قانون “براغ ” وانجازاته حول الأشعة السينية
2013 الرمل والسيليكون
دنيس ماكوان
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
لقد تلقى لورنس براغ نسخاً من النشرات العلمية لفون لاوي وفريدريك وكنيبينغ من والده وليام هنري براغ (William Henry Bragg) الذي كان أستاذ فيزياء في جامعة ليدز. (كان للأب والابن نفس الاسم وليام، لهذا سيشار إلى الابن بواسطة اسمه الأوسط- وليام براغ الأب ولورنس براغ الابن.).
وكطالب، كان لورنس براغ يتلقى دروساً حول الضوء ويتعلم كيف تنعكس وتنكسر الأمواج على البلورات.
وفي نفس الوقت، كان عارفاً بتنبؤات وليام بارلو حول بنى المركبات البسيطة (Hunter 2004).
امتلك لورانس براغ البصيرة في استعمال أفكار علم الضوء وإقامة التشابه بين انعكاس الضوء وانعكاس الأشعة السينية على المستويات الذرية للبلورة.
ولقد قاد ذلك، كما وُصف في الصندوق 2.1، إلى المعادلة التي تربط بين المسافات الشبكية وطول موجة الأشعة السينية وزاوية الانعراج. وهذا ما يعرف الآن بقانون براغ الذي يشكل أساس علم بلورات الأشعة السينية.
وبالاعتماد على قانون براغ وأفكار بارلو حول الطريقة الأكثر فعالية في تنضيد الذرات في البلورة، اقترح براغ نموذجاً للبنية البلورية لكبريت التوتياء فسر على السواء الموقع والشدة النسبية لكل بقع الانعراج التي عاينها فريدريك وكنيبينغ (Bragg 1913 and Bragg and Bragg 1913).
ومن رحم هذه التجربة (Jenkin 2008)، نمت واحدة من أكثر تجارب التعاون العلمي نجاحاً بين الأب والإبن، وليام هنري براغ، أب وليام لورانس براغ، المولود في 2 تموز/ يوليو 1862 في كمبرلاند بريطانيا بين مصب سولفي والبحر الإيرلندي.
ذهب إلى معهد ترينيتي في كامبريدج عام 1881، وكما كان شائعاً في ذلك الوقت، بدأ حياته المهنية العلمية في واحدة من الجامعات في المدى الواسع للإمبراطورية البريطانية. وفي عام 1886، أصبح أستاذ الرياضيات والفيزياء التجريبية في جامعة أدليد (Adelaide) في أستراليا حيث كرّس سنواته القليلة الأولى للتدريس وإحداث قسم فيزياء معتبر.
ولد إبنه وليام لورانس براغ في أدليد في 31 آذار/ مارس 1890. وبعد اكتشاف الأشعة السينية عام 1896، طور وليام منبع أشعة سينية وأجرى أول تصوير بالأشعة السينية في أسترليا لذراع إبنه المصابة بكسر.
وكما هو الحال مع عائلة كوري، أصبح براغ مهتماً بأشعة بيكريل.
تركز اهتمام عائلة كوري على تفحص مواد أخرى تُظهر هذا النوع الجديد من الإشعاع وبدأ وليام براغ دراسة كيفية امتصاص تلك الأشعة في مواد مختلفة.
ومع اكتشاف الإلكترون من قبل ج. ج. تومسون (J. J. Thompson) والأشعة السينية من قبل فيلهلم رونتغن وجسيمات ألفا من قبل هنري بيكريل، شكل العقد الأخير من القرن التاسع عشر فترة مثيرة للعلم.
ومع مرور حزم الإلكترونات والأشعة السينية في المواد، يحدث الامتصاص وتتناقص أُسياً شدة الحزم مع زيادة السماكة.
وجد وليام براغ أن جسيمات ألفا تسلك سلوكاً مختلفاً لأن امتصاصها يحدث بشكلٍ رئيسي عند عمق محدد داخل المادة بدلاً من التناقص المنتظم مع زيادة العمق.(سيتم مناقشة هذه النتيجة أيضاً في الفصل 4).
قادت هذه النتائج والتجارب إلى شهرة وليام المتنامية في المنظومة العلمية وإلى منحه منصب أستاذ فيزياء كافنديش (Cavendish) في جامعة ليدز (Leeds) في بريطانيا عام 1909.
في ليدز، تحول اهتمام وليام نحو خواص الأشعة السينية حيث درس تشارلز باركلا (Charles Barkla)، الفيزيائي الإنجليزي في جامعة إدينبرا (Edinburgh)، امتصاص الأشعة السينية ووجد أنه عند امتصاص حزمة أشعة سينية في المادة، فإن هذه الأشعة السينية يعاد إصدارها مع طول موجة مختلف أكبر.
وترتبط الأشعة السينية الصادرة بالأجهزة الكيميائية في المادة حيث يمتلك كل عنصر مجموعة مميزة من خطوط الأشعة السينية. إن حقيقة أن كل عنصر يمتلك، مهما كان محيطه الكيميائي، بصمة وحيدة في نموذجه المميز لخطوط الأشعة السينية وفرت للكيميائيين طريقة طيفية جديدة لتحليل المواد المجهولة. ومن أجل هذا الاكتشاف، نال تشارلز باركلا عام 1917 جائزة نوبل في الفيزياء.
