علوم الأرض والجيولوجيا

معالم قاع المحيط

1998 الموسوعة الجيولوجية الجزء الخامس

ترجمة أ.د عبد الله الغنيم واخرون

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

معالم قاع المحيط المحيط قاع المحيط علوم الأرض والجيولوجيا

إن قيعان المحيطات ليست مستوية دائماً بل يمكن تمييز ثلاثة قطاعات مورفولوجية رئيسية لهذه القيعان وهي:

1- الأرصفة القارية (The continental Margins)

2- أحواض أعماق المحيطات (The Deep – Ocean Basins)

3- سلاسل الجبال المحيطية المتوسطة (The Mid – Oceanic Ridges)

 

وتحيط الأرصفة القارية بالمحيط الأطلسي والمحيطات الأخرى المماثلة له، وهي تتكون من حواف القارات التي غمرتها المياه ومن مناطق الجرف القاري.

وتعتبر مناطق انتقالية بين القارات وبين أعماق المحيطات، وتشكل الأرصفة القارية نحو سدس سطح الأرض.

ويتراوح عرضها من بضعة كيلومترات إلى عدة مئات من الكيومترات، ويبلغ متوسط عرضها 65 كيلومتراً وأوسع الأرصفة القارية في العالم نجدها عند سواحل سيبريا الشمالية في الاتحاد السوفييتي.

 

حيث يمتد الرصيف القاري هناك مسافة 1260 كيلومتراً عن الشاطئ تحت الماء وقد تكون حواف الرصيف القاري ذات سمات ترسيبية أو ناجمة عن تأثير عمليات الحت الميكانيكي ويلي الرصيف القاري منطقة ذات انحدار شديد يطلق عليها اسم الجرف القاري (Continental Slope).

وهو منحدر يمتد إلى عمق ألفي متر تحت سطح البحر، وتنهال على هذا الجرف من الرصيف القاري ألوف الأطنان من الرسوبيات والمياه المسحوبة معها مؤلفة تياراً هائلاً يدعى باسم التيار العكر.

ونتيجة لتكرار تلك التيارات العكرة على سطح الجرف القاري فإن ذلك يؤدي إلى تكوين أخاديد طويلة ضخمة وعميقة.

 

ثم تتوقف تلك التيارات العكرة في نهاية المنحدر لتستقر فوق منطقة أقل انحداراً من الجرف القاري لكنها مرتبطة به ومتتمة له تدعى التلعة القارية (continentral Rise).

وتوجد فوق الجرف القاري أخاديد محيطة بعضها مستقيم وبعضها منكسر. وتنشأ بعض هذه الأخاديد عن الصدوع والبعض الآخر عن التيارات العكرة، ويتراوح عمق التلعة القارية بين ألفي متر وثلاثة آلاف متر والتلعة القارية أقل انحداراً من الجرف القاري.

وتغطي الرواسب العضوية (والتي غالباً ما تكون من الحجر الجيري) كلا من الجرف القاري والتلعة القارية.

 

ويلي التلعة القارية منطقة تدعى الأعماق الخضمية أو اللجية (Pelagic Depths) تؤلف أكبر رقعة من مساحة أعماق المحيطات.

وهي تبدأ من عمق ثلاثة آلاف متر تحت سطح الماء حتى تصل إلى عمق خمس آلاف متر تحت سطح الماء حتى تصل إلى عمق خمسة آلاف متر، ثم تليها منطقة الأعماق السحيقة أو الحضيض اللجي التي يزيد عمقها على خمسة آلاف متر. وقد يصل إلى عمق أحد عشر ألف متر أو أكثر.

وتوجد في أعماق المحيطات سلاسل جبلية ضخمة يزيد طول بعضها على خمسة آلاف كيلومتر، وفي مقدمتها السلسلة الأطلسية التي تمتد على طول المحيط الأطلسي بدءاً من جزيرة ايسلندة قرب خط عرض 55° شمالاً ويحف بها من الشرق والغرب أخدودان عظيمان، تتراوح أعماقهما بين أربعة الاف وستة آلاف متر.

 

وتطل السلسلة على هذين الأخدودين من ارتفاع 1800 متر حيث يشكل هذا الارتفاع حاجزاً تحت الماء بين القسم الشمالي والقسم الجنوبي للمحيط الأطلسي وقد ترتفع في مناطق أخرى على شكل قمم بارزة فوق سطح الماء.

لتشكل العديد من الجزر مثل جزر الأزور (Azor) ولا تختلف تضاريس أعماق المحيط الهادي واحتوائه على أهم أخاديد الأعماق البحرية في العالم (والتي من أهمها أخدود كوريل في شمال شرقي اليابان الذي يبلغ عمقه 10540 متراً، وأخدود مارياناس شرقي جزر الفلبين الذي يبلغ عمقه 14500 متر)

كما تشابه تضاريس الأعماق في كل من المحيطين الهندي والمتجمد الشمالي من حيث التنوع تضاريس المحيطين الهادي والأطلسي.

 

وتتسم رسوبيات حضيض المحيط بقلتها حيث لم يزد سمكها خلال ملايين السنين – حسبما بينته الموجات الاهتزازية (السيزمية) على 350 متراً في قاع المحيط الهادي وعلى 650 متراً في قاع المحيط الأطلسي.

ومرد ذلك يعود إلى احتفاظ أعماق الرصيف القاري والجرف القاري والتلعة القارية بمعظم الرسوبيات التي تأتي من اليابسة، فلا يصل إلى الأعماق المتوسطة أو السحيقة منها إلا النزر اليسير.

