مبادرةِ الدفاع الاستراتيجيَّ الأمريكي في الفضاء
1997 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثامن
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الفضاء مبادرةِ الدفاع الاستراتيجيَّ الأمريكي أحداث تاريخية المخطوطات والكتب النادرة
أعلنَ رئيسُ الولايات المتحدةِ الأمريكية، «رونالد ريجان» في 23 مارس 1983، خطاباً في التلفزيون الأمريكيّ ضَمَّنَهُ مُبادرة للدفاع الاستراتيجيّ.
فقد أعلنَ في خِطابِهِ هذا عن خُططٍ لتطويرِ نِظامٍ دفاعيٍّ في الفضاءِ بالصّواريخِ ذاتيةِ الاندفاع، ويَتَضمَنُ وسائلَ قادرةً على تدميرِ الصواريخ المُعادية.
وهو يعتمدُ على وسائلَ تستطيعُ كشفَ الصواريخ المُعادية. بدقةٍ، بالاستعانة ببرامجَ متطورةٍ تَسْتَخدمُ حِساباتٍ إلكترونية، وأجهزةَ كشف ومتابعةٍ للأقمارِ الصناعية.
كانتْ مبادرةُ الرئيسِ الأمريكيَّ رونالد ريجان تتطلبُ تقنيةَ علميةَ متطورةً للغايةِ، لمْ تَكنُ متوفرةً آنذاك في أمريكا أو غيرِها من الدولِ.
لذا قُوبِلت مُبادرتُه تلكَ بعدمِ التَصديق من قبلِ الصحافةِ الغربيةِ التي أطلقتْ عليها (حربَ النُجومِ)، وهيَ عِبارة مُقتبسة من فيلم حَمَلَ هذا الاسم ويَعرضُ الصورة التي ستكونُ عليها حروبُ المُستقبل بينَ البشرِ بعدَ التطورِ التقنيّ الهائلِ لأسلحةِ الفَضاءِ والمركباتِ الفضائيةِ.
وتَقُومُ فكرةُ مُبادرةِ الدفاع الاستراتيجيّ على عدمِ قُبولِ الولاياتِ المتحدةِ الأمريكية الدفاعَ عن أمنِها القوميِّ بالتصدّي للصواريخ المعادية فَحَسْب، بل بِوسائلَ أُخرى تَكونُ قادرةً على اعتراض هذه الصواريخِ في الفَضاءِ وتَدميرِها قبل وُصولِها إلى أهدافِها داخلَ الولايات المُتحدة الأمريكية، وذلك باستخدامِ أشعةِ الليزَر المُدمّرةِ التي تَنْطَلقُ من محطَاتٍ فَضائيةٍ تُقامُ في الفَضاءِ الخارجيَّ.
أيَّ أنّ الولايات المتحدةِ الأمريكية سَتَسْعى لامتلاك أسلحةٍ تقنيةٍ شديدةِ التَّعْقيد لِخلقِ نِظامٍ مُضادٍّ للصواريخِ النووية العابرةِ للقارات، وتدميرِها قبلَ إصابةِ أهدافِها على الأرض.
وهيَ تَعتَمدُ في ذلكَ على أسلحةِ الليزر( وهي أجهزةٌ ينبعثُ مِنها شُعاعٌ ضوئي ذو قُوَةِ تدميرٍ هائلةٍ) إضافةً إلى أسلحةٍ أخرى قادرة على تدميرِ الصواريخِ والرؤوس الحربيةِ المعاديةِ.
وتُساعدُ منظومةُ الأسلحةِ الفَضائيةِ هذه منظومةٌ أخرى منَ الصَواريخ تنطلقُ منْ قواعدَ مُقامةٍ على الأرض، يكونُ بامكانِها تدميرُ الصواريخِ القادمةِ منْ الفَضاء.
لمْ يكُن خطابُ الرئيسُ الأمريكيّ رونالد ريجان عملاً استعراضياً، بل كان مبنياً على أساس علميّ دقيق. فقد سبقَ أن أعلن قبلَ إلقاء خطابَهُ الشهيرِ هذا، عن تكوين قيادةٍ لحروبِ الفضاءِ في سبتبمر عام 1982.
