سياسة ظاهرة الاحتباس الحراري والمرض الهولندي
2014 الاقتصاد وتحدي ظاهرة الاحتباس الحراري
تشارلزس . بيرسون
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
سياسة ظاهرة الاحتباس الحراري المرض الهولندي علوم الأرض والجيولوجيا
يدور محور قصة سياسة المناخ حول الزيادة في أسعار الكربون. والتي ينجم عنها أن كلاً من تكلفة وسعر السلع الكثيفة الكربون سيرتفعان.
ففي ظل الوضع الكفوء على المستوى العالمي، سيكون سعر الكربون متساوياً في البلدان المختلفة.
وإن أسعار السلع الكثيفة الكربون سترتفع بالنسبة إلى أسعار السلع والخدمات الأخرى ، وإن مكونات الإنتاج العالمي سيميل إلى التغير بالابتعاد عن انتاج السلع الكثيفة الكربون.
وفي ذات الوقت، سيتم تشجيع استخدام مصادر الطاقة ذات الكربون المنخفض أو الخالية من الكربون، على شرط أن يعكس سعر الكربون القيمة الحالية لمجموع تدفقات الأضرار الحدية الناجمة عن الانبعاثات، لتزداد الرفاهية الاجتماعية في العالم.
وسيشعر مجهزي الوقود الأحفوري في المقام الأول بعبأ سعر الكربون المرتفع، حيث سيواجهون تحولاً في الشروط التجارية بالضد منهم، وكذلك المصدرين للسلع العالية الكربون سيواجهون انحساراً في الأسواق.
وقد تحد الخسارة المحتملة في الإنتاج وصادرات البلدان التي تعتمد على الأنشطة كثيفة الكربون من رغبة تلك البلدان في تقييد الانبعاثات.
وكما سيوضح لاحقاً، فإذا أصبح مصدرو الانبعاثات الكثيفة بموقع بائع صافي لتصاريح الانبعاثات في نظام الحد الأقصى للتجارة أو متلقين لتحولات كبيرة في نظام ضريبي منسجم، فإنهم سيكونوا معرضين للإصابة كذلك بـ "المرض الهولندي"، لتزيد الممانعة حول مشيرين التقييد بالانبعاثات.
"المرض الهولندي" هو محنة تبرز بفعل الحظ الحسن لبعض البلدان.
فإذا تمتع بلد ما بزيادة سريعة ومضطردة في تصديره لسلعه المعينة (غالباً ما تكون من الموارد الطبيعية)، فإن الإيرادات المتزايدة سترفع من الطلب التراكمي على السلع المتداولة أو غير المتداولة تجارياً.
وإن الزيادة في الطلب على السلع المتداولة تجارياً تُلبى عادةً من خلال الاستيراد، ولكن الطلب على السلع غير المتداولة تجارياً يتطلب تحولاً في هيكل الإنتاج يبتعد فيه عن انتاج السلع المتداولة.
وبالإمكان تحقيق ذلك عبر السماح بارتفاع سعر صرف العملة، الذي سيزيد السعر النسبي للسلع غير المتداولة تجارياً، وتوجيه الموارد (على سبيل المثال، عنصر العمل) بعيداً عن قطاع الصناعات (المتداولة تجارياً).
فالعقود في ذلك القطاع، والتعديلات بحد ذاتها ليست مضرة بالضرورة ما لم نلجأ للمزيد من الافتراضات، حيث إن قطاع صناعات التصدير هو على وجه الخصوص في وضع ملائم جداً لتوفير فرص للعمل، أو أن هناك عوامل خارجية مؤثرة مصاحبة للصادرات المصنعة.
فهذه الافتراضات التي تتعلق بالدور المركزي للصناعة والتنمية في الصناعات هي افتراضات شائعة إلى حدٍ كبير(27).
إن العوائد المتحققة من بيع حقوق الانبعاثات يمكن أن توضع ضمن هذا الإطار. فالعائدات يمكن أن تعزز الطلب، وترفع من قيمة العملة وهو ما سيؤدي إلى تقلص الانتاج الصادرات للسلع المصنعة.
فالدول التي تنتج وتصدر سلع مصنعة كثيفة الطاقة، والتي قد تتلقى عوائد كبيرة نسبياً من بيع حقوق الانبعاثات تبدو بموقف غير حصين على وجه الخصوص – أولاً، لتراجع الطلب على المصنوعات الكثيفة الطاقة.
وثانياً، العمل في ظل الارتفاع في قيمة العملة، وعملية التكيف مع المرض الهولندي والتقلص في قطاع التصنيع، والانخفاض الإضافي في كل الصادرات المصنعة.
إن الخطوة الأولى في تقييم المرض الهولندي، تكون من خلال النظر في المبالغ المالية التي من المتصور توليدها من قبل تجارة الرخص.
