قدرة العالم “فاراداي” على إثبات نتائجه والأصل التاريخي لنظرية المجال
1997 قطوف من سير العلماء الجزء الثاني
صبري الدمرداش
KFAS
الأولوية …لمن؟
أرسل فاراداي بنتائج تجاربه المتقدمة إلى الجمعية الملكية في خلال شهر، وبعد ذلك نشرها باعتبارها الجزء الأول من "بحوث تجريبية في الكهرباء" .
وبمجرد نشر تلك النتائج ثارت مرة أخرى مسألة الأولوية في اكتشافها. إذ كان عالم الفيزيقا الأمريكي "جوزيف هنري" قد كشف الحث الذاتي بالفعل.
وادَّعى "ليوبولدى نوبيلي" و "كالفييري أنتينوري" الإيطاليان أنهما اكتشفا التأثير الكهرومغناطيسي قبل أن ينشر فاراداي نتائج بحوثه.
والحق أن الإيطاليين قد أجريا تجاربهما بعد سماع نتائج تجارب فاراداي. وقد تمكن فاراداي من إثبات أسبقيته في الوصول إلى ما نشر من نتائج.
الأصل التاريخي لنظرية المجال
لم يكن فاراداي راضياً عن كشفه الحث الكهرومغناطيسي . كان يريد أن يعرف : لماذا يحدث؟ ولما كان عاجزاً عن إعطاء تفسير رياضي لتلك الظاهرة، فقد وضع لها نموذجاً فيزيقياً مستمداً من ظاهرة أخرى مألوفة وهي اتخاذ برادة الحديد أشكالاً ذات خطوط منتظمة حول المغناطيس.
ولكن لماذا تتخذ تلك الأشكال شكل خطوط بالذات؟. افترض فاراداي أن الفضاء المحيط بالمغناطيس مليء بخطوط قوى.
وتتمثل القوة المغناطيسية على هيئة خطوط غير مرئية مشدودة مثل خيوط المطاط. وترتب برادة الحديد نفسها بواسطة الجذب المغناطيسي على هذه الخطوط.
ولم يقف فاراداي عند هذا الحد، لقد ملأ كل الفضاء بخطوط القوى، وقدَّم المفهوم الثوري: إن الفضاء تتخلَّله كله أنواع من القوى مختلفة: مغناطيسية، وكهربائية، وإشعاعية، وحرارية، وجاذبية.
وتوضِّح الخطوط في كل الحالات كلاً من اتجاه القوة ومقدارها، "كل ما يمكن أن أقوله هو أنني لا أستطيع أن أتصور في أي جزء من الفضاء، سواءٌ كان فراغاً حسب الاصطلاح الدَّارج، أو مليئاً بالمادة، إلا القوى والخطوط التي تعبِّر عنها" .
كان هذا ما كتبه فاراداي في مذكراته بهذا الخصوص عام 1846. وإذن فخطوط فاراداي – خطوط القوى المختلفة – تملأ الفضاء، كل الفضاء !.
وهنا نقف على الأصل التاريخي لنظرية المجال، ولو أن فاراداي نفسه لم يشر قط إلى نظريته أو نظامه بهذا الاسم .
وقد وضع نظريته هذه تحت الاختبار، وكان على استعداد لنبذها واستبعادها إذا ما أثبتت التجربة عقمها وبطلانها.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]