الطب

نبذة تعريفية عامة حول حالة “متلازمة داون” المرضية

2003 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الخامس عشر

عبد الرحمن أحمد الأحمد

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

متلازمة داون الطب

متلازمة «داون» حالة مرضية يولد بها نسبة ضئيلة (0.15%) من الأطفال. وهي ترجع إلى خلل في المادة الوراثية، ويصاحبها تخلف عقلي وجسمي.

وقد خضعت هذه الحالة لدراسة تفصيلية قام بها الطبيب الإنجليزي جون داون في عام 1866، ومن ثم سميت المتلازمة باسمه.

ومن أهم الملامح التي تميز المصابين بمتلازمة «داون» وجود ثنية من الجلد عند الزاوية الداخلية للعين؛ وهذا يجعل ملامح العينين تشبه تلك الخاصة بجنس المغول، ومن أجل ذلك كان يطلق على هذا المرض اسم «المغولية».

ولكن عدل عن هذا لأن إطلاق اسم شعب على حالة مرضية (لا تخصه وحده) يعد أمرا غير مقبول

 

ومن الملامح الأخرى التي تميز المصابين بمتلازمة «داون»: قصر القامة، ووجود ثنية من الجلد خلف الرقبة، ووجود فرجة بين الإصبع الأولى والإصبع الثانية في القدم، وصغر حجم الأذن، وقصر الأنف، ووجود عيوب في الأسنان كما يبدو الفم مفتوحا معظم الوقت ويبرز منه اللسان.

وإضافة إلى ذلك تزيد عند هؤلاء المصابين القابلية للعدوى بالأمراض، وتزيد بينهم الإصابة باللوكيميا (سرطان الدم)، وإعتام عدسة العين، والصرع، وقلة إفراز الغدة الدرقية وعيوب في القلب.

كذلك تتميز اليدان بالغلظ وأن أصابعهما قصيرة، وأن خطوط باطن اليد وبصمات الأصابع غير عادية.

 

وتتفاوت شدة الإصابة بهذه الآفات والأعراض في الحالات المختلفة، ولكن تلازم وجودها معا بسبب واحد، يجعلنا نسمي أمثال هذه الإصابات «متلازمات»، لأنها تجمع أمراضا متعددة متلازمة.

وقد أوضحت الدراسات العلمية أن نوى خلايا المصاب بمتلازمة «داون» تحتوي على 47 كروموسوما بدلا من 46 كروموسوما في الحالة السوية.

وقد اتضح أن الكروموسوم الزائد هو من رقم «21» بمعنى أنه يوجد بكل خلية عند المصاب ثلاثة كروموسومات من رقم «21» بدلا من اثنين، كالمعتاد.

 

وفي معظم الأحوال تنشأ هذه الحالة من اندماج حيوان منوي طبيعي يحتوي على 23 كروموسوما مع بويضة غير طبيعية تحتوي على 24 كروموسوما حيث يكون بها كروموسومان من رقم «21» بدلا من كروموسوم واحد.

وهكذا ينتج زيجوت يحتوي على 47 كروموسوما يعطي فردا مصابا بمتلازمة «داون» ومن العجيب أننا نلاحظ أن المصاب بمتلازمة داون لا ينقصه شيء في مادته الوراثية، بل إن عنده «زيادة» في مادة وراثية هي في أصلها مادة طبيعية.

وهذا يعني أن الخلل في التوازن هو الذي أحدث كل هذا الاضطراب.

 

والسبب في وجود الكروموسوم الزائد، هو خلل يحدث عند انقسام الخلايا المؤدية إلى تكوين الأمشاج (البويضات أو الحيوانات المنوية).

وذلك أن الطبيعي أن في هذا الانقسام تنصف الكروموسومات الستة والأربعون، فيذهب من كل زوج من الكروموسومات واحد إلى كل من المشيجين المتكونين.

أما في هذه الحالة الشاذة، فلا ينفصل الكروموسومان، بل ينتقلان معا إلى أحد المشيجين (الذي يصبح فيه كروموسوم زائد: أي 24 كروموسوما)، ويخلو الآخر من هذا الزوج (أي يصبح فيه كروموسوم ناقص: أي 22 كروموسوما). والمشيج الذي فيه كروموسوم زائد هو المسبب لتكوين طفل داون، كما قدمنا.

 

ويعتقد العلماء أن مبيض الأم ينتج البويضات المحتوية على كروموسوم «21» الزائد عندما تكون الأم متقدمة في السن.

وبمعنى آخر، إن احتمال إنتاج طفل مصاب بمتلازمة «داون» يزداد مع تقدم الأم في العمر. وتؤيد الإحصائيات هذا الرأي.

وهناك تفسيرات مختلفة لهذه الظاهرة؛ ومن أكثرها قبولا أن انقسام خلايا المبيض المؤدي إلى تكوين البويضات في الأنثى يستغرق وقتا طويلا.

 

وذلك لأنه يبدأ في جميع تلك الخلايا عند ولادة الطفلة، ولكنه لا يتم إلا في بعضها كل شهر بعد بلوغ الفتاة سن الإنجاب.

ويترتب على هذا أن البويضات التي تتكون في عمر متقدم تستغرق زمنا أطول (يعد بالسنين). وهذا يزيد من فرص تعرضها للظواهر الشاذة، كعدم انفصال الكروموسومين في الزوج الواحد، كما ذكرنا.

وهذا التفسير يعلل أيضا أن تكوين الحيوانات المنوية التي فيها كروموسوم زائد أقل كثيرا من نسبة حدوث ذلك في البويضات.

 

وذلك لأن الحيوانات المنوية تتكون دائما من انقسامات خلوية حديثة. وهذا يفسر لماذا كانت مسؤولية الأب في إنجاب طفل داون أقل كثيرا من مسؤولية الأم.

ويجب أن نلفت النظر هنا إلى أن احتمال إنجاب أطفال داون لا يورث، فهو ظاهرة فردية لا تنتقل من الأمهات والآباء إلى البنات والأبناء.

وينبغي أن نلفت النظر أيضا إلى أنه في عدد قليل من أطفال داون (نحو 4%)، لا يكون الكروموسوم «21» الزائد ظاهرا، بل ينتقل ويلتصق بأحد الكروموسومات كبار الأحجام (كرقمي 14 و15).

 

وفي هذه الحالة يكون العدد «الظاهري» ستة وأربعين كروموسوما. ولكن هذه الحالة تؤدي إلى أطفال داون. 

كما تؤدي إلى وجود أشخاص عندهم الكروموسوم «21» المنتقل الملتصق وآخر طليق؛ وهؤلاء لا يصابون بأعراض متلازمة داون، ولكنهم يورثونها إلى نسبة من أبنائهم.

وإضافة إلى علامات متلازمة داون التي ذكرناها، يمكن تشخيص هذه الحالة بفحص للكروموسومات من أي من خلايا الشخص المصاب، حتى في الخلايا المستمدة من الجنين الباكر، والجنين الذي لم يولد بعد.

 

وأطفال داون جديرون بأن يحظوا منا بمعاملة خاصة فيها الكثير من العطف والحب؛ وهم عادة أشخاص طيبون وديعون.

وكذلك يجب أن تيسر لهم وسائل التعليم والترفيه الخاصة التي تناسب حالتهم، مع العناية الطبية والصحية بكل مظاهر وأعراض المتلازمة. كذلك ينبغي استشارة العلماء المختصين في الأمراض الوراثية للإجابة على أية تساؤلات حول الموضوع.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى