ظاهرة الضوء: تفسيرها وأهميتها
1997 عجائب الضوء والمادة تجريباً وتأويلاً
KFAS
سنبدأ بالضوء . إن أول شيء اكتشفه نيوتن ، عندما بدأ يهتم بالضوء، هو أن الضوء الأبيض مزيج من عدة ألوان .
وبوساطة موشور زجاجي حلل الضوء الأبيض إلى ألوان شتى ؛ ثم فصل حزمة من لون معين – ولنقل الأحمر ، مثلا – أسقطها على موشور آخر ، فرأى أن هذا اللون لم يمكن تحليله إلى مجموعة ألوان أخرى ، بل بقي أحمر . فاستنتج أن الضوء الأبيض مزيج من ألوان مختلفة كل منها لون صاف ، أي غير قابل للتحليل .
( الواقع أن الضوء ذا اللون الصافي يمكن أيضا تجزئته ، لكن بطريقة مختلفة ، إلى ضوئين من اللون نفسه ، يقال أنهما " مستقطبان Polarized " بشكلين مختلفين .
لكن هذا الجانب من الضوء غير جوهري لهفم الإلكتروديناميك الكمومي ، ولن أهتم به ، ولو كان ذلك يجعل شرح النظرية ناقصاً بعض الشيء ، ولن يؤثر هذا التبسيط على تفهم ما سأقوله لكم . لكنني حريص على أن أذكر ما أهمله في كل مرحلة ) .
عندما أتكلم عن ((الضوء)) فإن كلامي لا يقتصر على الضوء المرئي فحسب، المتدرج من الأحمر إلى الأزرق . ذلك أن الضوء الذي نراه ليس سوى جزء صغير من طيف واسع جداً ، على غرار ما نعمل أن سُلَّم (طيف) الأصوات يمتد خارج السلّم الموسيقي من طرفيه كليهما .
وكل ((نغمة)) من ((سلم الأنغام الضوئية)) تتعين بعدد خاص بها اسمه التواتر Frequency (يسميه بعضهم تردداً ، والمذيعون ذبذبة) . ومع تزايد التواتر يتغير لون الضوء المرئي من الأحمر إلى البرتقالي فالأصفر فالأخضر فالأزرق فالبنفسجي، ثم إلى ما نسميه فوق البنفسجي وهو ضوء لا نراه ، لكنه يؤثر في بعض أفلام التصوير ؛ فهو أيضا ضوء ذو تواتر أعلى من أن تتحسس به العين البشرية .
( لنطأطئ إذا من غلوائنا : فما نستطيع أن نكتشفه بحواسنا، بعيوننا، ليس سوى جزء من هذا العالم!).
وإذا تزايد التواتر إلى أكثر من ذلك ندخل في مجال الأشعة السينية X-rays، ثم أشعة غاما gamma ، إلخ .
وإذا تناقص التواتر ، بدءا من الأحمر، ندخل في مجال ما نسميه تحت الأحمر ( أمواج الحرارة ، وهي ضوء لا نراه أيضاً ، لكنه يؤثر في الأفلام الحساسة)، ثم أمواج التلفزيون والراديو.
وهذا كله عندي ((ضوء)) . لكنني ، في معظم الأمثلة التي أسوقها ، سأستخدم ضوءا أحمر صافيا ، ويجب أن لا تنسوا أن الإلكتروديناميك الكمومي نظرية تنطبق على الكيف الضوئي كله ، وتحكم كل ما يحدث في أعماق تلك الظواهر.
كان نيوتن يعتقد أن الضوء مصنوع من جسيمات ، وكان مصيباً ( رغم أن المحاكمات الفكرية التي قادته إلى هذه النتيجة كانت خاطئة ) .
ونحن اليوم على يقين من أن الضوء مصنوع من جسيمات، لأننا نملك أجهزة حساسة جدا تُصدر ((تكة)) كلما اخترقها شعاع ضوئي ، حتى ولو كانت شدته ضعيفة جدا : فالتكات هي هي ، لكن عددها يتناقص: فالضوء يشبه إذن قطرات المطر (وقطرات الضوء تسمى ((فوتونات)) ) ولقطرات كل لون معين من الضوء الصافي وحيد اللون ((مقاسات)) متساوية .
الواقع أن العين البشرية حساسة جدًا : إذ تكفي خمسة فوتونات أو ستة لتهييج خلية عصبية من شبكتيها كي ترسل إشارة كهربائية إلى الدماغ .
ولو كانت عملية التطور الحيوي قد استمرت إلى أبعد من ذلك ، بحيث تجعل العين ذات حساسية أكبر بعشر مرات ، لما احتجنا لهذه المناقشة ، لأننها كنا سنشعر بالضوء الصافي الضعيف جداً ، وذلك بشكل سلسلة ومضات قصيرة متقطعة وذات شدة واحدة .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]