كيفية استجابة السياسة الدولية لظاهرتي إنبعاث الكربون والاحتباس الحراري
2014 الاقتصاد وتحدي ظاهرة الاحتباس الحراري
تشارلزس . بيرسون
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
ظاهرة إنبعاث الكربون ظاهرة الاحتباس الحراري علوم الأرض والجيولوجيا
على الرغم من التكهنات العلمية حول انبعاثات الكربون وظاهرة الاحتباس الحراري منذ القرن التاسع عشر الميلادي، إلا أنه لم يتمكن العلميون من قياس وتأكيد حصول الزيادة في التركيزات في الغلاف الجوي إلا بحلول سبعينات القرن المنصرم(15)، حين بدأت الحكومات تتفاعل مع [الحدث].
فبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (United Nations Environment Programme: UNEP) والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية (World Meteorological Organization: WMO)
أنشأ عام 1989م الفريق الحكومي الدولي المعني بتغيير المناخ (Intergovernmental Panel on Climate Change: IPCC) لتوفير الأساس العلمي للسياسة [الخاصة بالتغيير المناخي].
وفي عام 1992م تمّ التوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (UN Framework Convention on Climate Change: UNFCCC).
وكان الهدف من ذلك هو تحقيق الاستقرار لمستويات التركيز التي من شأنها "منع تدخل الأنشطة البشرية الخطرة في النظام المناخي" (Article 2, UNFCCC).
على أية حال، لم يتم تحديد أهداف رقمية ملزمة لانبعاثات [الغازات في الغلاف الجوي] أو تركيزاتها.
فحماية النظام المناخي كانت "مبنية على أساس المساواة ما بين الأطراف المشتركة، لكن وفق المسؤوليات المتباينة وحسب قدرة كل من الاطراف "(Article 3, UNFCCC).
كانت الخطوة الرئيسية التالية التوقيع على بروتوكول كيوتوعام 1997م، حيث وضعت أهداف تخفيض الانبعاثات [الغازية]، ليكون متوسطها 5% دون مستويات عام 1990م لتلك الدول المدرجة في اللائحة المرفقة الأولى بالاتفاقية.
وهي بشكل رئيسي تشتمل على دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (Organisation for Economic Co-operation and Development: OCED)، ودول الاتحاد السوفيتي السابق(16).
وقد حُددت مدة تحقيق الأهداف تلك من عام 2008م ولغاية 2012م. كما تم إدراج 65% من مستويات الانبعاثات العالمية عام 1990 في البروتوكول الأصلي، إلا أن هذا قد تراجع إلى ما نسبته 32% بحلول 2012م(17). في حين لم يتم تحديد أي هدف للبلدان النامية.
لقد عُلِقت المفاوضات اللاحقة بسبب الاختلاف حول عدة مواضيع، والتي من ضمنها الائتمان المصرفي لأحواض الكربون و[العناصر] التكميلية (المدى الذي يمكن فيه لأي بلد الوفاء بالتزاماته للحد من [الانبعاثات] من خلال آليات مختلفة المرونة).
وقد تم كسر الجمود [في المفاوضات] في ربيع عام 2000م، عندما رفضت وبشكل حاسم إدارة جورج بوش الجديدة بروتوكول كيوتو.
فقد بينت الولايات المتحدة الأميركية أن أسباب رفضها للبروتوكول تعود إلى الإخفاق في تحديد أهداف للدول النامية، والتكاليف العالية المترتبة على اقتصاد الولايات المتحدة الأميركية.
ومن المفارقات، مع اختيار الولايات المتحدة الأميركية لموقع هامشي في هذا الأمر، كان من السهولة بمكان الوصول إلى حل توفيقي لصالح كندا وروسيا وبعض البلدان الأخرى، إلا أن ذلك أضعف من أهداف بروتوكول كيوتو (Babiker et al. 2002).
لقد انتقل البروتوكول ليصبح في حيز التنفيذ مع تصديق روسيا عليه عام 2005م. وقد احتوى على ثلاث آليات سميت بـ "الآليات المرنة" (Flexibility Mechanisms)، واحدة منها ذات أهمية كبرى للدول النامية.
هذه الآلية المهمة يطلق عليها بـ "آلية التنمية النظيفة" (Clean Development Mechanism: CDM) التي يمكن من خلالها أن تلبي الدول المدرجة في المرفق 1 جزء من التزاماتها للحد من [الانبعاثات]، بواسطة شراء ائتمانات خفض الكربون لمشروع معين من الدول النامية.
قام الاتحاد الأوروبي ابمتابعة التزاماتاته الواردة في البروتوكول من خلال إنشاء "نظام التداول التجاري الأوروبي" (European Trading System: ETS) وهو ترتيبٌ للحد الأقصى للتجارة، للاستفادة من أحكام البنود المرنة للبروتوكول. فتقييم نظام التداول التجاري الأوروبي متابين(18).
ولعل الإنجاز العظيم [في هذا المجال] هو إنشاء سعر انبعاثات الكربون مستندة إلى أساس السوق وعلى نطاق قاري.
أما أوجه القصور هفي (1) تو توزيع القسم الأكبر من بدلات الانبعاث مجاناً، بدلاً من عرضها في المزاد العلني. (2) الإفراط في تخصيص البدلات، وخلق أرباح هائلة غير متوقعة لبعض الأعمال التجارية. (3) كانت تغطي قطاعات محدودة في الاتحاد الأوروبي فحسب.
