البيولوجيا وعلوم الحياة

مكونات ووظائف عضو “الأنف” لدى الإنسان

2000 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثالث

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الأنف مكونات الأنف وظائف الأنف البيولوجيا وعلوم الحياة

الأنف هو باب جهاز التنفس في الفقاريات التي تتنفس الهواء، وخصوصا الثدييات.

فالتنفس الصحيح يجب أن يكون، في الأحوال المعتادة، عن طريق الأنف لا الفم. وذلك لأن الأنف معد لتنقية الهواء وتكييفه، والكشف عما قد يحمله الهواء من مواد، إذ أن الأنف عضو حاسة الشم أيضا.

وفي الإنسان يحتل الأنف موضعا متوسطا بارزا في الوجه، فيزيده تناسقا وجمالا. ويؤدي المنخران (أي فتحتا الأنف الخارجيتان) إلى تجويفين يفصلهما حاجز مرن، حتى لا يكون معرضا كثيرا للكسـر بسبب بروز الأنف.

 

ويفصل سقف الفم (الحنك) تجويفي الأنف عن تجويف الفم الذي يقع تحتهما.

ولكن هذه التجاويف الثلاثة تلتقي عند البلعوم. ويفتح في تجويفي الأنف تجاويف تمتد في عظام، الوجه، وهي التي نسميها "جيوب الأنف".

وينمو في المنخرين بعض من الشعر. وتجويفا الأنف مزودان بثنايا أفقية تزيد من مساحتيهما كثيرا. وسطحهما كله مغطى بغشاء يفرز مخاطا يجعله رطبا على الدوام، وتحمل خلاياه أهدابا مجهرية دقيقة. وهذا التركيب يجعل الأنف مكيفا تكيفا رائعا لوظيفته التنفسية.

 

فالشعرات التي تحرس المنخرين تحتجزان الشوائب الكبيرة التي قد يحملها الهواء. أما الشوائب الدقيقة فيتصيدها المخاط، كما أن الأهداب تعمل بحركتها الموجية المستمرة على دفعها إلى الخارج.

وسواد المخاط الذي نغسله عن أنوفنا عند الوضوء يشهد بهذه الخدمة الجليلة التي تقوم بها أنوفنا.

وثنايا تجويفي الأنف تكسـر من حدة اندفاع الهواء الذي ننشقه، كما أنها تطيل فترة ملامسة الهواء للغشاء المخاطي الغني بالشعيرات الدموية، فيدفا الهواء إن كان باردا.

 

كما أنه يترطب إن كان جافا. وهكذا يدخل الهواء في طريقه إلى الرئتين هادئا نظيفا رطبا، فلا يؤذي نسيجها الرقيق.

ولكن التعرض للبرد الشديد المفاجئ، والعدوى بالميكروبات، أو الحساسية لبعض المواد، قد يصيبنا بالزكام. وعندئذ يحتقن الغشاء المخاطي في تجويفي الأنف والجيوب المتصلة بهما، أي يتورم وتمتلئ شعيراته بالدم.

وتهيج الغشاء يجعل إفرازه من المخاط كثيرا وكثيفا. وهذا كله يجعل مرور هواء التنفس عسيرا، ويسبب لنا كثيرا من الضيق.

 

وهناك أدوية توضع في الأنف نقطا أو رذاذا، تعمل على تخفيف الاحتقان وفتح طريق الهواء. ولكن الاستعمال غير الرشيد لهذه الأدوية، دون إرشاد الطبيب، قد يضعف المقاومة الطبيعية للأنف، مما يساعد على امتداد العدوى إلى داخل جهاز التنفس.

وكثير من المواد تنبعث منها أجزاء دقيقة بالبخر أو الانتشار، فيحملها الهواء. وهكذا تكون لهذه المواد "روائح" تدل عليها. وجزء من الهواء الداخل إلى الأنف يرتفع بعد تنقيته إلى أعلى تجويفيه حيث يوجد "عضوا الشم"، خلف العينين تقريبا.

وهناك تذوب المواد التي يحملها الهواء في طبقة المخاط الرقيقة، فتحس بها نهايات عصبية متخصصة وتنقلها إلى عصب الشم، الذي ينقلها مباشرة إلى الدماغ (المخ).

 

فإذا أصيب الأنف بالجفاف، لسبب من الأسباب، لم يعد قادرا على الشم، لأن الروائح لن تصل إلى الأعصاب ذائبة في ماء المخاط.

ويدرك الدماغ طبيعة هذه الروائح التي تصل رسائلها إليه. وهكذا ينفتح أمامنا عالم الروائح الواسع: من روائح الأطعمة الطيبة التي تفتح شهيتنا لها وتنشط معدتنا لاستقبالها وهضمها، إلى روائح الزهور وعرف العطور التي ترتاح إليها نفوسنا.

ويستطيع الإنسان أن يميز بضعة آلاف من الروائح، فيتعرف كثيرا من المواد التي لا يكشف عنها مجرد النظر إليها. وكثيرا ما يختلط علينا "التذوق" و "الشم".

 

فالواقع أننا عندما نمضغ الطعام ونبتلعه تنبعث منه روائح تصعد إلى تجويفي الأنف فنشمها، وتزيد من مقدار إحساسنا بطعم الغذاء ونكهته.

ولهذا إذا أصبنا بالزكام، حال المخاط الكثيف دون وصول الروائح إلى عضوي الشم، فتضعف حاسة الشم عندنا، ويقل "تذوقنا" للطعام وتضعف شهيتنا له.

ولكن ينبغي ألا ننسـى أن للشم وظيفة وقائية أيضا. فالروائح المنفرة أو المؤذية، تنبهنا إلى الابتعاد عن مصادرها وتجنب استنشاقها.

 

وإذا طال تعرض الأنف لرائحة معينة أهملها ولم يعد يحس بها، ولكنه يستطيع أن يميز أي رائحة جديدة تصل إليه. وهذا شيء مريح، ولكن ينبغي أن نلتفت إلى أن عدم اهتمامنا برائحة غاز خانق عند أول شمنا له سوف يعتاده أنفنا، وفي هذا خطر كبير على حياتنا.

والأنف مزود أيضا بنظام آلي، يحدث دون وعي منا، وهو "العطاس" الذي يقذف المواد الغريبة والمهيجة بشدة، فيخلصنا منها.

ومع ذلك فحاسة الشم في الإنسان تعتبر ضعيفة جدا، إذا ما قورنت بحاسة الشم في كثير من الثدييات الأخرى، فهذه الحيوانات تعتمد على الشم في اهتدائها إلى غذائها أو فرائسها، أو التنبه إلى أعدائها فتفر منها قبل أن تفاجئها.

 

كما أن أفرادها يتعرف بعضها بعضا، وتحدد أماكن مساكنها ومناطق نفوذها معتمدة على حاسة الشم.

وكلنا نعلم كيف تتابع كلاب الصيد فرائسها، وكيف تكتشف كلاب الشـرطة المدربة المجرمين من مجرد شم آثارهم في أماكن ارتكابهم جرائمهم، وكيف تهتدي إلى مخابئهم والمواد التي يهربونها.

وللأنف وظائف أخرى، فإليه تنصـرف الدموع من عيوننا، كما أن الأطباء يعالجون مرضاهم ببعض الأدوية عن طريق استنشاقها بالأنف.

 

والأنف أيضا عضو مهم في النطق الصحيح، وذلك لرنين الأصوات في تجاويفها وجيوبها.

فالمصاب بالزكام والشخص الذي يسد منخريه، سوف يكون نطقه لحرفي الميم والنون، مثلا، نطقا يبعث على الضحك والسخرية!

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى