الطب

مرض الملاريا”: ظهوره في العديد من الدول وأعراضه

1995 أمراض لها تاريخ

حسن فريد أبو غزالة

KFAS

مرض الملاريا الطب

نحن لا ننكر أن الملاريا مرض عانى منه إنسان ما قبل التاريخ، وما قبل الحضارات، بل قبل ذلك منذ أن كان هناك مخلوق أول يقف على قدمين قبل حوالي مليون عام، وأطلقوا عليه اسم "هوموسابين" وربما كان قبل ذلك أيضاً، حين كانت الملاريا شائعة بين القرود، وللاسف إنه لم يكن هناك أحد على الأرض يترك لنا أثراً نهتدي به إليها .

منذ الحضارات الأولى التي قامت في العشرة آلاف سنة الأخيرة من حياة الإنسان على الأرض، بدأنا نتلمس للملاريا أثراً نهتدي به، فقد كانت الحضارة المصرية القديمة في البداية هي التي تركت لنا وصف مرض سماه قوم فرعون باسم "آت" AAT، كان على ما يبدو من العرض الذي دونوه على أوراق البردي، أنه مرض الملاريا ولا غيره.!

وأهل التاريخ فيما بين سطورهم يؤكدون أن البعوض في مصر القديمة كان مشكلة، سببتها لهم مستنقعات الماء التي كان يخلفها فيضان النيل على الأرض من حوله، لهذا نجد "هيرودوتس" يقول في معرض حديثه عن أهل مصر: إنهم كانوا ينامون في أبراج عالية، حتى يكونوا بمنأى عن لدغات البعوض، لئلا يستطيع الوصول إليهم في طيرانه.

وعندما تناولوا حياة "كليوباترا" المشهورة في التاريخ، تحدثوا عن عادتها في النوم تحت ناموسية تحتمي بها من لدغ البعوض اللاسع، الذي كان منه الكثير في الإسكندرية بسب المستنقعات الكثيرة، ومياه البرك الآسنة التي تحيط بها.

 

ولقد عرف أهل الصين القدامى وجيرانهم من الهنود مرض الملاريا أيضاً، كما عرفوا معه ولا شك لدغات بعوض "الأنوفيليس"، لهذا فقد ترك هذا البعوض بصماته على نمط تفكيرهم، وعلى لفائف قراطيسهم التي تدون تاريخهم وعاداتهم.

فقد كانوا في الصين القديمة يعتقدون بثلاثة أرواح شريرة تتحالف ضد الإنسان وتصيبه بالمرض أولها تسبب له الصداع، ويتوهمونها مخلوقاً يحمل في يده مطرقة تدق بها على رؤوس ضحاياها، والثانية تسبب البرودة؛ لهذا فهي تحمل في يدها دلواً مملوءاً بالماء البارد تصبه على رأس ضحيتها، فيما الروح الشريرة الثالثة تحمل معها موقداً تحرق به ضحاياها.

وهذا هو كما ترى التسلسل الطبيعي لأعراض حمى الملاريا، من صداع، وبرودة مع رعشة، يعقبها حرارة شديدة، يخلع معها المريض ملابسه ويرفض كل أغطيته التي كان يطلب منها مزيداً في مرحلة البرودة والرعشة … إنها صورة الملاريا!

 

أما أهل الهند فقد أطلقوا اسم ملك الأمراض على معاناة تداهم صاحبها على هيئة برودة شديدة، تصاحبها رعشة، ثم تعقبها حرارة شديدة، وذلك في تكرار يومي أو هو يأتي يوماً بعد يوم وما هذا إلا حمى الملاريا التي كتب عنها كاتب هندي قديم في سنوات ما قبل الميلاد يقول:

"إن البطن في ناحيتها اليسرى تكون قاسية كالحجارة، ومنحنية مثل قوقعة سلحفاة"، لعله في وصفه هذا يتناول الطحال التي تتضخم عند الإصابة المزمنة بالملاريا، وهذه هي علامة يستدل بها الأطباء في يومنا هذا على مدى انتشار الإصابة بالملاريا، وتوطنها في موقع ما، حيث إن تضخم الطحال يعد مقياساً لاستيطان المرض في أرض ما، وانتشاره بين أهلها.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى