محاكمة جاليليو في روما
1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول
صبري الدمرداش
KFAS
محاكمة جاليليو روما أحداث تاريخية المخطوطات والكتب النادرة
ومع ذلك … فهي تدور!
ظل جاليليو طليقاً، وإن كان مداناً، ولسنواتٍ سبع لم ينشر هو شيئاً، فلقد أفلحت الكنيسة في إسكاته.
غير أنه في عام 1622 بدأ تطور جديد مبشر بتغير لصالح جاليليو، إذ أصبح صديقه ومؤيده الكاردينال (بادبريني) هو البابا الجديد.
ومع أنه لم يكن في استطاعة هذا البابا الجديد إلغاء القرارات القديمة ضد كوبرنيكوس، إلَّا أنه لم يمنع مناقشة نظرياته كمجرد نظريات تخطئ وتصيب.
وهكذا دبت الحياة في جاليلو من جديد، ونشر في عام 1622 كتاباً جديداً أسماه (المحاورات) يتضمن نقاشاً بين أنصار أرسطو وأنصار كوبرنيكوس عن تصور كل منهم للكون.
وقد وافقت الرقابة أولاً على صدور الكتاب، إلا أنه سرعان ما جُمع من المكتبات، لأنه لم يكن من الممكن على الكنيسة أن تتجاهل مثل هذا التحدِّي لسلطتها بينما ملك السويد في الشمال يقلب الموازين على جيوش الكاثوليك بحيث كانت الكنيسة ذاتها في كف القدر. والحق أن عدد الأرسطيين في مجلس البابا كان ساحقاً، وكانوا جميعاً في انتظار فرصة تصفية الحساب مع جاليليو!.
وهكذا صدر في نهاية عام 1622 أمرٌ من مكتب البابا في روما إلى جاليليو بأن يحضر إلى روما ليواجه المحاكمة!.
كان جاليليو مريضاً عندما صدر الأمر بمحاكمته، وأصدر الأطباء شهادة رسمية بذلك، وقالوا : (إن جاليليو طريح الفراش، وانتقاله يجعله معرضاً لا لأن يذهب إلى روما بل لأن يذهب إلى العالم الآخر!). بيد أن أعداءه لم تلن لهم قناة فأوعزوا لرجال محكمة التفتيش بضرورة القبض عليه، مهما كانت حالته، وتقييده بالسلاسل وحمله إلى روما.
وفي روما حيث صقيع الشتاء في يناير عام 1623 وصل عالمنا وهو أقرب إلى الموت منه إلى الحياة، وعندما صار أمام قضاته لم تكن حالته الجسمية أو الذهنية تسمح له بالدفاع عن نفسه.
ومضت شهور ستة والمحاكمة مستمرة، ورغم التأييد الذي كان يلقاه جاليليو من المفكرين والأحرار من العلماء الكاثوليك.
بل وبعض رجال الكنيسة أيضاً، فقد حقَّقت المحكمة غرضها وأرغمته في 22 يونيه عام 1623 على اعتبار أفكار كوبرنيكوس خاطئة وأنه لم يعد مقتنعاً بها منذ اللحظة التي طلب منه التخلي عنها وخاصة إنكار اعتقاده بدوران الأرض.
وأن يقسم على ذلك قسمه الشهير : (أقسم أمام الكتب المقدسة، التي ألمسها بيدي، أنني أنبد وأحتقر معتقداتي السابقة، وأقر بأن خطئي كان ناتجاً عن الطموح والغرور والجهل المطبق، وأنا الآن أعلن على الملأ وأقسم بأن الأرض حول الشمس لا تدور !).
ويقال إنه بينما كان أصدقاؤه يقودونه إلى خارج المحكمة، وهو يرتعد، أخذ يتمتم : (…. ومع ذلك فهي تدور!!).
ويبين الشكل رقم (40) جاليليو أمام مجمع الكرادلة وهو يتمتم ويقول: ومع ذلك فهي تدور!.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]