عملية التصوير الضوئي والاختلافات المتعددة حول طبيعة السدم الحلزونية
1996 نحن والكون
عبد الوهاب سليمان الشراد
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
عملية التصوير الضوئي السدم الحلزونية طبيعة السدم الحلزونية علم الفلك
لاشك أن اختراع التصوير الضوئي photography كان أخذ أهم وأبرز مجالات التقدم التقني التي أعانت الفلكيين خلال القرن التاسع عشر
فبواسطته لم تعد هناك حاجة للاعتماد على الرسومات والإيضاحات اليدوية الدقيقة، فلقد أصبح بالإمكان ملاحظة وتبين تسجيلات دقيقة ودائمة لما يمكن أن يرى خلال المناظير الفلكية .
ولعل من الأمور الأخرى الأكثر أهمية من مجرد تسجيل ما يمكن ملاحظته بالمناظير ،هو القدرة على كشف كميات هائلة من التفاصيل الدقيقة للصور الضوئية.
ويكون ذلك بتعريض لوح ضوئي لفترة طويلة نسبياً في بؤرة منظار ، فزيادة زمن التعريض تعني ظهور تفاصيل أعم وأشمل .
والعالم الذي الذي مهد لاستخدام هذه الطريقة في التصوير الفلكي هو البريطاني إسحق روبرتس I. Roberts . ولقد نجح روبرتس عام 1888 في التقاط صورة ضوئية ل 31 Mيظهر فيها التركيب الحلزوني جلياً .
وبعد هذه الأرصاد أصبح معروفاً أن الأجرام مثل 31 Mو 51 Mتمثل سدماً حلزونية .
وفي عام 1908 اكتمل بناء منظار جبل ولسون الذي يبلغ قطره 1.5 متر قرب باسدينا في كاليفورنيا ، وبالرغم من أنه أصغر قليلاً من منظار بارسونز إلا أن آليته الحركية كانت أكثر دقة ، وبواسطته بدأ الفلكيون بالتقاط صور للأجرام السماوية .
وخلال عقد من الزمن تم بناء منظار فلكي آخر في جبل ولسون بلغ قطرة 2,5 متر ، وبذلك أصبحت الصور الضوئية الملتقطة أفضل مما كانت عليه . ولكن وعلى نقيض ذلك أصبحت مشكلة السدم الحلزونية أكثر صعوبة من ذي قبل .
وحتى يمكن إيجاد حل لمعضلة السدم ، اضطر بعض الفلكيين إلى الرجوع إلى أفكار كنت وتأييدها باعتبار أن هذه السدم الحلزونية الغامضة تمثل في الواقع مجرات ضخمة نائية .
ولماذا تكون مجرتنا هي الوحيدة في الكون والتي لها خصائص مجرية ولا يوجد ما يماثلها ؟
ويبدو إن التفكير هنا عاد إلى البداية، ففيما يرتبط بكوكبنا الأرض فليس هناك ما يميزه ويعطيه وضعا مميزاً استثنائياً، فهو كوكب واحد من بين تسعة كواكب تدور حول الشمس.
ولعل هناك العديد من الأنظمة الكوكبية المشابهة تدور حول نجوم أخرى وقد يرصد أحدها في المستقبل.
والوضع كذلك مع الشمس ، فليس لها مكانة استثنائية من بين النجوم ، فهي ليست أكثر من واحدة من ملايين النجوم التي يمكن رؤيتها بواسطة المنظار ، وبذلك ليس هناك ما يدفعنا إلى إعطاء مجرتنا أهمية فريدة أو مميزة من بين آلاف المجرات المنتشرة في أرجاء الكون .
ورغم ذلك فقد كان رأي الأغلبية من العملاء يميل إلى الاتجاه الآخر فقد افترض في حينها أنه ربما تكون السدم الحلزونية مجرد تراكيب دوامية الشكل مكونة من النجوم والغاز المجاورين نسبياً لنا .
وربما أيضا تكون السدم متناثرة داخل مجرة درب التبانة فقط ، مثلما يبدو ذلك مع العناقيد النجمية والسدم المثبتة في جداول ميسيه و NGC ، رغم وجود بعض المؤشرات الرصدية التي تؤيد وقوعها داخل المجرة
وقد يفترض خطأ إمكانية رؤية السديم الحلزوني بمقارنة صور ضوئية ملتقطة خلال سنوات قليلة ، ومن خلال ذلك تبين أن إمكانية رصد الدوران لا تكون إلا بحالة واحدة فقط وهي قوع السدم قربنا .
وبعد رصد نجوم متفجرة في بعض السدم الحلزونية ، وعدّ هذه النجوم خطأ مستسعرات Nova وذلك بدلاً من عدها مستسعرات عظمى N. Super
وصلت الافتراضات الخاطئة حول ماهية النجوم المتفجرة إلى استنتاجات خاطئة عن موقع السدم الحلزونية التي وقعت بها الحالات الانفجارية ، وعدت واقعة ضمن الحدود المجاورة للتبانة.
ولقد بلغ الجدل ذروته في أبريل من عام 1920 حول طبيعة السدم الحلزونية ، وذلك عندما أقيم مؤتمر فلكي أشرفت عليه الأكاديمية الوطنية للعلوم في واشنطن.
وقد قدمت في المؤتمر فكرتان ، إحداهما قدمها العالم هارلو شابلي (1885 -1972) H. Shapley من مرصد ولسون، وتنص على أن السدم الحلزونية قريبة منا .
ولقد عارضه في افتراضه هذا هيبير كورتس H. Curtis من مرصد ليك الذي كان مؤيداً لفكرة المسافات البعيدة التي تقع عندها السدم.
ومن خلال المحاورات يتبين أن شابلي استخدم جميع الحقائق لبلوغ الاستنتاج الخاطئ، في حين استخدم كورتس كماً من الحقائق لبلوغ الاستنتاج الصائب وكانت تلك أحد المفارقات العلمية الطريفة .
لقد كان اهتمام العامة بهذه المحاورة أو المناظرة التاريخية ضعيفاً ، وعلى الرغم أن الأسئلة العديدة المرتبطة بالكون التي تم تداولها حينها لا تزال بغير جواب ، وتواصل فيها الجدل ، إلا أن الرأي العام ظل غير مبالٍ كثيراً بهذه المجادلات .
وربما كان من الأفضل حينها عدم التوصل إلى إجابات وتعليلات محددة ذلك ، إذ كان الفلكيون يتمسكون بنتائج ومعلومات غير كافية وأرصاد غير مؤكدة لإثبات أفكارهم . وخلال الفترة التي اشتد فيها الجدل ، اهتم محام شاب يدعى هبل بعلم الفلك .
وسرعان ما قام بسلسلة من الأرصاد والاكتشافات الأساسية ، التي لا يمكن الاختلاف عليها. وظهر أن أعماله سوف تحسم الجدل الدائر وإلى الأبد ، وتقودنا إلى المسار الواجب أن نتبعه لمعرفة تركيب الكون وكشف الكثير عنه.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]