التاريخ

قصة المرأة المجنونة تثير العالم “يوليوس يورج”

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول

صبري الدمرداش

KFAS

العالم يوليوس يورج قصة المرأة المجنونة التاريخ المخطوطات والكتب النادرة

أرأيت من قهر داءاً ثم عاد ليشفي الداء بدواء، إنه يورج!…

 

قصة المرأة المجنونة

ارتد بناظريك إليه، وهو يقف في منتصف العقد التاسع من القرن التاسع عشر أمام سرير أمرأة لا تزال في السابعة والعشرين من العمر، وقد تحول فيها اضطراب الأعصاب، عقب ولادتها، إلى جنون لا يشفي. كان يعلم أن جميع ما بجعبة طبه النفساني من أساليب لا تجديها نفعا.

وكان يورج قضى ست سنوات يدرس علوم الطب في العاصمة النمساوية فيينا حتى فاز فيها بشهادة ولقب، ولكن التنافس في الخفاء حرمه من منصب مرموق وعد به، فتألم ولكنه انطوى حزيناً على ألمه.

وكان القرار أن يهجر بلاده ويجيء إلى مصر. بيد أن ضميره ألقى إليه بهمسة مؤداها أن استزد علما قبل الذهاب إلى مصر، ولم يجد أمامه غير عيادة للمجانين يقوم عليها طبيب شيخ يدعى ليدسدورف، فأتيح له أن يقف إلى جوار سرير هذه المرأة.

أتت المرأة العيادة وقد استبد بها جنون هائج، تلته فترة من البعد عن الناس والانكماش.

وها هي الآن وقد انقضت عليها خمسة أشهر وهي لم تكلم أحدا، وكيف تكلم الناس وهي الآن كالأنعام بل أضل، لا عقل ولا ذكاء ولا تمييز ولا إدراك.

 

ثم اتفق أن أصيبت المرأة بحمى التيفود، وكانت إصابتها حادة، فصارت تتشنج تشنجاً عنيفاً، وعالمنا ملازم سريرها منتظر وفاتها.

ولكن سرعان ما وقف تشنجها وتراخت أعضاؤها في غيبوبة، وهو يجأر إلى الله أن ينقذها من الآمها قبل أن تفيق. ترى هل فاقت أم ماتت؟ لقد فاقت بل وشفيت من الحمى كما شفيت كذلك من الجنون!.

لا بد إذن من العدول عن السفر إلى مصر. ألم يتسرع يورج في قراره هذا؟. ألم يكن عجيباً شفاء هذه المرأة من الحمى والجنون معاً؟ ألم يكن عالمنا يعلم أن شفاء المرأة من إصابتيها جاء اتفاقاً؟

حتى وإن كان شفاء الشلل الجنوني بسبب من الإصابة بحمى التيفود، فمن يسمح له بإقامة الدليل على صدق ذلك؟ من يقبل تعرضه عمداً للموت بالتيفود على أمل أن يشفي من الشلل والتيفود معاً؟

 

البحث… في أساطير الأولين!

لقد تركت قصة المرأة المجنونة هذه أثراً في نفس عالمنا لا يُمحى. ما العمل؟ لا بد من الرجوع إلى كتب الحكماء المتقدمين.

وحقاً فعل، فقد رجع إلى أبقراط أبي الطب فوجد ما يشير إلى مثل ما يبحث عنه. وجد مصروعين يشفون من صرعهم بعدما أصابتهم حمى الملاريا.

وفي مجلد آخر قديم وجد أن الكوليرا في فرنسا اكتسحت أحد المستشفيات ففتكت بمعظم نزلائه، بيد أن الذين نجوا منها استعادوا نعمتي العقل والاتزان، بل إنه عثر على تجربة لرجل يدعى لودج ماير Lodge Mayer كان يفرك جلدة رأس المصاب بشلل المجانين بمرهم الأنتيمون حتي تتقرح وتصاب بالحمى، وعندئذ تكون الفرصة مواتية تماماً لأن يشفى من الحمى ومن الجنون.

قصصٌ وحكايات إذا ألقينا عليها ضوء العلم ربما كانت إلى الأساطير أقرب. وحقاً كتب يورج مذكرة بما قرأ، وبناء عليه اقترح أن يحقن المصابون الذين لا يرجى برؤهم بطفيليات الملاريا.

وها هم أهل الذكر، في أوروبا وأمريكا، عنهم معرضون. ليتهم عارضوا ولم يعرضوا، إذ في المعارضة ربما إذكاء لروح التحدي أما في الإعراض فنكران وتجاهل وإهمال.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى