مفهوم التتابع طبقاً لـ”بياجيه” ومراحل نموه وتطوره لدى الأطفال
1995 مستويات النمو العقلي
الدكتور محمد مصيلحي الأنصاري
KFAS
مفهوم التتابع بياجيه العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة
لكن ما هو على وجه التحديد المحتوى المعرفي الذي يتشكل منه مفهوم الزمن ، هل هما التتابع والديمومة ومنهما تنبثق كل المحتويات المعرفية الثانوية ، كما حددها بياجيه ، أم أن هذا المحتوى المعرفي ينبغي أن يشتمل على "1-التتابع ، 2- التزامن ، 3- الترتيب ، 4- الديمومة ، 5- السرعة ، 6- مفهوم العمر" (عبد المجيد ، 78 : 360).
والحقيقة أن بياجيه قد تناول مفهوم التتابع ومفهوم الديمومة ، مبيناً ان كلاً منهما له مراحل نمائية ثلاث تتفق مع خصائص مراحله العامة في النمو العقلي المعرفي ، كما تنقسم كل من هذه المراحل الفرعية إلى مرحلتين فرعيتين ، أحداهم للأعداد والتحضير ، والأخرى للاكمال والإنجاز وهو من خلال عرضه لهذه المراحل وتفصيلاتها قد غطى كافة المفاهيم الثانوية ذات الصلة بمفهوم الزمن ، وعلى هذا الأساس نعرض فيما يلي كلاً من التتابع والديمومة طبقاً لبياجيه .
أما عن مفهوم التتابع ، فقد بدأ بياجيه تحليل مفهوم الزمن عند الطفل ، بدراسة الطريقة التي يربط بها الطفل بين حادثتين في سلسلة علمية بسيطة ، ولتكن مثل حركة الأجسام الساقطة ، وتقدم للطفل مجموعة من الصور تعرض لحركة الجسم الساقط.
على أن نعرض الصور على الطفل عشوائياً وله أن يختار منها الصور التي يراها معبرة عن الحركة المتتابعة الصحيحة لسقوط هذا الجسم ويشير بياجيه إلى أن ما نلحظه من عجز الطفل في بناء أو ترتيب الصور المطلوبة إنما يرتبط بالطبيعة التوفيقية أو التلفيقية بين الإدراك والتصور العقلي التي يتسم بها تفكير الطفل في هذا العمر .
ولإلقاء مزيد من الضوء على مفهوم التتابع عند بياجيه ، وبالرجوع إلى التجربة المتميزة التي صممها لهذا الغرض ، نجد أن هذه التجربة اعتمدت على تقديم زجاجتين في شكل ثمرة الكمثري الكبيرة ، إحداهما مقلوبة فوق الأخرى ، والعلوية مملوءة بسائل ملون ، يسقط عبر أسطوانة تربط بينهما ، ولا تسمح بسقوط السائل الملون إلا بنظام معين يؤدي إلى سقوط هذا السائل على ست مرات وأحياناً ثمانية.
وبعد مشاهدة الطفل لكل هذه التتابعات ، نعرض عليه مجموعة الصور العشوائية ليختار من بينها ما يراه معبراً عن هذا التتابع .
وقد استطاع بياجيه أن يحدد المراحل الثلاث لنمو وتطور مفهوم التتابع لدى الأطفال وذلك على النحو التالي :
أ- في المرحلة الأولى ، وهي التي تقع قبل خمس سنوات من العمر ، يكون الطفل عاجزاً عن ترتيب الأحداث في تتابع زمني مطابق لوقوعها ، لأنه يفتقد القدرة على الربط بين التتابع الزماني والتتابع المكني.
كما أنه يعجز عن استنتاج اتجاه الحركة من حدث آخر يقع أمامه ، وكل ما يستطيع هذا الطفل في محال التتابع يقتصر على الاحداث التي ترتبط بنشاطه الذاتي ، ويصف بياجيه إستجابات الاطفال في هذه المرحلة بأنها تكشف عن أن الطفل لا يفهم طبيعة المشكلة الخاصة بالتتابع .
ب- في المرحلة الثانية ، وهي التي تقع بين الخامسة والسابعة ، يصبح الطفل قادراً على تكوين مجموعات من الاحداث في سلاسل مفردة ولو بشكل جزئي.
ورغم ظهور بعض البنى المعرفية التي تمكن الطفل من تكوين تتابع زمني ومكاني في سلاسل مزدوجة إلا أنهم يعجزون في النهاية عن ترتيب هذه المستويات ، وترجع (السرسي ، 1990:92) نجاح الطفل أحياناً إلى المحاولة والخطأ.
كما ترجع فشله إلى عدم قدرته على القياس ، في حين يفسر بياجيه هذا التردد في النجاح والفشل في تكوين سلاسل متتابعة من الأحداث إلى أن الأطفال لا يستطيعون وحتى الآن التفكير في ضوء الترابط القائم بين الأحداث والحركات .
ج- في المرحلة الثالثة والتي لا تقع إلا بعد سبع سنوات من العمر ، فإن الطفل يستطيع أن يرتب الأحداث في تسلسل وأن يقيم سلاسل زمنية مزدوجة ، كما يصل إلى بناء تتابعات وتزامنات صحيحة سواء فيما يتعلق بالزمان أو المكان (Gruber & Voneche, 1977. PP. 547-549) .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]