بنى وليام براغ أول جهاز انعراج أشعة سينية للتحديد الدقيق لأطوال أمواج خطوط الأشعة السينية المميزة. وحيث يربط قانون براغ بين طول موجة الأشعة السينية والمسافة بين المستويات في البلورة، فإذا عُرِف أحد المقدارين، يمكن حساب المقدار الآخر بواسطة قانون براغ وزاوية الانعراج.
في جهاز الانعراج، توجَه حزمة أشعة سينية مميزة صادرة عن عنصر محدد نحو البلورة، وتتزايد ببطء الزاوية التي يصنعها سطح (مستويات) البلورة مع حزمة الأشعة السينية في حين تتزايد الزاوية التي يصنعها كاشف الأشعة السينية مع الحزمة بسرعة مضاعفة.
ويشبه ذلك انعكاس الضوء على المرآة. وتتساوى زاوية ورود الحزمة على البلورة مع زاوية انعكاسها عليها. ويحدث ازدياد هام لشدة الأشعة السينية المنتثرة عند الزاوية التي تحقق قانون براغ من أجل حزمة الأشعة السينية المميزة للعنصر المستعمل كمنبع لها.
إذا استعمل أحدهم نفس البلورة مع أجهزة مختلفة كمنبع للأشعة السينية، فيمكنه عندئذ قياس اختلافات الأشعة السينية المميزة لكل منبع بدقة. واستعمل وليام براغ جهاز الانعراج لتحديد أطوال أمواج الأشعة السينية المميزة لأجهزة الإيريديوم والنيكل والبلاتين والتنغستين.
يكمن الجانب الإضافي المفيد لأبحاث وليام براغ حول الأشعة السينية المميزة في الإضاءة على كيفية وضع أولويات الفيزياء في بداية القرن العشرين.
ويُرَجّح أن أكثر أساتذة الفيزياء شهرة في بريطانيا في ذلك الزمن كان إرنست رذرفورد (Ernest Rutherford) الذي ستتم مناقشته في الفصل 4. كان رذرفورد قد بدأ حياته المهنية في نيوزلندا وكان الأب الروحي والصديق لوليام براغ.
كان لرذرفورد عند ذلك في جامعة مانشستر طالبان، س. ج. داروين (C. G. Darwin) و ج. ج. موسلي (G. J. Mosley)، كانا يدرسان أيضاً الأشعة السينية المميزة للأجهزة. وفي الواقع، لقد أشرف براغ عليهما في استعمال جهاز الانعراج.
وقد طلب رذرفورد من براغ أن يؤخر نشر نتائجه حتى يتمكن داروين وموسلي من الحصول على نتائجهم جاهزة للنشر، واستجاب براغ لطلب صديقه. لقد تضاءل هذا النوع من الاتفاقات الودية حول أولويات القيام بالبحوث في أيامنا الراهنة بسبب الطبيعة التنافسية للبحوث العلمية من جهة وبسبب الضغوطات للحصول عل التمويل من جهة أخرى. قرر براغ أن يترك لهما هذا الحيز من الأبحاث وأن يتعاون مع ابنه حول بنية المواد (Jenkin 2008).
خلال بضعة سنوات لاحقة، حددا البنية البلورية لـ 16 مادة مختلفة. لقد بدآ مع البلورات البسيطة مثل كلور الصوديوم وكلور البوتاسيوم والألماس الذي يعتبر شكلاً لعنصر الكربون ( تناقش بنية السيليكون المماثلة لبنية الألماس في الصندوق 2.1) واستمرا في تناول فلزات أكثر تعقيداً مثل الكوارتز الذي وُصف في الفصل 1.
غيرت هذه الأداة الجديدة لتحديد هندسة عمارة العالم الذري كثيراً من الأفكار السائدة حول بنية المواد.
فعلى سبيل المثال، كان الكيميائيون مقتنعين أن بلورات كلور الصوديوم تتألف من جزيئات "NaCl"، وكانوا يعتقدون أن الجزيئات تتماسك بفعل الروابط الكيميائية.
فالصوديوم يمتلك إلكتروناً رابطاً واحداً، ويحتاج الكلور إلى الكترون إضافي لملء طبقته الإلكترونية الخارجية. وبالارتباط معاً، يكون كل من الصوديوم والكلور قد ملآ طبقتيهما الإلكترونية الخارجية.
وعلى الرغم من ذلك، تبين أن البنية المحددة بواسطة انعراج الأشعة السينية لكل ذرة صوديوم تحاط بست ذرات من الكلور على مسافات متساوية وأن كل ذرة كلور تحاط بست ذرات من الصوديوم على مسافات متساوية. لم يكن يوجد جزيئات من "NaCl" في بلورة كلور الصوديوم. والآن، بمعرفة كيفية ترتيب الذرات في الملح، تم التوصل إلى مفهوم الأصرة الأيونية الذي طوره لينوس بولينغ (Linus Pauling) وتم ذكره في الفصل 1.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]