مشروع “الجينيوم البشري”
2016 العصر الحديث حتى الحاضر
جون كلارك مع مايكل ألابي وإيمي جان بيير
KFAS
كان مشروع الجينيوم البشري أحد أكثر المشاريع العلمية المشتركة قاطبة طموحا.
مثل المشروع رحلة استكشاف واكتشافات لطي اللثام عن التفاصيل الدقيقة للمخطط الجيني الموجود في كل خلية من خلايا البشر.
بدأ علم التخطيط الجيني مع أعمال عالم الجينات الأمريكي ألفريد ستيورتفانت (١٨٩١ – ١٩٧٠). فخلال مرحلة دراساته العليا استوعب ستيورتفانت مبداً أنه كلما كان جينان في كروموسوم واحد على مقربة من بعضهما كلما زاد احتمال انتقالهما من الكائن إلى أنساله. استخدم مبدأ الترابط الجيني هذا في البدء برسم خارطة جينية لذبابة الفاكهة (دروسوفيلا).
الجينوم هو مجموعة كاملة من الجينات أو التعليمات الجينية التي تشكل كائناً ما. ونظراً لأن جميع الكائنات ترث جيناتها من أسلافها السابقة فإن الجينوم يوفر معلوماتٍ هامة عن هذه الأسلاف.
ويؤدي أي خلل أو طفرة في الشيفرة الجينية إلى اعتلالات طبية تعرف بالاعتلالات الجينية، ويحدث هذا الأمر في جميع الكائنات بما فيها الإنسان.
الجينات تعليمات تحملها الكروموسومات. وتتكون الكروموسومات من الحمض النووي الديوكس الريبوي (DNA)، وقد نجح عالما الفيزياء الحيوية الأمريكي جيمس واتسون (١٩٢٨-) والإنجليزي فرانسس كرك (١٩١٨-٢٠٠٤) في فك طلاسم تركيب الــ DNA.
الجينوم البشري شيفرة تكتب بلغة ذات حروف أربعة G ، C ،T ، A. تمثل الحروف القواعد الكيميائية الغيونين والسايتوسين والثيامين والأدنين على التوالي، والتي ترتبط مع بعضها لتشكل «عتبات» سلم ملتوي في بناء جزيء الــ DNA.
ولد سيدني برينر (١٩٢٧-) لأبوين إنجليزيين في جنوب إفريقيا. قضى برينر معظم حياته العملية في دراسة الدودة المستديرة الصغيرة كانورهابديتس إليغانس. ونجح برينر في متابعة الانقسام الخلوي في هذا الكائن البسيط وكذلك تحفيز حدوث الطفرات.
ضمت أعماله أساسات التقانات التي استخدمت فيما بعد في أبحاث الجينوم البشري. التحق للعمل مع برينر في مختبر البيولوجيا الجزيئية بجامعة كيمبردج بإنجلترا عالمان شابان هما الإنجليزي جون سولستون (١٩٤٢-) والأمريكي روبرت هوروتــس (١٩٤٢-). عكف سولتسون على رسم مخطط كل خلية من خلايا الدودة المستديرة وتعقب تطورها منذ مرحلتها الجينينة الأولى.
بحلول عقد الثمانينيات من القرن العشرين توفرت التقانات اللازمة للبدء بعملية وضع أجزاء الأحجية في أماكنها لتحديد ترتيب جزئيات الــ DNA التي تشكل جينوم جميع الكائنات الحية.
بدأ سولستون ترتيب جينوم الدودة، وبذلك كان في صدارة الباحثين في هذا المجال عند انطلاق مشروع الجينوم البشري عام ١٩٩٠. كان المشروع مشروعاً تعاونياً مشتركاً بين مختبرات أبحاث عدة في مختلف بلدان العالم وبقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا.
كان هدف المشروع ترتيب حوالي ثلاثة بلايين حرف من الشيفرة الجينية للبشر لتحديد جميع الجينات على هيئة سلاسل ومن ثم توفير هذه البيانات للدراسات الحيوية. خُطط المشروع بحيث تكتمل البيانات كلها خلال ١٥ سنة. لكنه استغرق على أرض الواقع ١٣ سنة فقط.
قامت مجموعة سولستون في مركز سانجر بجامعة كيمبردج في إنجلترا بحوالي ثلث الجهد المبذول في المشروع، لكن الغالبية العظمى من نشاط الترتيب وقع على عاتق العلماء في الولايات المتحدة .
يرجع فضل السرعة التي حقق المشروع أهدافه بشكل رئيس إلى التقدم في تقانات الترتيب الذي كان رائده العالم المبادر جيه. كريغ فنتر (١٩٤٦-) من معهد أبحاث الجينوم.
في الوقت الذي تقدم فيه مشروع الجينوم البشري علمياً بشكلٍ سلسٍ وسريع، أخذت السياسة منحى آخر. ظهر خلال العمل في المشروع الكبير تصدع أخلاقي بين جهة التمويل الخاص، ممثلا بشخص فنتر، وفرع التمويل العام الذي قاده بشكل رئيس سولستون.
من جانب آخر كان فنتر مسئولاً عن شركة تدعى سيليرا موّلت القسم الأكبر من مشروع الجينوم البشري على أمل تحقيق أرباح ببيع نتائجه. لكن سولستون كان معارضاً لفكرة إمكانية «امتلاك» بيانات الجينوم البشري أو تسجيل براءة اختراع له مما ولد نزاعاً مراً بين العالمين .
نشرت في فبراير عام ٢٠٠١ مجموعتان من نتائج المشروع في دوريتين متنافستين؛ دورية نيتشـر (الطبيعة) الإنجليزية ودورية ساينس (العلم) الأمريكية.
تضمنت المجموعتان المنشورتان تفاصيل النسخة الأولية الكاملة من نتائج مشروع الجينوم واحتوتا قائمة يثلاثة بلايين قاعدة مشكلة حوالي ٩٠ بالمئة من المشروع بأكمله. وتم نشر السلسلة الكاملة للجينوم البشري عام ٢٠٠٣.
قد يبدو للإنسان العادي أن الجينوم البشري سلسلة طويلة لا يمكن استيعابها، لكن المفاجأة أنها تحتوى على عددٍ قليلٍ من الجينات – حوالي ٢٥,٠٠٠ فقط. هذا العدد يقل كثيراً عما توقعه العلماء الذي يتراوح ما بين ٥٠,٠٠٠ إلى ١٢٠,٠٠٠ جين. والحقيقة أن عدد الجينات البشرية لايزيد عن ضعفي عدد جينات ذبابة الفاكهة.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]