الطب

علاقة مرض فقدان الشهية العصبي بـ”الوسواس القهري”

1997 فقدان الشهية العصبي

الدكتور أحمد محمد عبدالخالق

KFAS

مرض فقدان الشهية العصبي الوسواس القهري الطب

لا يمكن أن نغفل العلاقة الوثيقة بين فقدان الشهية العصبي والوسواس القهري، وهو اضطراب نفسي يتكون من مكونين مترابطين من: الوسواس والقهر.

والوساوس Obsessions أعراض تطفلية اقتحامية، تتسم بتكرار فكرة، أو صورة، أو حركة اندفاعية غير متوقعة أو غير مرغوب فيها، وتداوم بشكل عنيد وتتخذ صورة معاودة Recurrent، وأمثلتها التفكير في ضرب شخص محترم، أو أفكار التلوث وعدم النظافة أو الشك.

أما القهر Compulsion فيشير إلى أفعال تكرارية نمطية أو اندفاع لا يمكن التحكم فيه للقيام بفعل نمطي غير معقول، كغسل اليدين مائة مرة، أو العد التصاعدي في ظروف معينة كأن يكون قبل النوم مثلاً، أو لمس أعمدة النوم عند السير في الطريق العام. ويشعر الفرد بأنه مجبر مقهور على أداء مثل هذه الأفعال على الرغم من إدراكه تفاهتها أو سخفها.

 

وإذا زادت حدة الأعراض المتصلة بالأفكار الوسواسية والأفعال القهرية نتج عصاب الوسواس القهري، ويحدث لدى المريض قلق شديد عندما يشعر بعدم القدرة على إزالة هذه الأعراض أو ضبطها والتحكم فيها.

وتؤكد نتائج كثير من الدراسات أن الوساوس والقهر من السمات والأعراض المتأصلة في شخصية مرضى فقدان الشهية العصبي. وقد خلص بعض الباحثين – في وقت مبكر – إلى تسمية فقدان الشهية العصبي بوصفها شكلاً من أشكال العصاب (أي اضطراب نفسي) والمقصود: الوسواس القهري: وقد اتفق معهم «دي بوا» Dubois، ولكنه أعاد تسمية المرض على أنه: «العصاب القهري المصاحب للهزال» Compulsion neurosis with cachexia.

 

وسمى «بالمر، جونز» مرض فقدان الشهية العصبي بأنه عصاب قهري ذو نمط مثبت على فقدان الشهية (القيء). وأكدت بحوث كثيرة، الملامح الوسواسية في فقدان الشهية العصبي.

واستخلص «روتنبيرج» أن فقدان الشهية لدى النساء في الحضارة الغربية هو الزملة الحديثة للوسواس القهري.

ولاحظ آخرون أن سمات الشخصية الوسواسية قبل المرض ممثلة بشكل كبير لدى مرضى فقدان الشهية العصبي.

ومع ذلك، وعلى الرغم من الرابطة الوثيقة بين فقدان الشهية واضطراب الوسواس القهري فمن السابق لأوانه أن نعد فقدان الشهية شكلاً من أشكال الوسواس القهري.

كما ظهر أن الشخصية الوسواسية ترتبط بعدد من الحالات النفسية الجسمية Psychosomatic والطبية النفسية Psychiatric كالاكتئاب والقلق وقرحة الاثني عشر، هذا إلى جانب فقدان الشهية العصبي.

 

ولكن ما تفسير العلاقة بين فقدان الشهية العصبي والوسواس القهري؟ والإجابة عن ذلك أن من بين معاني الوسواس سيطرة فكرة معينة على عقل المريض، وطغيانها في كثير من جوانب سلوكه، واستحواذها على قدر كبير من اهتمامه.

والفكرة الوسواسية المسيطرة في حالة فقدان الشهية العصبي هي إنقاص الوزن، فيحاول المريض أن يزيد من نحافته، وينقص وزنه كلما استطاع إلى ذلك سبيلاً، ومهما كانت العاقبة والمآل.

ويشعر المريض في أحيان كثيرة بخطأ هذه الفكرة، وقد يتأكد من تفاهتها وضررها بالنسبة له، ولكنه لا يستطيع التخلص منها أو الفرار من سطوتها أو الفكاك من طغيانها.

ويختلط ذلك بالتأكيد ويتفاعل مع اختلال صورة الجسم لدى بعض المرضى، إذ يرون جسمهم على أنه بدين، وهو بريء من ذلك براءة الذئب من دم ابن أيوب، وهذه قد تكون علامة وسواسية أخرى.

 

فيدخل المريض في دائرة مغلقة لا يدري أين طرفاها، وقد تتخذ الدائرة المغلقة في هذا السياق:

– فكرة وسواسية مسيطرة تهيب به أن ينقص من وزنه لتحقيق الرشاقة.

– تأكد المريض من تفاهة هذه الفكرة أو عدم أحقيتها.

– عدم قدرته على التخلص من استحواذ هذه الفكرة عليه.

– شعوره بقلق شديد إذا لم ينفذ ما تأمره به.

– الانصياع لهذه الفكرة طوعاً أو كرهاً.

– مزيد من سيطرة هذه الفكرة ومزيد من إنقاص الوزن.

وقد دلت دراسة عربية (4) أجريت عام 1991 على عينة مصرية من طالبات جامعة الإسكندرية أن الارتباط جوهري إحصائياً (قدره: 0.201) بين فقدان الشهية العصبي والوسواس القهري

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى