لكن مشكلة استخدام الهيدروجين كمصدر للطاقة تنجم عن عدم توافره في الطبيعة بشكل كاف . فنحن نحصل عليه من التحليل الكهربائي للماء أو من أكسدة الهيدروكربونات المختلفة .
وفي كلتا الحالتين فإن الطاقة اللازمة لإنتاج الهيدروجين تجعل هذا الإنتاج عملية مكلفة . لكن الآمال معقودة على مصادر الطاقة الرخيصة التي يمكن عن طريقها تخفيض كلفة إنتاج الهيروجين ليصبح استخدامه كوقود عملية مجزية من الناحية الاقتصادية .
وإذا ما تحقق ذلك يصبح بالإمكان نقل الهيدروجين في الأنابيب من مكان إلى آخر ليحل محل زيت الوقود أو الغاز الطبيعي وهما مصدران من مصادر الطاقة المعرضة للنضوب مع مرور الزمن .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]