متلازمة الألم الناحي المركبة
2011 مبادئ علم التخدير وتدبير الألم
الدكتور إبراهيم هادي
KFAS
متلازمة الألم الناحي المركبة الطب
يُعدُّ كل من الحَثَل الوُديِّ المنعكس (RSD) والحُراق جزءاً من مخطط تصنيفي جديد يُعرف بمتلازمة الألم الناحي المركبة ، أو CRPS
وتتمثل إحدى أهم الخصائص المميزة لهذه المتلازمة في وجود ألم مزمن وإعاقة ، ويبدو أنها غير متناسبة تماماً مع التوقعات حول الصورة التي ينبغي أن يكون عليها الألم الناتج من الإصابة الأصلية .
ويحدث هذا الاستعلان السريري لدى مجموعة من المرضى ، وغالباً ما يُشكِّل علاجها تحدياً كبيراً . وغالباً ما يكون الألم الوخيم والنتائج السريرية الأخرى شديدة للغاية ، ولكن يُعدّ فهم الفيزيولوجية المرضية لها رديئاً .
ولم يتم تطوير اختبارات تشخيصية نوعية لهذه المتلازمة، كما لم يتم التوصُّل لاتفاق حول ما يُشكِّل تشخيصاً ، وحتى تصنيف هذه المتلازمات هو أمر لا إجماع حوله حتى الآن .
وبسبب هذا الافتقار إلى الاتفاق. غالباً ما تكون حتى العلاجات التي تم وصفها لهذه المتلازمة مجزأة وقائمة على أراء فردية بدلاً من أن تكون قائمة على مؤلفات تعتمد على البراهين .
وقد جرى مؤخراً اقتراح المصطلحين CRPS1 و CRPS2 ليحلا محل المصطلحات القديمة الخاصة بالحثل الوُديِّ المنعكس والحُراق .
ويصف CRPS1، أو المُسمَّى القديم RSD، المتلازمة التي لا تنطوي على عصب مُحدد أو مُسمى . بينما يتم اختيار CRPS2، أو الحُراق في التصنيف القديم، كتصنيف تشخيصي عندما يمكننا أن نجد إصابة في عصب محدد ، تكون مشتركة في مُركب الأعراض .
الوقوع والتاريخ الطبيعي (incidence and natural history):
يعد الوقوع والتاريخ الطبيعي لمتلازمة الألم الناحي المركبة غير معلوم كما أن فهمنا لهما لا يزال قاصراً
وهذه من المناطق التي يصعب البحث فيها بسبب الصور المختلفة المتعددة التي تتخذها هذه المتلازمات، وعدم وجود إجماع حول الطريقة التي يجب بها تعريف هذه المتلازمة، وكذلك أيضاً عدم وجود اختبارات تشخيصية قاطعة .
وغالبية المرضى الذين يعانون من متلازمة الألم الناحي المركبة هم من النساء . وتكون أعمار أولئك النسوة نمطياً ما بين 36 إلى 42 عاماً. ويكون الطرف العلوي هو المتأثر في 50% من الحالات مقارنة بالطرف السفلي.
وعادة ما يصاب المريض بمتلازمة الألم الناحي المركبة عقب تعرضه لإصابة، على الرغم من أن التقارير قد أشارت إلى أن المريض قد يُصاب بها بشكل تلقائي. ومن بين الإصابات النمطية هناك الكسور، والإجهاد أو الوَثء sprain، والجراحة، والرَضح والإصابات الهرسية (crush injuries).
وغالباً لا يتماثل المرضى الذين يعانون من متلازمة الألم الناحي المركبة للشفاء على الرغم من خضوعهم لمعالجات مختلفة مثل الإحصارات العصبية (nerve blocks)، والعلاج الطبيعي، والعلاجات الدوائية، وعدم الحركة (immobilization)، والمعالجات النفسية .
ويروى أن معدل انتشار أعراض متلازمة الألم الناحي المركبة يبلغ 10%. ويُعتقد أن امتداد الأعراض إلى مناطق أخرى يحدث بسرعة أكبر في حالة المرضى ذوي التدبير العلاجي السيء .
وعادة ما تكون نتائج العلاج مثل تفريج الألم، وتحسن القدرة الوظيفية، والهدأة remission بالنسبة لمتلازمة الألم الناحي المركبة غير كاملة .
وعلى الرغم من تسجيل بعض التحسن، إلا أن معظم المرضى يظلون يعانون من ألم شديد وإعاقة بعد تلقيهم للعلاج . ولا يزال التاريخ الطبيعي طويل الأمد لهؤلاء المرضى غير معلوم .
جرت دراسة واقتراح أنواع مختلفة من الاختبارات التشخيصية في محاولة للتحقق بصورة موضوعية من النتائج السريرية التي يمكن أن تساعد في التوصل لتشخيص متلازمة الألم الناحي المركبة. وقد وُجد أن أياً من هذه الاختبارات لم يكن قاطعاً بصورة ثابتة .
ويعرض الجدول 9 – 9 المقاربات التشخيصية التي وجدت ذات قيمة في دعم تشخيص متلازمة الألم الناحي المركبة .
الفيزيولوجية المرضية (pathophysiology) :
تعتبر الآلية الباثولوجية لابتداء واستدامة أعراض متلازمة الألم الناحي المركبة غير معلومة . ويتمثَّل الموضوع الشائع الذي يتم استخدامه لتفسير سبب وديمومة الألم والموجودات الجسدية الأخرى في تحسُّس (sensitization) المُدخلات المحيطية الذي يؤدي إلى فقدان آليات التثبيط المركزية .