ورغم أنه من المستبعد على المدى القريب أن تكون تلك المبالغ المالية التي قد تعبر الحدود كبيرةً جداً، فإن صندوق النقد الدولي قد أشار في تقاريره أن استخدام نموذج توازن عام واحد (G-Cubed)، حيث تستطيع الصين استلام ما بين 5.5% إلى 5.9% من ناتجها المحلي الإجمالي في عام 2040 من المبيعات الدولية لحقوق الانبعاثات.
وهذا يعتمد بدوره على ما إذا كانت حقوق الانبعاثات قد تم تخصيصها وفقاً لعدد السكان أو بالنسبة إلى المستويات الأولية [للانبعاثات](28).
وباستخدام نموذج مختلف، وبافتراض أن وضع الهدف العالمي ذا طبيعة هجومية متمثلة في الوصول إلى 450 جزء بالمليون من ثاني أكسيد الكربون، وبافتراض أن حقوق الانبعاثات قد تم تخصيصها وفقاً لعدد السكان.
فلربما تتمتع الهند باستلام المبالغ الماليٍة الصافية من بيع التصاريح الدولية والتي تتجاوز نسبة 4% من ناتجها المحلي الإجمالي حتى عام 2020م. وربما تكون هذه الأرقام مرتفعةً بشكل غير معقول، لكنها توضح التأثير المالي المحتمل لنظام الحد الأقصى للتجارة العالمية.
جرى التحقق من هذه الآثار من قبل ماتّو وزملائه (Mattoo et al 2009a)، إذ استخدموا نموذج التوازن العام متعدد القطاعات، ومتعدد الدول لتعقب مخرجات الرفاهية الاجتماعية، والإنتاج، وآثار التصدير على البلدان المختلفة، ومجموعات من البلدان لعام 2020م لأهداف تخفيض انبعاثات مختلفة.
وكانت الأهداف المركزية لتخفيض الانبعاثات هو 30% دون مستويات عام 2005م للبلدان الغنية، و 30% دون مستويات العمل كالمعتاد للدول الفقيرة (التي قد تسمح بنمو الانبعاثات إذا كانت مستويات العمل كالمعتاد قد وضعت بكفاءة عالية). واقتصر التحليل على الكربون المنبعث من الوقود الأحفوري.
هناك سيناريوهان جديران باهتمامنا، أحدهما حينما لا يكون هناك متاجرة بتصاريح الانبعاثات بين المناطق، وثانيهما عندما يكون نظام الحد الأقصى للتجارة العالمية متكاملاً وفعالاً.
والسيناريو الآخر، بطبيعة الحال هو مكافئ (المساواة) في الأسعار الدولية للكربون الدولي، ورصد التحويلات المالية التي ربما تقود إلى تأثيرات المرض الهولندي.
وهناك ثلاث دول ذات أهمية خاصة: الصين والهند، اللذان يمثلان الاقتصاديات الكثيفة الكربون، والبرازيل التي يمثل كثافة الكربون فيها فقط ثلث معدل الكربون المنبعث في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل فحسب(29).
لقد أظهرت النتائج أنه من دون التصاريح التجارية، فإن عقود التصنيع تبلغ 2.9% في الصين، 3.7% في الهند، و0.8% في البرازيل. ومع التصاريح التجارية للانبعاثات، التي تحدد التدفق المالي، وتحرك صرف العملة، ينخفض الناتج الصناعي بواقع 6.5% في الصين، 5.5% في الهند، إلا أنها ترتفع بواقع 0.6% في البرازيل.
ولعل المصنوعات المصدرة تسرد الحكاية ذاتها، ففي الصين يتقلص التصدير بواقع 4.5% من دون المتاجرة بتصاريح الانبعاثات و 9.4% مع المتاجرة بالتصاريح؛ وفي الهند يتقلص بواقع 7.3% من دون المتاجرة و10.7 مع المتاجرة.
وبالمقارنة مع البرازيل فتتقلص بواقع 1.5% من دون المتاجرة، لكنها تزداد بواقع 2.7% مع المتاجرة.
الخلاصة النهائية، هي أن الدول التي تُفكر في نمو الصادرات المنقادة بالسلع المصنعة، قد يكون لديهم مخاوف مشروعة بخصوص المشاركة في النظام العالمي للحد الأقصى للتجارة(30).
هذه النتائج ليست صلبة كالحجر. فبعض البلدان قد ترحب بالتحول من الصناعة التقليدية كثيفة الكربون، وتستخدم مبالغ لتخفيض الانبعاثات لتمويل عملية التحول الطموحة والباهضة التكاليف إلى هيكلية إنتاجية عالية التكنولوجيا. والبعض قد يستخدم الإعانات لتدعيم الصادرات. والبعض الأخر قد يقاوم الارتفاع في قيمة عملاتها.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]