صفة “الأمانة” وأهمية تحلي الإنسان بها
2000 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثالث
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
صفة الأمانة إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة
عزم جاسم على السفر ليحج، فترك عند صديقه "حمد" بعض الأشياء الثمينة ليحفظها له حتى يعود. فلما عاد جاسم، رد حمد إليه "أمانته" كاملة، فشكره جاسم على "أمانته".
فأنت ترى أننا سمينا الأشياء التي تركها جاسم وديعة عند صاحبه أمانة. وكذلك نحن أطلقنا على مسلك حمد الكريم صفة "الأمانة". ونحن نقول إن جاسما "أمين".
وقد اشتهر سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، قبل بعثته بالأمانة، حتى لقبه قومه "بالأمين". فلا عجب أن يختصه الله، سبحانه وتعالى، بأداء أعظم أمانة، و هي الدعوة إلى خاتم رسالاته إلى الناس.
وفضيلة الأمانة هي أخت فضيلة "الصدق". فالأمين صادق لأنه يعترف بوجود الأمانة المودعة عنده. أما الخائن فسوف ينكر أنه تسلم الأمانة، فيصبح بهذا كاذبا أيضا. فالخيانة هي أخت رذيلة "الكذب".
وقد أمرنا الله، سبحانه وتعالى، بالأمانة قال تعالى(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا) النساء 58.
بل إن الله يأمرنا أن نؤدي الأمانة حتى إلى أعدائنا، فلهذه المناسبة وبهذا المعنى نزلت هذه الآية الكريمة. والأمانة من صفات المؤمنين التي عددها الله، سبحانه وتعالى، في سورة "المعارج" قال تعالى(وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) المعارج 32.
والرسول، عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، يعلمنا أن نكون أمناء من جميع الناس، حتى مع من خانونا: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولاتخن من خانك" (حديث شريف).
والأمانة لا تقتصر على رد الودائع، فإن معناها أوسع من ذلك. فمن الأمانة أن يحسن كل منا عمله. فإتقان التلميذ دراسته وأداء واجباته أمانة.
ومن الأمانة أن يخلص كل منا في نصحه للناس، وأن يشهد شهادة الحق ولا يكتمها. والتاجر الأمين لا يخفي عن المشتري عيبا في بضاعته، ولا يمدحها بما ليس فيها من مزايا، ولا يخلطها بشيء مخالف لها أو أردأ منها.
ولا يغالط المشتري في عدد أو كيل أو ميزان ما يبيعه له، قال تعالى(وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) المطففين 1.
وقد حذرنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم تحذيرا شديدا من الغش، فقال: من غش فليس مني". (حديث شريف).
ومن الذي يقبل أن يعمل شيئا يجعل رسول الله. ، صلى الله عليه وسلم، يتبرأ منه بسببه؟! ينبغي للتلميذ الذي تزين له نفسه أن يغش في الامتحان أن يتذكر هذا.
وعندما يغش التلميذ يخون الأمانة من نواح كثيرة. فهو، أولا، يحرم نفسه من نعمة التعلم، والإفادة من العلم، والفوز بمثوبة الله على طلب العلم.
وهو، ثانيا، يظلم زملاءه الذين تعبوا في استذكار دروسهم ولم يلجأوا إلى الغش، لأنه ينال من الدرجات ما ليس حقا له ثم إنه ثالثا، يعود نفسه عادة سيئة قد تورده موارد الهلاك عندما يقترفها وهو كبير فيقع تحت طائلة القانون، فضلا عن غضب الله عليه و عقابه له.
ومثل التلميذ الذي يغش، التلميذ الذي يقطع ورقة من كتاب استعاره من مكتبة المدرسة، أو يتلف صفحة منه.
بل إن شريعة الله تعلمنا أننا إذا وجدنا شيئا ملقى على الأرض، لا نعلم له صاحبا، لا نسارع بامتلاكه، فقد أمرنا أن نعلن مرارا أننا قد وجدنا "لقطة" (أي شيئا التقطناه)، كالحلوى أو الطعام.
فإذا لم يظهر من يثبت أن اللقطة له، جاز لنا أن نأخذها لأنفسنا أو نتصدق بها. فإذا ما ظهر لها صاحب بعد ذلك وطالبنا بها، وجب علينا أن نرد إليه مثلها.
وكما أن الإنسان يجب أن يكون أمينا مع الناس، يجب أن يكون أمينا مع نفسه. فيجب على الإنسان أن يكون أمينا على دينه وعقله وشرفه وصحته وماله، وإذا عرف طريقا إلى الخير والصلاح سار فيه، وإذا رأى طريقا إلى الشر والفساد تجنبه وابتعد عنه.
ويجب على الإنسان أن يكون هو الرقيب على نفسه في كل هذا. فالأمانة من أبرز علامات تقوى الله، قال تعالى(وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَىٰ سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ ۖ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ ۗ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ ۚ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) البقرة 283.
ويقول الله أيضا، عز من قائل: قال تعالى(الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ ۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ) آل عمران 172.
هذا فضلا عن أن الأمانة إذا شاعت في قوم، وثق بعضهم ببعض، واستقامت أمورهم، وعاشوا في سلام و فلاح.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]