وتشير الأدلة التجريبية الأخيرة إلى دور المستقبلات الأدرينية ألفا 2 في آلية الاستثارة والتحسُّس لمستقبلات الأذيَّة (nociceptive receptors) المحيطية .
وغالباً ما تزداد كثافة المستقبلات الأدرينية ألفا2 بصورة كبيرة في جلد المرضى المصابين بمتلازمة الألم الناحي المركبة ، بالمقارنة مع أفراد المجموعة الضابطة الأصحاء .
وهذا يفسر التدفق الودي المتزايد الذي يُرى لدى العديد من مرضى متلازمة الألم الناحي المركبة . ويُعتقد أن كلا النوعين التشخيصيين لمتلازمة الألم الناحي المركبة يشتركان في هذه العملية الباثولوجية
وقد نشرت الجمعية الدولية لدراسة الألم (IASP) عدة معايير لأنواع متلازمة الألم الناحي المركبة من النوع الأول والثاني (الجدول 9 – 7) .
تقييم المرضى :
يؤدي استبعاد جميع الأسباب المحتملة الأخرى لأعراض المريض إلى تشخيص متلازمة الألم الناحي المركبة . ويمكن أن تحاكي اعتلالات الأعصاب، وانضغاط الأعصاب، واضطرابات الألم المركزية أعراض متلازمة الألم الناحي المركبة . وكما هو محدد في الجدول 9 – 7، يجب تلبية معايير متعددة للتوصل إلى هذا التشخيص.
وبسبب التأثير المحتمل على حياة الشخص وتكلفة الإعاقة والرعاية، ينبغي اتخاذ تشخيص متلازمة الألم الناحي المركبة بعناية ، وبعد القيام بتقييم كامل وشامل لحالة المريض . وقبل وَسْم أحد المرضى بهذا التشخيص ، احرص على ضمان تلبية المعايير المذكورة في الجدول 9 – 7 بصورة ملائمة .
قد تكون أعراض متلازمة الألم الناحي المركبة موجودة أو لا بشكل متزامن لدى أحد المرضى . ونظراً لذلك، فإن تشخيص متلازمة الألم الناحي المركبة غالباً ما يعتمد على تاريخ السوابق المرضية للمريض
إضافةً إلى ذلك، وعلى حسب العلاج وقدرة المريض على التكيف مع الألم، فإن المرضى لا يتعرَّضون للضمور (atrophy) سوى بنسب ضئيلة بسبب استمرار استخدام الطرف المتضرر . وقد تمتد بعض أو كل هذه الأعراض إلى الجانب المقابل .
يحدد الجدول 9 – 8 النتائج السريرية الشائعة لدى المرضى الذين يعانون من متلازمة الألم الناحي المركبة .
العلاج :
كلما تمَّ التعرف على مجموعة الأعراض ومعالجتها مبكراً ، كان التكهن بسير المرض أفضل . حيث إن علاج أياً من نوعي متلازمة الألم الناحي المركبة يبدأ بالمبدأ القائل بأن المريض يجب أن يستخدم الطرف المصاب مهما كان الألم الذي يشعر به من جراء ذلك .
وغالباً ما يُعتبر الدعم العاطفي هاماً للغاية لتشجيع المشاركة، وتحفيز المريض، والمحافظة على التزامه بهذه الأنظمة العلاجية الصعبة .
ويتم استخدام أنواع متعددة من المداواة، وإحصارات الأعصاب، والمعالجات التدخلية الأخرى للتحكم بالألم حتى يتمكن المرضى من المشاركة في المعالجات التأهيلية .
يميل المرضى إلى عدم استخدام ذلك الجزء من الجسم الذي يشعرهم بالألم . وبدلاً من ذلك، يجب أن يعملوا ضد ميلهم هذا وأن يستخدموا ذلك الطرف، وإلا فإنهم سيخاطرون بفقدان وظائفهم بسرعة ، وهو ما قد يؤدي إلى قسط المفصل ankylosis مع الإصابة بضمور وحثَل dystrophy نهائي .
وإن إعادة توجيه الجهاز العصبي المركزي لتقليل التحسُّس المركزي، الذي يُعتقد أنه السبب الكامن وراء الإصابة بمتلازمة الألم الناحي المركبة ، قد يكون أمراً مفيداً .
وينبغي أن تتضمن الخطة العلاجية متعددة التخصصات على تدبير دوائي بالإضافة إلى إعادة تأهيل الطرف المصاب والدعم النفسي . ونظراً للطبيعة التي لا يمكن توقعها لمتلازمة الألم الناحي المركبة والتدهور المفاجئ المحتمل للطرف المصاب، فإنه ينبغي القيام بتقييم متكرر للحالة .
كما أنه ينبغي بدء مقاربات أكثر قوةً مثل إحصارات الأعصاب والمعالجات الجائرة الأخرى في حالة ما إذا لوحظ وجود تدهور . وتتوافر العديد من الأنواع المختلفة للمعالجات الجائرة، من بينها إحصارات الأعصاب الجسدية والودية وتناول الأدوية بصفة مستمرة .
كما يعتبر تحفيز الحبل الشوكي والتسريب داخل القناة الشوكية intrathecal infusion طويل الأمد من الطرق المساعدة أيضاً في الاستعلانات السريرية المعندة .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]