كذلكَ بدأتْ الخُطواتُ التنفيذيةُ مباشرةً بعدَ إعلانهِ مُبادرةَ الدفاع الاستراتيجيّ، حيثُ دعتْ حكومةُ الرئيس ريجان الخُبراءَ والعلماءَ، والفنيين من كافةِ المؤسسات التكنولوجية والجامعات والهيئاتِ العلميةِ في أمريكا، إلى المساهمةِ في البُحوُث العِلمية لتطويرِ الحساباتِ الإلكترونيةِ وأجهزةِ الكشفِ والمتابعةِ والأقمارِ الاصطناعيةِ وغيرها، لتنفيذِ فكرةِ المبادرةِ التي طَرَحها الرئيسُ الأمريكيُّ، والتي كانت تسعي إلى تَحقيقِ تَفوُّق أمريكيٍّ في الفضاءِ الخارجيَّ.
لقد أثارتْ مُبادرةُ الدفاع الاستراتيجيّ جدلاً واسعاً بين الخبراءِ العسكريينِ في أمريكا وخارجِها فمنهم من رأي أنّ مُبادرةً كهذِهِ صَعبةُ التحقيق لأنها تَتَطلّبُ امتلاك تقنيةٍ صناعيةٍ مُتطورةٍ، وأنَّها تَتَطلبُ توفيرَ مبالغَ ضخمةٍ لإنجازِها قد تصلُ إلى 100 مليار دولار.
كذلكَ يرى هذا الفريقُ من الخُبراءِ أنَّ في استطاعةِ الدولِ المعتديةِ ابتكارَ تقنياتٍ صناعيةٍ حديثةٍ، ووسائلَ هجوميةٍ مُتطورةٍ باستطاعتها إفشال أيةِ مُبادرةٍ من هذا النوعِ وهم يروْنَ كذلك أنَّ المحطاتِ الفَضائيةِ، التي هيَ أساسُ تنفيذِ مبادرةِ الدفاعِ الاستراتيجيَّ مُعرَّضةٌ لأخطارٍ كبيرةٍ، تَتمثّلُ في أقمارٍ صناعيةٍ انتحاريةٍ تُوجّهُ إليها فتنفَجَرُ بالقُربِ منها.
ويُضيفُ أنصارُ هذا الفَريقِ منَ الخُبراءِ أنهُ بالإمكانِ انتاجُ أسلحةٍ مُضادةٍ للأسلحةِ المُستخدَمةِ في هذهِ المُبادرةِ بتكلفةٍ ماليةٍ تقلُّ كثيراً عمَّا تحتاجُ إليهِ مُبادرةُ الدِفاع الاستراتيجيّ التي أعلَنَها الرئيسُ الأمريكيُ ريجان.
وهناكَ فريقٌ آخرٌ منَ الخُبراءِ العسكريينَ يَرَوْنَ أنَّ منَ المُمكنِ تطويرُ مُعدّاتٍ تقنية، واختراعُ أسلحةٍ متطورةٍ لإنجاحِ هذهِ المُبادرةِ.
ويَروْنَ أن قيامَ نِظامٍ دفاعيٍّ من هذا النوع ضدّ الأسلحةِ النوويةِ قدْ يُقَلُل من إحتمالِ نُشوبِ حربٍ نَوويةٍ بينَ الدولِ التي تَمْتَلكُ مثلَ هذه الأسلحةِ المُدمّرةِ.
ورُغمَ كلَّ الانتقادات التي وُجَّهتْ لمُبادرةِ الدفاع الاستراتيجيَّ تُبْذَلُ جُهودٌ كبيرةٌ في الولايات المتحدةِ الأمريكيةِ للتَغَلُّبِ على المشاكل التقنيةِ والفنيةِ التي تُواجِهُ تنفيذَ هذهِ المبادرةِ. وقدْ حَقَقتِ الولاياتُ المُتحدةُ إنجازاتٍ تكنولوجيةً هائلةً في هذا المجال.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]