ويرتبط شكل تضاريس أعماق المحيط بعوامل باطنية حركية (تكتونية) لا تزال حتى اليوم تؤثر فيها، إذ إن الصدوع والأخاديد المحيطة بتلك الأعماق أو المتنشرة فيها أصبحت مناطق الضعف الكبرى في القشرة الأرضية لذلك فإن الزلازل يتكرر حدوثها في تلك المناطق.

 

كما أن البراكين الثائرة تحت المحيط أو التي ارتفعت مخاريطها حتى علت عليه لا يزال بعضها نشطاً يقذف لاباته (Lava) باستمرار، أو هو هاجع يثور بين حين وآخر.

وعلى الرغم من أن عوامل مشتركة كانت قد شكلت تضاريس اليابسة والحضيض البحري، إلا أن الفارق يكمن في حدة تضاريس هذا الحضيض التي حفظتها المياه من تأثير عوامل الحت التي تواجهها تضاريس اليابسة.

إن التناظر بين ليثولوجية وعمر قشرة القارات والمحيط، يمكن شرحها بواسطة نظريات انتشار قاع المحيط (Sea – Floor Spreading) وتكتونية الصفائح (Plate Tectonics).

 

ومن الافتراضات الأساسية لهذه النظريات أن الصفائح التي تتكون منها القشرة الأرضية تتحرك باستمرار بالنسبة لبعضها والذي يسمح بهذه الحركة: الطبقة اللدنة الواقعة بين الغلاف الصخرية ونطاق الانسياب (Asthenosphere)

ونتيجة لهذه الحركة فإن الصفائح تصطدم ببعضها أو تنفرج بعيداً عن بعضها ويتسبب ذلك في كل الظواهر الحركية (التكتونية) للقشرة الأرضية.

وتفترض نظرية تمدد قاع المحيط أن قشرة محيطية جديدة يتم تكونها نتيجة لتصاعد مواد الصهير الآتية من أسفل من نطاق الانسياب.

 

حيث تصعد هذه المواد عمودياً تحت السلاسل الجبلية الطولية الموجودة في أعماق المحيط ثم تنتشر أفقياً في الجزء العلوي منها، رافعة قاع المحيط على جانبي هذه السلاسل. وفي الناحية المقابلة للسلاسل (Ridges) وعلى طول الأخاديد تندفع الصفائح في اتجاه بعضها.

وهنا يجب أن يحدث انكماش في الصفيحة ليعادل التمدد في الجهة المقابلة على طول السلسلة الجبلية.

ويتم ذلك بانزلاق إحدى الصفائح تحت الصفيحة المقابلة وغوصها في نطاق الانسياب (الأسينوسفير) حيث ترتفع درجة حرارة ذلك الجزء الغائص ويتحول إلى صهير (Magma) تندفع إلى أعلى على هيئة نشاط بركاني على حواف القارات أو في أقواس الجزر.

 

وباختصار يحدث إمداد للصفائح على طول السلاسل الجبلية المحيطة واستهلاك لها على طول الأخاديد، وهكذا تظهر الجزر البركانية على هيئة قوس جزر نتيجة النشاط البركاني الناشئ عن صعود الأجزاء المنزلقة بعد انصهارها في نطاق الانسياب.

وحينما تكون الصفيحتان المصطدمتان إحداهما قارية والأخرى محيطية، تتكون سلسلة جبال عالية أمامها أخدود محيطي. وقد يحدث عند تصادم جزء قاري مع جزء محيطي من صفيحتين متقابلتين، أن تنزلق شرائح القشرة المحيطية فوق الجزء القاري لتكون جبال تعرف باسم اوفيوليت (Ophiolites).

وقد استنتجت أدلة جيوفيزيائية تتعلق بانتشار أو تمدد قاع المحيط مثل توزع الشذوذ المغناطيسي الممثل بالأحافير المغناطيسية، فنظراً لأن قشرة قاع المحيط بازلتية (ومن المعروف أن البازلت يتضمن نسبة ضئيلة من المعادن المغناطيسية).

 

فإن البازلت عندما يصل إلى السطح يتجمد وتحافظ المواد المغناطيسية فيه على اتجاه المجال المغناطيسي في ذلك الوقت، ومن هنا فإنه يصبح من السهل التحري عن الاختلافات المغناطيسية للمجالات المغناطيسية لصخور قاع المحيط.

وتتخذ توزعات الشذوذ المغناطيسي لقاع المحيط امتدادات طولية على شكل أشرطة مغناطيسية متوازية، ذات خصائص قوية أو ضعيفة أو موجبة أو سالبة. وهذا التوزيع ليس عشوائياً، وإنما يظهر حقيقة لتباين في مغناطيسية الصخور.

وتكمن أسباب هذه التباينات حقيقة أن المجال المغناطيسي للأرض يعكس أحياناً خصائصه القطبية، فيصبح القطب المغناطيسي الشمالي قطباً مغناطيسياً جنوبياً والعكس بالعكس، وعندما يتمدد قاع المحيط من مراكز التمدد في كلا الاتجاهين، تتناوب سلسلة من الكتل الصخرية الممغنطة العادية والمعكوسة على كل من الجانبين.

 

ويمكن إجراء مسح مغناطيسي لهذه الصخور بواسطة جر جهاز قياس المغناطيسية (Magnetometer) على سطح المحيط فوقها.

وقد دلت الدراسات المغناطيسية التي أجريت أن أغلب المحيطات الحالية بدأت انفراجها في فترات زمنية لا ترجع في قدمها إلى أبعد من عصر الجوارسي.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى