نبذة تعريفية عامة عن “عصر الميوسين”
1998 الموسوعة الجيولوجية الجزء الخامس
ترجمة أ.د عبد الله الغنيم واخرون
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
عصر الميوسين علوم الأرض والجيولوجيا
العصر قبل الأخير من عصور دور الثلاثي التابع لحقب الحياة الحديثة، والذي يبدأ من نهاية عصر الاليجوسين إلى بداية عصر البليوسين.
ويشكل مع عصر البليوسين ما يعرف بالنيوجين. ويعتبر الجيولوجيين أن عمر الاكوتياني على الجزء الأسفل من الميوسين، بينما يرى البعض الآخر أنه الجزء العلوي من عصر الاليجوسين.
ويتميز الميوسين بفترتي غمر واسع وطغيان للبحر على اليابسة يفصلهما فترة انحسار تكونت خلالها بعض الجبال المحلية ذات الانتشار المحدود وقد تكون البحر الأحمر خلال عصر الميوسين.
وتشتمل صخور الميوسين على كافة أنواع الصخور الرسوبية البحرية والقارية، إضافة الى انتشار الطفوح البركانية، بينما يندر ظهور الكتل النارية الجوفية على سطح الأرض إلا في بعض الأماكن كالفلبين.
وقد أطلق سير تشارلز ليبل اسم ميوسين لول مرة على الجزء الأوسط من دور الثلاثي على اساس أن 18% من أحافيره ما زالت أنواعها تعيش إلى الآن في البحار على اليابسة.
وبالرغم من أن التتابع المثالي النموذجي لصخور الميوسين بدأت دراسته في تلال سوبيرجا (Superga Hills) بالقرب من تورينو بإيطاليا، إلا أن الكثير من أحافيره وبعض تقيسماته قد تمت بمناطق أخرى كتورينو وبوردو وداكس وحوض فينا، والذي يحتوي على تتابع شبه كامل وسميك لصخور الميوسين.
التقسيمات:
لم يحدد ليل الحدين السفلي والعلوي للميوسين، كما أنه لم يقسم العصر إلى وحدات طباقية أصغر، وقد ظلت تلك العملية صعبة بالنسبة لعلماء الأحافير اللافقارية والفقارية، وذلك للتشابه الكبير وعدم التباين في المحتوى الأحفوري لصخور الميوسين الأقدم والأحدث.
ومن المعلوم أن الاختلاف الرأسي في الأحافير الناشئ عن تطور الحياة هو الأساس في تحديد النطاقات الحيوية، والتي يبنى عليها تقسيم العمود الاستراتيجرافي (الطباقي) إلى وحدات أصغر.
ومما يزيد من صعوبة تحديد حدى الميوسين العلوي والسفلي، وتقسيم الميوسين إلى وحدات أصغر، عدم اكتمال تتابع الميوسين في غالبية مناطق العالم، واختلاف الأحافير في الترسبات البحرية عنها في الترسبات القارية. وأكثر المناطق الأوروبية احتواء على تتابع كامل لصخور الميوسين البحرية هي منطقة جوتلند.
ويقسم عصر الميوسين بأوروبا إلى ثلاثة طبقات:
ويطلق على التورتوني الهيلفيني بحوض فينا اسم الفيندبوني، بينما يطلق على رواسب البيرديجالي والهيلفيتي ذات الطبيعة البحرية العميقة بشمال إيطاليا اسم اللانجيني، وتستخدم مسميات أخرى لأقسام الميوسين في المناطق المختلفة من العالم.
ويعتبر بعض علماء الأحافير اللافقارية عمر السرماتي (ما بعد الفيندبوني) أنه الجزء الأعلى من الميوسين، بينما ينظر علماء الأحافير الفقارية إلى هذا العمر على أنه الجزء السفلي من عصر البليوسين اعتماداً على دراسة الأحافير الثديية.
وتتوضح صخور البرديجالي في أوروبا بشكل متوافق أو غير متوافق قليلاً على طبقات الاليجوسين، وفي كاليفورنيا تتزامن الطفوح والحمم والرماد البركانية للميوسين الأسفل مع التصدع الكتلي بالمنطقة، وأدى بروز كتلة صدع سييرانيفادا بغرب الولايات المتحدة إلى حيود المجاري المائية الغربية، مما أدى إلى بداية تكون رواسب فتاتية قارية كالطين السيليسي.
ويتميز الميوسين الأسفل بوجه عام بغمر شامل للبحار والمحيطات مما يجعلها على هيئة محيط كوني كبير مشابه لما ساد العالم أثناء عصر الايوسين.
وغطت بحار الميوسين السفلي في منطقة البحر الأبيض المتوسط في نطاقات تمتد من أوروبا إلى تركستان ومن سيرينيكا (Cyrenaic) مروراً بمصر (مكونة ما يعرف بمارل الجلوبيجيرينا، والذي يعتبر الصخر المصدر الرئيسي للنفط بمنطقة خليج السويس) وحتى إيران وترسبات الجاج (Gaj) ما يكافئها في الهند وحتى زنجبار وموزنبيق وسيلان.
كما غمر بحر الميوسين السفلي مناطق شرق الانديز واستراليا ونيوزيلندة ومنطقة كاليفورنيا – أوريجون – واشنطن.
أعقب ذلك خلال الميوسين الأوسط ما يعرف بحركات الميوسين الأوسط البانية للجبال (حركة ستيريان بأوروبا – حركة لويزيان وفترة زومان بكاليفورنيا، وحركة الثلاثي لشرق الهند).
وقد نشأ عن هذه الحركات تكون رواسب وصخور قارية بوسط أمريكا وسهل الهند العظيم، إضافة إلى رواسب بحار عميقة بأوروبا ورمال المولاسي بسويسرا.
وقد تتابع ترسيب الرواسب القارية والمحتوية على حفريات أشباه القرود وأخرى أشباه الإنسان في جنوب الهيمالايا إلى الفيلبين.
تلا ذلك فترة عمر واسعة رئيسية تعرف بفترة العمر البحر متوسطية الثانية. أدت تلك الفترة إلى تكون صخور رسوبية بحرية بمناطق عديدة من أوروبا وكاليفورنيا.
وانتهت تلك الفترة بانحسار شديد للبحر مع نهاية عصر الميوسين وبداية عصر البليوسين نتيجة لحركات ارضية واسعة كالحركات الرفائيلية والركامية بكاليفورنيا، مما أدى إلى ارتفاع سطح الأرض واتساع القارات وزيادة الاتصال بينها.
الحياة خلال الميوسين:
تنوعت وتعددت أنواع البطنقدميات في بحار الميوسين بشكل فجائي، بينما ظلت أنواع أخرى مستقرة من طائقة السائدة خلال عصر الاليجوسين، وازداد سمك وحجم أصدافها زيادة هائلة.
كما تكاثر وازداد حجم قنافذ البحر والدياتومات والمرجانيات والرأسقدميات والقشريات والحشرات والقروش ذات الأسنان الكبيرة بمناطق محددة، وانتشرت المنخربات الدققة بالمياه العميقة كالروتاليد، كما سادت المنخربات الكبيرة كالليبيدوسيكلين والميوجبسين بمياه البحار الدافئة الضحلة، والتي بادت في نهاية الميوسين وقد تأقلمت.
وبدأ في الظهرو ثدييات بحرية كالفقم وأسد البحر وشبيه بقر البحر واتخذت بعضها أشكالاً حديثة كالحيتان وبقر البحر وقد أدت بعض العوائق عصر الاليجوسين كالتأثير الحراري بالمناطق الباردة (مناطق خطوط العرض العليا) إلى انتشار الأسماك الصدفية الاستوائية.
وبالرغم من أن الأسماك الصدفية قد بدأت من الاليجوسين وربما من الايوسين إلا أن أكثرها انتشاراً الآن في العصر الحال (3-6) أنواع بدأت منذ عصر الميوسين.
وانتشرت الثدييات على اليابسة كتلك الموجودة الآن، فيما عدا عائلتين أو ثلاثاً، وتتمثل حيوانات أوراسيا في الدب والغزال والضبع والزرافة، وقد انتشر الماستورون والكلب الضخم لأول مرة بأمريكا الشمالية، ونتيجة لازياد المراعي والحشائش الخضراء وجدت وتطورت أنواع الحصان والجمل، وظلت الحيوانات الثديية لكل من استراليا وأمريكا الجنوبية ومدغشقر منفصلة بعضها عن بعض.
الحياة النباتية:
ازدهرت أصول نباتات الأخشاب الحمراء في الصين وكاليفورنيا، وقد أدت برودة الجو المتزايدة خلال حقب الحياة الحديثة، وإلى تغير (تحول) الأقاليم النباتية جغرافيا نحو خط الاستواء حيث الدفء على طول سلاسل الجبال الممتدة من الشمال إلى الجنب بمحاذاة المحيط الهادي.
بالرغم من تكدس النباتات نتيجة لتداخل الشواطئ كما الحال في ماليزيا والكاريبي، ويلاحظ انتشار أصول النباتات الحديثة على طول سلاسل الجبال الممتدة من الشرق إلى الغرب بالعالم القديم مكونة ما يعرف بفلورا الميوسين البحر متوسطية.
وقد اقام الإنسان الحديث زراعته وحضارته المتعاقبة بهذه المناطق واعتماداً على هذه الثروة النباتية الطبيعية.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]