فعلى الرغم من أن القطاع الصناعي قد رحب بصورة عامة بالتوزيع المجاني، إلا أنه لم يتمكن من توليد إيرادات أخرى يمكن استخدامها في التعويضات الأخرى، عن الضرائب المشوهة (Distortionary Taxes) – ما يسمى بمضاعفة الأرباح.
ونتيجة للإفراط في التخصيص والتداول غير الكفء للمعلومات، كانت أسعار الكربون متقلبة ومضطربة.
لذا يعتزم الاتحاد الأوروبي تعديل وتمديد نظام التداول التجاري الأوروبي ليشتمل على استخدام أكبر لتصاريح المزادات، تشمل قطاعات اقتصادية أخرى، لا سيما قطاع النقل.
بدأت المناقشات الرسمية لمرحلة ما بعد بروتوكول كيوتو في اجتماع عُقد في مدينة بالي (Bali) في كانون الأول/ ديسمبر 2007م. وقد تمخض عن هذه المناقشات خارطة طريق للمفاوضات لفترة سنتين، قادت في النهاية إلى مؤتمر كوبنهاغن عام 2009م، حيث خُطط في حينه لعرض وتوقيع اتفاقات لما بعد كيوتو.
لم يتمكن اجتماع بالي من تحديد أية أهداف لخفض الانبعاثات، إلا أنه كان ناجحاً في ثلاثة مجالات:
1- أبدت الدول النامية لأول مرة رغبتها في النظر بخطط التخفيف(19).
2- كان هناك اتفاق واسع على ضرورة أن تكون الدول قادرة على كسب ائتمانات الكربون من خلال تسديد مبالغ حماية الغابات في الدول النامية. وهي خطوة أبعد ما يسمح به بروتوكول كيوتو.
3- تم إظهار الاهتمام الكبير بتدابير التكييف، فضلاً عن الحاجة لمساعدة البلدان النامية في تحمل أعباء غير مناسبة لتكييفها في الحد من الانبعاثات.
توصل اجتماع كوبنهاغن في كانون الأول/ ديسمبر 2009 إلى وفاق غير ملزم لا يحمل أية صفة رسمية ضمن منظومة الأمم المتحدة.
وكان ذلك الوفاق يدعو لتبني أهداف كمية للدول المندرجة في المرفق رقم 1 لعام 2002م، ويدعو الدول النامية غير المندرجة في المرفق رقم 1 إلى اتخاذ تدابير تخفيف وطنية مناسبة للحد من الانبعاثات.
كما احتوى على هدف طموح يدعو إلى إجراء يعمل على منع ارتفاع درجة الحرارة إلى ما لا يزيد عن أقل من درجتين مئويتين.
وهناك اعتقاد بأن هذا ممكن التحقيق، من خلال تثبيت توازن تركيز ثاني أكسيد الكربون المكافىء في الغلاف الجوي في نطاق 450-550pmm . إلا أنه ليس هناك أي تحليل يعول عليه يمكن أن يظهر أن الزيادة الحاصلة في درجة الحرارة بمقدار درجتين مئويتين هوالهدف الأمثل.
في أوائل 2010م، أوجزت البلدان التي تشكل مصدر ما يقارب 80% من انبعاثات غازات الدفيئة، الجهود التي هم على استعداد للقيام بصددها للحد من الانبعاثات هذه بحلول عام 2020م.
فالصين سوف تسعى إلى الحد من كثافة الانبعاثات بمقدار 45% إلى 40% مع عام 2020م، والهند بواقع 20% إلى 25% (كثافة الانبعاثات تعني لوحدة واحدة من الناتج المحليالاجمالي، في ظل النمو الاقتصادي القوي، الذي سيؤدي في النهاية لزيادة الانبعاثات من هذين البلدين).
لقد أعلن الاتحاد الأوروبي أن هدفه للحد من الانبعاثات مع عام 2020م سيكون 20% أدنى من مستويات عام 1990 (30%، مشروط بافعال الدول الأخرى).
أما هدف الولايات المتحدة الأميركية فهو بحدود 17% أقل من مستويات 2005م بحلول عام 2020م، لكنه مشروط بصدور التشريعات المحلية. كما قدمت العديد من الدول النامية أهداف معبرة عن التخفيض وفقاً لمفهوم العمل كالمعتاد. ولكن لم يحدد بعد من الذي يتولى مهمة احتستب مستويات العمل كالمعتاد.
لقد أمنَ اجتماع كوبنهاغن كذلك التعهدات المالية من الدول المتقدمة. حيث حدد المسار السريع مبلغاً قدره 10 مليارات دولار سنوياً للفترة الممتدة ما بين 2010م ولغاية 2012م.
وبمقدار مئة مليار دولار سنوياً بحلول عام 2020م، إلا أنه لم يحدد أي مبلغ للفترة الواقعة ما بين 2013م ولغاية 2019م. فأموال هذا الصندوق هدفها دعم كل من التخفيف والتكييف، إلا أنه لم يتم تحديد التوزيع لتلك الأموال.
لقد كان اتفاق "كانكون" (Cancun) استجلاباً للعناصر الأساسية التي طُرحت في اتفاق كوبنهاغن " إطار عمل الأمم المتحدة – اتفاقية تغير المناخ" (United Nations Framework – Convention on Climate Change: UNFCCC). ومع هذا فلم يحدد اللقاء مساراً واضحاً لاتفاق ملزم للأطراف المعنية.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]